الفونس ديب
هل يمكن القول ان علمية اصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي انطلقت فعليا؟. فوزير العمل سجعان قزي الذي رأس اجتماعا استثنائيا لمجلس ادارة الضمان اول من أمس والذي حدد الثامن من اب المقبل والعاشر منه موعدا لعقد خلوة لمجلس الادارة، اعتبر ان هذا الامر بات ملحا في ضوء القضايا الكثيرة الشائكة التي تحوم حول الصندوق، وابرزها فضائخ الفساد والرشاوى التي كشفت اخيرا في بعض الدوائر والمكاتب. الا ان قزي لم يكتف بهذا القدر، اذ يعتبر ان عملية الاصلاح يجب الا تتوقف عند مكافحة الفاسد انما يجب ان تطال بالعمق تطوير الضمان وتحديثه على المستويات كافة لمواكبة التطورات الحاصلة على المستويين الاجتماعي والصحي.
ولم يغب عن بال قزي المهتم بالوصول الى آليات تنفيذية لكل الاقتراحات التي تم طرحها خلال الاجتماع، توجيه الانتقاد الى مجلس الادارة الحالي «غير المنتج»، مشددا على ضرورة تعيين مجلس ادارة جديد في اسرع وقت ممكن، مع ضرورة البحث بامكان تقليص عدد اعضائه الـ26 من ضمن التركيبة الثلاثية لتفعيله ورفع كفاءته وانتاجيته.
واستهدف قزي من الاجتماع تحريك عملية الاصلاح في الضمان الراكدة وتغيير السلوك المتبع في التعاطي مع ملفات ذات الشأن وأهمها تحسين الخدمات والتقديمات التي يوفرها الصندوق للمضمونين، وقد كان لها صدى ايجابي في اوساط الجهات المعنية في الضمان، لا سيما اصحاب العمل والعمال وحتى الموظفين.
قزي
وقال قزي في حديث الى «المستقبل» «طلبت اجتماعا استثنائيا لمجلس ادارة الضمان في ضوء الاشكالات الكثيرة التي رافقت عمل الضمان في الفترة الاخيرة لا سيما شكاوى المستشفيات من التأخر في دفع مستحقاتها، والتأخر في انجاز معاملات المضمونين، والفضائح التي حصلت في براءات الذمة وبعض المكاتب وكذلك وجود مؤشرات فعلية لفضائح اخرى، فضلا عن وجود شغور كبير في الوظائف«.
ورغم محاولات البعض وضع العصي في دواليب الاصلاح التي صمم قزي على اطلاقها خلال الاجتماع واصراره على عقد خلوة لمجس ادارة الضمان للسير بالآليات التنفيذية، فان قزي أكد ان اطلاقه هذه العملية لا غايات لها سوى رفع انتاجية هذا المرفق الاجتماعي الحيوي واصلاحه وتحسين تقديماته خدمة للمضمونين ومواكبة التطورات الحاصلة على المستويين الاجتماعي والصحي، داعيا في هذا الاطار الحكومة وكل الوزراء والمعنيين بالضمان من هيئات اقتصادية واتحاد عمالي عام الى دعم هذه العملية، لأنه لا يمكنه وحده تحقيق المعجزات خصوصا اذا كانت بهذا الحجم الوطني».
ولتحديد المسار بشكل ادق، نفى قزي ان يكون طلب اعفاء اعضاء مجلس الادارة الذين لا يحضرون اجتماعات المجلس، وقال «لقد طلبت أولا ان يحضروا الاجتماعات لممارسة مهامهم ومسؤولياتهم، وإذا تعذر ذلك فاننا سنطلب من الجهات التي يمثلونها باستبدالهم، وطلبت في هذا الاطار اعطاءنا لائحة بالاسماء». اضاف «النقطة الثانية التي ركزت عليها ان مجلس الادارة يجتمع بشكل دائم ودوري ولا يصدر قرارات مهمة كما لا يأخذ مبادرات اصلاحية الضمان بأمسّ الحاجة اليها، فيما جدول اعمال الجلسات عادي وباهت ولا يتضمن اي مشروع اصلاحي او نهضوي، وهذا غير مقبول. فالضمان منذ تأسيسه عام 1963 لم يطبق فيه اي مشروع اصلاحي». واشار الى وجود الكثير من الدراسات الموضوعة من قبل مؤسسات دولية وخبراء لتطوير الضمان وخدماته وادائه، كما ان هناك دراسات تقويمية لاوضاع الضمان فيها ادانة لوضعه ودراسات اخرى تقترح خارطة اصلاحية، و«من المؤسف ان جميعها وضعت في الادراج وبعض منها تم التكتم عليه.. وهذا يسيء الى الضمان الذي يعتبر أهم مؤسسة، ولديه موظفون كفوءون ولا يجوز لقلة منهم أكانت في مراتب دنيا او عليا، الاساءة اليه«.
وطلب قزي خلال اجتماع عقده منذ شهرين مع مجلس ادارة الضمان، عقد خلوة، الا انه لم يتم تحديد موعد لها، بـ»حجج غير منطقية، لذلك اتخذت مبادرة وحددت موعد الخلوة للبحث في العمق في كل المواضيع التي ذكرناها آنفا ووضع آليات تنفيذية لها»، مشيرا الى انه سيتم تأليف لجنة خلال الايام المقبلة لوضع ورقة عمل لمناقشتها خلال الخلوة.
