IMLebanon

أرقام الوظائف الأمريكية القوية تحفزه…«داو جونز» 17 ألف نقطة

FinancialTimes

جيمس ماكينتوش

الإثارة الشديدة حول الأسهم في أواخر عام 1999 تم تصويرها بشكل رائع من قبل جيمس غلاسمان وكيفن هاسيت في عنوان كتابهما “داو 36000”. جادل المؤلفان بأن مؤشر داو جونز لأسهم الشركات الصناعية من شأنه أن يرتفع في غضون خمس سنوات إلى أكثر من ثلاثة أضعاف مستواه البالغ 10000 نقطة في ذلك الوقت. في الأسبوع الماضي اخترق مؤشر داو جونز مستوى 17000 نقطة لأول مرة، ساعده على ذلك أرقام الوظائف الأمريكية القوية والطمأنينة حيال أن الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة بهدف تفجير فقاعات أسعار الأصول. وحين نباشر الحسابات استناداً إلى الارتفاع منذ تاريخ نشر الكتاب، ينبغي لمؤشر داو جونز أن يبلغ 36000 نقطة في أواخر صيف عام 2036. المساهمون الذين اقتنوا الأسهم الأمريكية منذ الإفراط في الدوت كوم، أصيبوا بإحباط شديد. وعلى الرغم من أنهم كسبوا مالا، بما في ذلك أرباح الأسهم، إلا أن العائد الحقيقي بعد احتساب التضخم حول المؤشر الأوسع نطاقاً، ستاندر آند بورز 500، على مدى السنوات الـ 15 الماضية كان أقل من 2 في المائة سنوياً.
من السهل تقديم الحجة بأن الأسهم الأمريكية، على وجه الخصوص، ستصاب بخيبة مرة أخرى. إذ يتم تداولها عند أعلى المضاعفات من الأرباح المستقبلية المتوقعة لأي وقت، باستثناء تضخم فقاعة الدوت كوم وتداعياتها. ومقاييس الأرباح المستقبلية ترجع فقط إلى منتصف السبعينيات، لكن العمل الذي أجراه البروفيسور روبرت شيلر، من جامعة ييل، يظهر أن الأسهم كانت عند مضاعِف أعلى من عشر سنوات من الأرباح – تم تصميم الفترة لضمان سلاسة الدورات الاقتصادية – فقط خلال عام 1929 وفقاعة الدوت كوم. ومع انخفاض التقلبات بشكل غير عادي، ولأن الربحية تقريباً عند مستويات قياسية بالفعل، وأسواق سندات الشركات أصبحت ملأى بالرغوة والفقاعات الصغيرة، حتى محافظي البنوك المركزية أصبحوا يخشون أن تصبح الأسعار خارجة عن نطاق السيطرة.
وهناك ثلاث حجج لائقة لشراء الأسهم الأمريكية على الرغم من هذه المستويات المكلفة – وتبدو أسهم المملكة المتحدة والأسهم الدولية أفضل نوعاً ما. لكن ينبغي التعامل مع كل حجة بحذر.
أولا، ستستمر البنوك المركزية في العصف بالفقاعات إلى الأبد. وحتى عندما تبدأ في رفع الأسعار – الذي يحتمل أن يكون هذا العام في المملكة المتحدة ويزحف بالقرب من الولايات المتحدة – وعدت البنوك المركزية بالحفاظ على أسعار فائدة منخفضة لفترة طويلة. والمال السهل يولد أصولا باهظة الثمن، لذلك قد تذهب الأسهم إلى طبقات الجو العليا قبل أن تسوء الأمور.
وفي حين أنه من المنطقي أن تقلق لأن الفقاعات آخذة في التنامي، إلا أن من غير المعقول أن تحاول التوقيت لأعلى واحدة منها. ينبغي أن يكون المساهمون حذرين عندما تنطلق التقييمات نحو السماء، حيث لا توجد طريقة لمعرفة وقت الخروج؛ وحتى أولئك الذين يضعون أصابعهم على الفقاعة قد يقيمون فيها وقتاً طويلاً زائداً عن الحد، كما فعل جورج سوروس عام 2000.
ثانياً، العوائد المستقبلية من الأسهم قد تكون رديئة، لكن ربما يكون كل شيء آخر أسوأ من ذلك. السندات الأمريكية تقدم عوائد حقيقية تبلغ مجرد 0.3 في المائة لأجل عشر سنوات، في حين أن السندات الحكومية المرتبطة بالتضخم تضمن عائداً يقل قليلاً عن معدل التضخم، والسندات الخطرة لم تعد عالية من حيث العوائد.
