تتسم يوميات وليالي شهر رمضان في البقاع، بالصور والمشاهد السورية التي حملتها معها آلاف العائلات السورية النازحة، وطبعت فيها كل نواحي البقاع وقراه، بعدما كانت تقتصر على الأضواء ومجسمات الزينة التي ترتفع معالمها وأشكالها وأنوارها على مختلف الطرق البقاعية، وواجهات المؤسسات السياحية والاستهلاكية في هذا الشهر.
فبطاولات «عرق السوس» الذي يباع على الطرق، إلى عربات الحلويات وواجهات أسماء محال بيع الحلويات التي تحمل أسماء «شامية» و«سورية»، انتهاءً بحفلات المدائح النبوية بعد الإفطار والسحور الشامي، استقبل البقاعيون شهر رمضان، ويبدو المشهد السوري واضحاً وجلياً في البقاع الأوسط، حيث يتركز العدد الأكبر من العائلات النازحة.
صحن الفتوش
إنما البارز وغير المعتاد في شهر رمضان الحالي، غياب الشكوى عند البقاعيين من ارتفاع أسعار الخضار التي كانت تقضّ مضاجعهم في السنوات الماضية، وتحرمهم من الإكثار من هذه الأصناف التي يطلق عليها البقاعيون في السابق توصيف «الخضار الذهبية»، في إشارة إلى أسعارها المرتفعة.
جرت العادة أن ترتفع أسعار الخضار في شهر رمضان من جراء الإقبال على صحن الفتوش الذي يعد من الأطباق الرئيسية واليومية، إنما، بعد جولة لـ«السفير» على الأسواق، لوحظ أن هذه السنة لم تطرأ اية ارتفاعات في أسعار هذه الخضار، بل على العكس، إذ يؤكد مزارعون في البقاع لـ«السفير» على نكبتهم من جراء انهيار أسعار منتوجاتهم الزراعية التي تباع اليوم بأبخس الأسعار، حتى ان بعض التعاونيات الزراعية تحجم عن الشراء بشكل كبير، نظرا للانخفاض المستمر في القيم المالية لهذه السلع الزراعية يوما بعد يوم.
ينأى البقاعيون هذا العام بأنفسهم عن الشكوى من ارتفاع أسعار الخضار، لكن هذه الشكوى تحولت إلى مئات المزارعين الذين يشكون من الأسعار الحالية التي يقول عنها المزارع يونس سعيفان بأنها «أرخص بحوالي 50 في المئة عن السنة الماضية»، موضحا لـ«السفير» أن «الانتاج الزراعي وفير، مقابل تراجع في حركة التصدير التي كان يعول عليها للتخفيف من حجم الكميات المعروضة في السوق اللبنانية التي تفوق كمية المطلوب».
البندورة والخس
في العام الماضي تجاوز سعر البندورة 1500 ليرة للكيلوغرام، في حين يبلغ السعر اليوم حوالي 700 ليرة، ويبيع المزارعون الشرحة التي تزن 10 كيلوغرامات، بأربعة آلاف، بعدما كانت تباع بين 10 و15 ألف ليرة السنة الماضية. وينسحب هذا الهبوط في الأسعار على أصناف الخيار والكوسى، علما بأن أسعار الخس والحشائش والبصل في أدنى مستوياتها هذا العام.
في هذا الاطار، لم تحمل يوميات رمضان ولياليه وموائده الافطارية الغنية بالخضار، حلا ناجعا للمزارعين الذين كانوا يأملون ثبات أسعار الخضار على الأقل، إنما يوميات الأسواق الزراعية تؤشر إلى استمرار التراجع في ظل اتساع رقعة حصاد وقلع المواسم، ما يزيد من حجم الكميات الانتاجية الزراعية التي تتكدس في المستودعات التي تترافق مع عقبات تعترض طريق التصدير.
لا يبالغ المزارع طوني شديد حين يصف السنة الحالية بـ«الأسوأ منذ عشر سنوات»، موضحا لـ«السفير» أنه اضطر إلى تأخير قلع وحصاد بعض انتاجه الزراعي من الخضار والبطاطا، لعل الأيام المقبلة تحمل تحسنا في الأسعار»، إلا ان شديد يستدرك قائلا: «لكنني لست متفائلا».