وقال قزي «حاليا عدد اعضاء مجلس الادارة 26 عضوا ويعقد 52 اجتماعا في السنة، لذلك اقترحت فكرة البحث في مدى فائدة تقليص عدد اعضاء مجلس الادارة ليكون اكثر فعالية وانتاجية من دون المسّ بتركيبته الثلاثية». واوضح «ان جميع اعضاء مجلس الادارة الذين حضروا الاجتماع تحدثوا عن كل المشكلات التي تواجه الضمان وانتقدوا طريقة عمله، وما تحدثت عنه أتى في هذا السياق، وان الانتقادات التي حصلت والتي اجمع عليها كل الحضور، تعبر عن رغبة اكيدة بالبحث الجدي لتحسين الاوضاع والاصلاح وليس على الاطلاق تسجيل النقاط».
وشدد قزي خلال الاجتماع اول من امس على ضرورة «ان تكون العلاقة بين اجهزة الصندوق تكاملية وليست تعطيلية، اي ان يكون فيها ثقة متبادلة لتفعيل انتاجية العمل«، كما شدد على «ضرورة ابعاد الضمان عن التأثيرات الطائفية التي تضرب عمله، والتي تفتح المجال لوجود موظفين لا عمل لهم، ولوظائف لا موظفين لها«. وقال «لذلك طلبنا ايضا ملء الشواغر وضخ دم جديد كفوء في الصندوق، مع التأكيد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والميثاقية في التعيينات«.
وأكد قزي انه لا بد من تعيين مجلس ادارة جديد للضمان، فالمجلس الحالي موجود بحكم الاستمرارية بسبب الخلافات السياسية، وهو غير منتج ولا يمكن الاستفادة منه».
وتمنى قزي تعاون كل المعنيين بالضمان من حكومة وهيئات اقتصادية واتحاد عمالي عام، «لأنني وحدي غير قادر على تحقيق المعجزات واصلاح هذا المرفق العام الاجتماعي الاساسي الذي يهم كل اللبنانيين«.
ولفت الى ان «هناك ملفات فساد كثيرة في الضمان، لذلك طلبت من أجهزة الصندوق ان تأخذ على عاتقها فتح الملفات، لأنه يمكن لاي شكوى من اي مواطن ان تؤدي الى تحرك القضاء، وهذا امر غير جيد للضمان خصوصا، أذا اتى الاصلاح من خارجه«.
زخيا
رئيس مجلس ادارة الضمان طوبيا زخيا، طالب في تصريح لـ»المستقبل» بعدم تحميل مسؤولية ما يجري الى مجلس الادارة الحالي، وقال «هذا المجلس انتهت ولايته في تموز العام 2007، وهو مستمر بفعل تسيير الاعمال»، داعيا الى تعيين مجلس جديد في اقرب وقت ممكن وعدم تحميل هذا المجلس اعباء الخلافات السياسية الحاصلة في البلد».
غصن
امين سر مجلس ادارة الضمان رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، قال لـ»المستقبل» «ان الاجتماع الذي عقده مجلس ادارة الضمان برئاسة الوزير قزي مهم جدا، حيث وضع الاصبع على الجرح، وتعاطى بمسؤولية كبيرة تجاه المواضيع والقضايا الكثيرة والشائكة في صندوق الضمان». واضاف «اهميته الاضافيه انه كان لا بد من اثارة قضايا حساسة مثل الفساد وما تم كشفه من مخالفات في بعض الدوائر والمراكز، وضرورة متابعة هذه الامور ومحاسبة المرتكبين، والتي يجب الا تتوقف عند هذا لاحد».
ولفت الى ان الوزير توقف مطولا عند الدراسات المهمة الموضوعة من قبل مؤسسات ومنظمات دولية حول تطوير الضمان ولا تحتاج الا التنفيذ، والتي لا ياخذ بها، مؤكدا ان الاجتماع كان مثمرا وبناء ويصب في تطوير الضمان واصلاحه، خصوصا انه لم يكتف ببحث المواضيع انما حدد موعدا لخولة يعقدها مجلس الادارة للانتقال الى الى الآليات التنفيذية».
شلهوب
ممثل اصحاب العمل في مجلس الادراة ايلي شلهوب، اكد لـ»المستقبل» ان «الاجتماع يلبي مطلب الهيئات الاقتصادية واصحاب العمل التاريخي بضرورة اصلاح الضمان لا سيما لجهة تحديث قوانينه وهيكلته وتنظيمه وتنفيذ مكننته الشاملة خدمة للمضمونين». واكد ان قزي كان متجاوبا تجاه كل هواجس اعضاء مجلس الادارة والافكار التي طروحها خلال الاجتماع، موضحا أنه «يمكن القول ان الجميع كان متفاهما وقتنعا بضرورة اصلاح الضمان».
علم
عضو مجلس ادارة الضمان جورج علم قال لـ»المستقبل» «ان الاجتماع هو من أهم الاجتماعات التي حصلت بين وزير عمل ومجلس ادارة الصندوق حتى اليوم، حيث تطرق البحث الى أدق التفاصيل التي تساهم في حماية الضمان وتفعيل عمله وتقديماته، ابتداء من الوضع المالي في الصندوق، ومسؤولية الدولة، والشغور في الوظائف، ووضع الموظفين، وكيفية اعادة ترتيب اوضاع المؤسسة وحمايتها، حيث اعتبرها المجتمعون أهم مرفق للأمن الاجتماعي في لبنان». أضاف «تطرق الاجتماع ايضا الى آلية عمل مجلس ادارة الصندوق والمديرية العامة واللجنة الفنية ووضع ضوابط لعملها وتنسيقه وتفعيله«.
واشار علم الى انه تم التفاهم على ضرورة رفع اليد عن الصندوق من قبل القوى السياسية دون استثناء، كون هذه المؤسسة لجميع اللبنانيين». وأكد علم انه لم يحصل أي اشكال لا من قريب او بعيد خلال الاجتماع الذي ساده جو من التفاهم والتعاون بين كل أجهزة الضمان.