Site icon IMLebanon

الرفع المالي في عالم الصناديق الاستثمارية ينطوي على مخاطر كبيرة

FinancialTimes

جون أوثرز

هل يمكن لمديري الصناديق أن يشكلوا مخاطر تؤثر في سلامة النظام المالي؟ بدأت الأجهزة التنظيمية حول العالم بطرح هذا السؤال، وتمت الإجابة عنه بـ “ربما”.
رد مديري الصناديق كان: “فتشوا عن الرفع المالي”. تتحول فترات الركود إلى أزمات عندما يكون لدى الشركات الكثير من الرفع المالي، وخسارة صغيرة يمكن أن تجعلها غير قادرة على دفع ديونها. ما كان لبنك ليمان براذرز أن يفلس لو لم يكن لديه الكثير من الرفع المالي ــ وزواله لم يكن ليحدث ضرراً كبيراً إلى هذا الحد لو لم يوقع خسائر الائتمان على الآخرين.

عند انهيار صندوق لونج تيرم كابيتال مانجمنت في عام 1998، كان الرفع المالي الهائل له علاقة بالأمر. يمكن لأي شخص أن يوافق على أن صناديق التحوط ذات الرفع المالي الضخم يمكن أن تؤدي إلى انهيار أكبر. ومن المتفق عليه أن مختلف الداخلين الغريبين في العالم الخاضع للتنظيم، مثل الصناديق المتداولة في البورصة بالرفع المالي، يمكن أن تعاني مشاكل مماثلة.

لكن أين يوجد الرفع المالي في صندوق الاستثمار المشترك الأنموذجي “الذي يشتري بهدف ارتفاع الأسعار فقط”، والذي لا يفعل شيئا سوى الاستمرار في اقتناء الأوراق المالية، أو في صندوق التقاعد الأنموذجي؟ الانخفاض في السوق سيتسبب في انخفاض قيمة محفظته، لكن لن تكون له أي تأثيرات في سلامة النظام أبعد من ذلك. من رأي مديري الصناديق أنه دون الرافعة المالية، ببساطة لا توجد مخاطر تؤثر في سلامة النظام.

بالتأكيد، هم على حق عندما يقولون إن أي مخاطر نظامية يطرحها مدير صندوق كبير تختلف كثيراً عن المخاطر التي يطرحها أحد البنوك الكبيرة. لكننا نعيش في عصر الإلغاء المستمر لوساطة البنوك. وهذا ما يقود التغييرات في هيكل إدارة الصندوق. هل يخلق هذا أشكالاً جديدة من المخاطر النظامية الشاملة؟

إذا كنا ندخل عصر إدارة الأصول، كما سماه كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، أندرو هالدين، في كلمة ألقاها هذا العام، إذن سيكون الجواب نعم. السؤال الحاسم الآن هو ما إذا كان مديرو الصناديق يضخمون دورات السوق، أو يثبطونها. إذا كان الاحتمال الأول هو الصحيح، إذن هم يساهمون في المخاطر النظامية.

إنه يوحي بأن مديري الأصول تغيروا في ثلاثة جوانب على الأقل. إنهم يتحركون في الأصول غير السائلة. ويكونون، ولا سيما من خلال التحول إلى هياكل الصناديق المتداولة في البورصة، سلبيين على نحو متزايد ــ لأنهم يتبعون المؤشرات ــ بدلاً من أن يكونوا نشطين. (ويشجع هيكل الصناديق المدرجة في البورصة أيضاً التداول الأسرع). وأخيراً، حصة الأصول المدارة من قبل مديري الأصول التقليديين، الذين يديرون محفظة الأسهم التي يحاولون من خلالها التغلب على السوق، آخذة في الانخفاض.

لقد اعتادت هذه الصناديق على السيطرة على كل إدارة الأصول، لكن هي الآن في “منتصف التقلص” ــ رحلت عن طريق الصناديق السلبية في أحد الاتجاهات، والمروجين النشطين للأصول البديلة في الاتجاه الآخر.

