فراس أبو مصلح
استمر إضراب عمال شركة KVA لليوم الثاني على التوالي، مع توقف كافة دوائر الشركة في بيروت والبقاع عن العمل يوم أمس، مع تضامن العمال في مؤسسة كهرباء لبنان، الذين اعتصموا داخل حرم المؤسسة في بيروت، وأقفلوا صالة الزبائن التي تستخدمها شركات «مقدمي خدمات» الثلاث، مطالبين بـ«إسقاط» هذه الشركات.
دفعت شركة KVA نصف قيمة رواتب عمالها يوم أمس، وستدفع الباقي منها في غضون ثلاثة أو أربعة أيام، بحسب مدير الموارد البشرية في الشركة جمال حاطوم، فيما يؤكد رئيس لجنة المتابعة للعمال المياومين لبنان مخول، أن الإضراب مستمر حتى دفع كامل الرواتب، وتقديم تعهد من إدارة الشركة بدفع الرواتب عند أول كل شهر، «بغض النظر عن علاقة الشركة بمؤسسة الكهرباء». أثنى مخول على إعلان وزير المال علي حسن خليل نيته طلب التحقيق في ملف الكهرباء، مشيراً إلى أن «الشركات لا تقوم بأي عمل، وتقدم فواتير وهمية»، وقال إن هذه «أهم أسباب خسارة كهرباء لبنان»؛ وحذر من تكرار «اعتصام الـ99 يوماً» إذا لم يُحدد موعد الامتحانات المحصورة لتثبيت العمال في ملاك المؤسسة مع نهاية الشهر الجاري. في هذه الأثناء، تضيع المسؤولية عن أعمال الصيانة بين شركات «مقدمي الخدمات» الخاصة ومؤسسة الكهرباء، ففيما يقر حاطوم بمسؤولية شركته المبدئية عن الأمر، يوضح أن لا إمكانية فعلية لإصلاح الأعطال في ظل إضراب العمال، مبدياً امتعاضه لامتناع مؤسسة الكهرباء عن إرسال فرقها الفنية لإصلاح الأعطال في الظروف «الطارئة» هذه.
حديث متعاظم عن وجود فساد في تنفيذ عقود الشركات الخاصة
«يوجد الكثير من الشرفاء في مؤسسة كهرباء لبنان، وهم الحصن المنيع الذي يمنع شركات مقدمي الخدمات من السمسرة وإمرار الصفقات كما تشاء»، يقول مخول، متهماً «بعض المديرين» في المؤسسة بالتواطؤ مع الشركات الخاصة لإمرار الفواتير المضخمة، التي تتضمن بدلات عن أعمال مزعومة لم تتم فعلاً، ويبررون في اجتماعات مجلس إدارة المؤسسة ضخامة المبالغ التي تتقاضاها الشركات بـ«الخدمة الأفضل» التي تقدمها، فيما يجزم مخول بأن أياً من الخبراء غير مقتنع بجدوى تلزيم الصيانة والفوترة والجباية للشركات الخاصة. في هذا السياق، يلفت مخول إلى استقالة اللجنة المكلفة مراقبة أعمال الشركات واستلام وتدقيق فواتيرها مرتين خلال السنتين الماضيتين، بسبب خلافات ناتجة من شطب اللجنة المذكورة لبعض بنود الفواتير، و«وقاحة تعاطي» الشركات مع اللجنتين اللتين «لم تقبلا أن تكونا شاهدَي زور».
يراوح الفرق بين أسعار الخدمات التي تتقاضاها الشركات الخاصة والأسعار التي كانت تتقاضاها مؤسسة الكهرباء عن الخدمات نفسها بين 5 أو 6 أضعاف في المعدل، وتصل إلى 10 أضعاف في بعض الأحيان، بحسب مخول. وفيما تصل كلفة المتر المربع المبني في بناء عادي إلى 500 دولار، ويصل إلى 1000 دولار في الأبنية الفخمة «سوبر دولوكس»، التزمت الشركات إعادة تأهيل صالة الزبائن في مبنى المؤسسة ودوائرها في المناطق (أي جلي البلاط والطرش وتبديل الأدوات الصحية) بمبلغ 1200 دولار. ويشير مخول إلى أن المبلغ الذي دفعته الدولة لتأهيل صالة الزبائن وحدها بلغ 3 ملايين و700 ألف دولار! رغم كثرة الحديث عن الشفافية وتلزيم العقود عبر المناقصات، لا يُفرَج عن جداول الأسعار التي تتقاضاها الشركات، أو عن أرقام دفاتر الشروط ذات الصلة، يقول مخول، فيما يتحدث مصدر مطلع على تكاليف الصيانة عن أن كلفة تركيب عمود الكهرباء التي كانت 900 دولار حين كانت «كهرباء لبنان» تقوم بالتوزيع والصيانة، قفزت في عهد الشركات الخاصة «مقدمي الخدمات» إلى «أقل بقليل من 3 آلاف دولار، وأن المحول الأوتوماتيكي (كونتاكتور) الذي كانت تركبه المؤسسة لقاء 60 دولاراً، باتت الشركات تتقاضى ثمن تركيبه 480 دولاراً! يتحدث مخول عن «تقصير» في شتى المهمات التي تقوم (أو يُفترض أن تقوم) بها الشركات، قائلاً إن مخازن الأخيرة تكاد تخلو من البضاعة ولوازم العمل، فيكون طبيعياً عندئذ أن لا تتجاوب الشركات مع طلبات المواطنين بتركيب عدادات كهرباء، على سبيل المثال، ما يدفع هؤلاء إلى «التعليق» على الشبكة. يشير مخول في هذا السياق إلى مقابلة تلفزيونية جرت منذ بضعة أيام مع المدير العام لشركة BUS الملتزمة تقديم الخدمات في المناطق الواقعة شمالي بيروت، فادي أبو جودة، حيث قال الأخير إن الهدر على شبكة الكهرباء يبلغ 40% من الإنتاج، الهدر الفني منه 15%، والباقي سرقة وتعديات. يرى مخول أن كلام أبو جودة بعد أكثر من سنتين على تولي شركته مهماتها إدانة ذاتية، إذ إن من مسؤولياتها الأساسية ضبط الهدر.
الشك بوجود مبالغة في كلام مخول يبدده الحديث مع أحد العاملين في شركة KVA، الذي يجيب صراحةً عن سؤال «الأخبار» عن واقع الأعطال والاستجابة لها في ظل إضراب العمال (المياومين سابقاً) بأن شركته «لا تدري إن كانت مؤسسة الكهرباء تقوم بأعمال الصيانة أو لا»، وأنها «تحس» أن العديد من الأعطال يجري إصلاحه بشكل ما خلال الأيام الأخيرة!