المساهمون الذين يتخذون هذا النهج في حاجة إلى نوع من الجلَد. قد تكون الأسهم أفضل، لكن إذا بيعت السندات بكميات كبيرة وأسعار رخيصة أو إذا ذهب الغثاء عن السندات الخطرة، يمكن أن تمر الأسهم بوقت صعب – وربما سوق هابطة. المساهمون الذين تعلقوا بكل وسيلة ممكنة قد ينتهي بهم الأمر بالتفوق على حاملي السندات الذين يفعلون الشيء نفسه، لكن سيكون هناك إغراء للبيع في الوقت الذي تسقط فيه السوق. أولئك الذين اشتروا الأسهم الأمريكية في ذروة عام 2007 حققوا عائداً قدره 3.4 في المائة بعد التضخم منذ ذلك الحين، طالما أنهم لم يصابوا بالذعر ولم يبيعوا أثناء وجود الأسعار في القاع. ثالثاً، وربما الأكثر أهمية، المتفائلون لا يرون أن التقييمات مرتفعة بصورة فاحشة.
ريتشارد تيرنيل، كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في “استراتيجيات ألفا” ضمن صندوق بلاك روك، يتوقع أن تكسب الأسهم الأمريكية ما يقارب 4 في المائة فوق معدل التضخم على مدى العقد المقبل، مع أداء الأسهم غير الأمريكية على نحو أفضل قليلاً. وقد يكون هذا مخيباً للآمال، مقارنة بالماضي، كون الأسهم الأمريكية في المتوسط على مقربة من 6.5 في المائة فوق معدل التضخم على مدى القرن الماضي، لكن يعتبر هذاً جديراً بالاحترام بما فيه الكفاية. ويقول: “هذا ليس وقت الفرص الهائلة في الأسهم، لكن احتمال أن تعطي عوائد لائقة يبدو أفضل مما في أماكن أخرى”.
ويستند تقديره إلى عائد الأرباح، أي عكس معدل السعر/الربح الذي يتم تعديله لينسجم مع الدورة الاقتصادية – وهو ما يشبه مقياس البروفيسور شيلر، مع احتساب التدمير الحتمي للقيمة من قبل الشركات التي تفتقر إلى الكفاءة. والأمر المهم تماماً بالنسبة للعوائد التي افترضها هو أن التقييمات لن تتغير على نطاق واسع، في حين تنخفض الربحية إلى مستوياتها الطبيعية. ويقول تيرنيل: “يميل التقييم إلى أن يكون الأكثر قيمة (…) الولايات المتحدة أعلى من المتوسط، ولكنها لا تزال بعيدة عن المستوى المتطرف”.
ويتفق بن إنكر، رئيس توزيع الأصول في “غرانثام، مايو، فان أتيرلو” الذي تجنب فقاعة الدوت كوم، مع تيرنيل، في أن الارتداد من الربحية إلى مستويات عادية أكثر أهمية من التقييم. لكنه يتوقع خسارة بعد التضخم في الأسهم الأمريكية على مدى سبع سنوات، على افتراض أن كلاً من الربحية والتقييم سيعودان إلى معايير المدى الطويل.
وهناك اثنان من المقاييس الأكثر شعبية للتقييم يتوقعان عوائد لأجل عشر سنوات جيدة إلى حد معقول على مدى حياتهم. لكن في لحظة تشغيل الإجراء على المدى الأطول، فإن مقياس “النسبة” من البروفيسور شيلر، يشير إلى وجود ما يقارب الصفر من العائدات حسب الحالة الأساسية على مدى العقد المقبل. ومعدل السعر إلى الأرباح المستقبلية أكثر إيجابية، بالاعتماد على فترة أقصر.
وأولئك الذين يبحثون عن المعادل الحديث للتنبؤ ليكون مؤشر داو جونز 36000 نقطة بحاجة إلى للتفكير في أنه يمكن للربحية أن تستمر في تحدي الجاذبية – ربما لأن “رأسماليي المحاسيب” يتلاعبون في القانون للحد من المنافسة، أو لتظل أسعار الفائدة منخفضة إلى الأبد. ربما يقوم المساهمون بأداء حسن، لكن هذه النسخة من حالة التفاؤل تدل على وجود مستقبل غير سار بالنسبة للاقتصاد.