وفي الوقت نفسه، أصبحت إدارة الأصول لعبة الحجم أكثر من أي وقت مضى، مع اللاعبين الكبار الهائلين حقاً. وهذا، كما اقترح هالدين، يمكن أن يخلق “عقلية القطيع” أو القوى المواتية للدورة. وأثناء الانهيار، خرجت صناديق المعاشات وصناديق التأمين القوية من المخاطر، عن طريق بيع الأسهم وشراء السندات ــ وهي قرارات من شأنها أن تميل إلى تضخيم البيع المكثف. وقامت أضعف الأموال فقط بأداء ما توحي به الحالة المعيارية واشترت الأسهم في هذا الموقف.

وعلى حد تعبير هالدين: “يبدو أن تلك الصناديق ذات الوضع الأقوى انحنت في وجه العاصفة وذهبت للاختباء، بينما تبدو الأضعف وكأنها انخرطت في مقامرة كبيرة”، مضيفا أن هذا من شأنه تضخيم دورات “عن طريق تصفية عملية اتخاذ المخاطر عندما تكون ضعيفة بالفعل”.

هل هو على حق؟ حجة آفي ناكماني، وهو محلل مخضرم في صناعة إدارة الصناديق في إنسايت استراتيجي في نيويورك، هي أن شركات إدارة الصناديق تعمل بالفعل لمواجهة التقلبات الدورية، ودحض محاولات السوق في أن تصاب بالجنون، بدلاً من دفع الأشياء بالتدريج.

أولاً، المستثمرون في صناديق الأموال المشتركة لا يخرجون منها بشكل سريع عندما ينتشر الذعر بين المهنيين كما يخشى كثيرون. حتى في تحطم ما بعد ليمان في تشرين الأول (أكتوبر) 2008، تمت تصفية تعاملات فقط بمعدل 2 في المائة من مستثمري مقتنيات صناديق الاستثمار المشترك في الولايات المتحدة.

ثانياً، المديرون أنفسهم يخففون من آثار هذه الانسحابات، بحيث يبقون السيولة بشكل معزول، عادة بواقع 5 في المائة. في تشرين الأول (أكتوبر) 2008، باعوا فقط 0.4 في المائة من أسهمهم ــ في سياق جعلهم ثقلاً موازناً ضخماً لاتجاه السوق.

أخيراً، معظم التدفقات إلى صناديق الاستثمار تأتي الآن من خلال خطط التقاعد المحزمة. وهذه لديها مخصصات كان تأثيرها الإجمالي هو ضمان التدفقات العادية في السوق، وفي الوقت نفسه عدم تشجيع الانسحابات، من خلال إعادة التوازن للحفاظ على توزيع الأصول الثابتة، بشراء مزيد من كل ما تحول إلى سلعة أرخص.

لكن لاحظ أن كثيراً من هذه الحجج تنطبق بوضوح أكثر على “الوسط المضغوط” للمديرين النشطين لفترة طويلة فقط. المستثمرون في الصناديق المدرجة في البورصة، الذين يجربون في البدائل، يبدون وكأنهم أقل صبراً. ويشعر المديرون التقليديون بالضغط لسبب وجيه ــ الرسوم التي تحملها منتجاتهم من المستحيل تبريرها.

إن نمو خطط مدخرات التقاعد الافتراضي، وهو ما يعني من الناحية العملية محاولة إعادة اختراع نظام أكثر أبوية للعالم الجديد، يبدو في وضع حرج. ليس فقط أن بإمكانه تفادي أزمة عدم كفاية الدخل في مرحلة التقاعد، وإنما يمكن أن يساعد أيضاً على تجنب الأزمة المالية التالية. وفي الوقت الراهن، الأجهزة التنظيمية على حق في مواصلة أسئلة التحقيق.