Site icon IMLebanon

تأثيرات تنامي إنتاج أميركا من النفط الصخري على الشرق

usa-petroleum

بينما احتفلت الولايات المتحدة بعطلة يوم الاستقلال، الخاص بها في الـ 4 من الشهر الجاري، من خلال إطلاق الألعاب النارية والاحتفالات، أفادت وكالة بلومبيرغ الإخبارية بأن أميركا تجاوزت السعودية وباتت أكبر منتج للنفط في العالم.
لكنّ العاملين في مجال النفط في أميركا لم يكن لديهم وقت للاحتفال، فقد كانوا مشغولين للغاية بضخ كميات أكبر من النفط والغاز مقارنةً بأي وقت آخر في تاريخ الولايات المتحدة.

ثورة مبهرة

ونجحت ثورة الصخر الزيتي في أميركا في تحويل مزيج الطاقة العالمي، حيث باتت الولايات المتحدة أقل اعتمادًا على النفط الأجنبي. وفي تقرير حديث صادر من بنك أوف أميركا، قال معدوه إنه طوال الأعوام الخمسة الماضية، أحدثت رقعة النفط الأميركية ثورة في مجال الطاقة تسببت في إثارة انبهار العالم، في وقت شعرت فيه واشنطن بارتعاد ووول ستريت بحالة من القلق ودفعت المتشائمين إلى الإعلان عن تراجع أميركا.
أضاف تقرير بنك أوف أميركا أنه في أقل من عامين، زاد إنتاج أميركا من النفط بحوالى 2.2 مليون برميل يوميًا، أي أكثر من ثلث الإنتاج، وأكبر من كامل إنتاج البرازيل.
وبحسب الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع أن يتجاوز إنتاج النفط الأميركي 9 ملايين برميل يوميًا في 2014/2015 وأن يصل إلى 10 ملايين برميل يوميًا في عام 2016.
واشتمل الرقم الذي استخدم في اعتبار الولايات المتحدة المنتج رقم واحد، متجاوزةً المملكة العربية السعودية، على السوائل النفطية المرتبطة. وبينما تحتدم المنافسة بين أميركا والسعودية في مجال النفط، فإن الولايات المتحدة تعتبر المنتج المهيمن للغاز الطبيعي.

لدغة طفرة

وكما لفت تقرير بنك أوف أميركا، فإن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، حيث سبق لها أن أنتجت حوالى خمس الإنتاج العالمي عام 2013، وجاءت روسيا في المركز الثاني (بنسبة قدرها 17.8 %).. فيما تبيّن أن الولايات المتحدة وحدها أنتجت كمية إضافية نسبتها 21 % من الغاز الطبيعي أكثر من كامل منطقة الشرق الأوسط في العام الماضي، وبما يعادل تقريبًا إنتاج آسيا وأفريقيا.
إذن، ما الذي يعنيه هذا كله بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط؟، فهل سيشعر منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط بلدغة الطفرة التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحالي؟.
وهنا، أوضح فاتح بيرول، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية، أن خط التفكير هذا يفتقد الأثر. وقال في مؤتمر عن الطاقة جرى تنظيمه أخيرًا في سنغافورة: “إن قال بعض الناس إنه ونتيجة لنمو النفط الأميركي فلن نكون بحاجة إلى أي نفط إضافي من منطقة الشرق الأوسط، غير أنني لا أرى ذلك أمرًا صحيحًا”.
وأشار إلى أن حجم موارد النفط غير التقليدي في الولايات المتحدة يقل بكثير عن منطقة الشرق الأوسط، موضحًا كذلك أن النفط الأميركي أكثر غلوًا من نفط الشرق الأوسط.

رواية خطيرة

وتابع بقوله: “ومن ثم فإن النظر إلى ذلك، إلى جانب نمو الطلب على النفط، من قبل آسيا في الأساس، يخبرني بأن الشرق الأوسط لا يزال وسيظل في قلب صناعة النفط العالمية على مدار سنوات عدة مقبلة”.
وفي مؤتمر للطاقة جرى أخيرًا في هيوستن، أوضح بيرول أن الرواية التي تتحدث عن أن الولايات المتحدة سوف تتفوق على الشرق الأوسط ليست خاطئة فحسب، وإنما خطيرة كذلك. وأكمل حديثه بالقول: “هذه مشكلة لأن ذلك إن تسبب في عرقلة الاستثمارات في بلدان الشرق الأوسط للبحث عن حقول نفط جديدة، وأنا أرى بالفعل بعض الإشارات في بعض الدول التي تُرجَأ بها القرارات الاستثمارية، فربما سنكون على موعد مع صعوبات خلال السنوات القليلة المقبلة عندما نحتاج أن يأتي النمو من بلدان الشرق الأوسط”.
وأضاف بيرول: “هناك قاعدة موارد رئيسة واحدة في العالم، وهو ما قد يلبي النمو في الطلب العالمي على النفط، وهي منطقة الشرق الأوسط. فمن دون الشرق الأوسط، لن نتمكن من تلبية النمو، خاصة في آسيا”.
وساهم الإنتاج المتزايد للنفط الأميركي في الحد من ارتفاع الأسعار، وفقًا لمعظم المحللين. فعادة تتسبب الاضطرابات الجيوسياسية كتلك التي نشاهدها في كل من العراق، ليبيا ونيجيريا واستبعاد إيران من الأسواق النفطية في ارتفاع أسعار النفط، لكن النفط الأميركي عمل على تلطيف الزيادة. وهو ما يفيد الكثير من الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط، التي تواجه بالفعل عبئًا ثقيلًا من ارتفاع أسعار النفط.

كبح جماح

وقال جيمس كلاد، وهو نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي سابقًا، ويعمل حاليًا كمستشار متخصص في شؤون الطاقة الدولية: “مع تعرض أسعار النفط العالمية مرة أخرى لارتفاع متواضع، فقد لعب الإنتاج الأميركي والكندي دورًا محوريًا في كبح جماح الأسعار المرتفعة”.
وأضاف كلاد في مقال نشر له أخيرًا في مطبوعة ذا هيل الأميركية: “الإنتاج الأميركي الجديد للنفط الخام من الصخر الزيتي، الذي يتجه صوب 3 ملايين برميل يوميًا، حلَّ محل جزء كبير مما فُقِد في السوق العالمية”.
وإلى حد ما، غطت فكرة ما هي الدولة رقم واحد على حقيقة أن العالم بحاجة إلى هيدروكربونات – غاز ونفط – في المستقبل البعيد، ومن ثم فإن المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان المنتجة للنفط ستظل تلعب دوراً حيوياً بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي.
وماذا عن منتجي الغاز الطبيعي مثل قطر؟ – ينطبق الأمر نفسه. فتوقعات الطلب على الغاز الطبيعي كبيرة للغاية لدرجة أن العالم بمقدوره استيعاب صادرات الغاز الأميركية، التي لا تزال بعيدة المنال.
وتشكل بكل تأكيد الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسواق الغاز والنفط، بفضل مساهمات أميركا، حالة دينامية جديدة في أسواق الطاقة العالمية، لكن تلك الأسواق ليست لعبة محصلتها صفر. ويؤكد معظم المحللين أن هناك طلباً كافيًا في شتى أنحاء العالم. ونتيجة لذلك، سيواصل منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط معرفة أن منتجاتهم مطلوبة بشدة.