IMLebanon

“السفير”: مصادرة صلاحيات مجلس الجامعة شكل كارثة وطنية

mouta3akidou-lebanese-university-universite-libanaise-contractuel

لا يمكن عزل ملفي تعيين العمداء والتفرغ في الجامعة اللبنانية بكل تداعياتهما السياسية والتحاصصية، عن مصادرة صلاحيات مجلس الجامعة عبر المرسوم الشهير الرقم 42 في العام 1997. هذا المرسوم شكل كارثة وطنية بكل معنى الكلمة بمخالفته حتى توجه اتفاق الطائف القائم على إصلاح أوضاع الجامعة اللبنانية وتقديم الدعم لها وبخاصة في كلياتها التطبيقية، كما جاء في نص الاتفاق نفسه.
بموجب هذا المرسوم، أصبح التعاقد بالساعة مع أساتذة الجامعة رهن موافقة مجلس الوزراء فقط، وليس مجلس الجامعة أو الوحدات. بذلك، تقدّمت اعتبارات المحاصصة الطائفية على الاعتبارات الأكاديمية، وصار لزاماً على كل متخرج وباحث عن ساعات عمل ووظيفة، أن يقرع باب أمراء الطوائف وأن يستزلم لهم حتى ينال مراده، بدلاً من أن يسعى الى استيفاء المعايير الأكاديمية.
قبل ذلك، كان التعاقد أمراً أكاديمياً بحتاً. لم تكن قاعدة المناصفة قائمة، ولا يمكن أن تنطبق على الجامعة اللبنانية، طالما أن عدد الطلاب لم يكن محكوماً بالمناصفة في يوم من الأيام، فكيف يصبح التعاقد أو التفرغ محكوماً بقاعدة غريبة عجيبة، الأمر الذي يؤدي تلقائياً الى تغليب الاعتبار الطائفي والسياسي على الاعتبار الأكاديمي.
تدريجياً كبر جيش المتعاقدين، وصار للتعاقد ممره الإلزامي (الطائفي).انقلبت الآية في الجامعة. كان ثلثا الأساتذة من المتفرغين وأحياناً أكثر، مقابل ثلث أو أقل من المتعاقدين. صار الثلثان من المتعاقدين والثلث من المتفرغين.
واذا كان وجود مجلس الجامعة، قد ساعد في الحد من بعض التدخلات، فإن تعمّد كل العهود والحكومات منذ العام 2004 حتى الآن، عدم تعيين عمداء الكليات، وبالتالي إبقاء مجلس الجامعة على الرفّ، جعل مجلس الوزراء هو الحاكم بأمر الجامعة، وصولاً الى الفضيحة التي نشهد فصولها في هذه الأيام والمتمثل في مناقشة قضية تفرغ 1100 استاذ متعاقد.
وأضافت “السفير”: ثمة أسئلة بديهية يجب أن يوجهها من يستحق التفرغ أكاديمياً من أساتذة الجامعة وهم بالمئات: من أنتم أيّها الوزراء حتى تبتوا بملفاتنا؟ أين تعلّمتم؟ ما هي شهاداتكم؟ ما هي الجامعات التي تملكون تراخيصها أنتم أو سادتكم في السياسة والطوائف وهل تقدمون مصلحتها هي أم مصلحة الجامعة الوطنية؟ وهل تتساهلون في تنفيذ القانون الذي ألزم الجامعات الخاصة بأن تكون نسبة 60% من أساتذتها في الملاك.. والباقي من المتعاقدين في الساعة؟ وكيف تشرّعون العكس في جامعة لبنان؟ وهل فكّر أحدكم بتنسيب ابنه للجامعة اللبنانية؟
وتابعت: “لا يمنع ذلك من طرح أسئلة على جزء من المتعاقدين الذين وضع ملفهم أمام حكومة تمام سلام: هل استكملتم دراساتكم العليا وهل عدتم الى لبنان وهل تملكون نصاباً من ساعات التدريس يؤهلكم لأن تستحقوا عقد التفرغ وهل نشرتم بحوثاً علمية وهل تعوّلون على الجامعة اللبنانية أم تعتبرونها كأي قطاع عام في البلد مجرد بقرة حلوب”؟.للأسف لا أحد يسأل أو يحاسب، لا في هذا الاتجاه أو ذاك، ولعل بعض الوقائع التي تشوب بعض ملفات المطروحين للتفرغ لا تقل سوءاً عن وقائع تشوب عمل وزراء جل همهم جيوبهم أو أن يرضوا زعماءهم في هذا الاتجاه أو ذاك”.
وأضافت الصحيفة: “لقد كانت الملفات المعروضة على حكومة نجيب ميقاتي في نهاية العام 2012، لا تتجاوز 57 متعاقداً.. لكن سرعان ما تضاعف الرقم. لا يتعلق الأمر هنا بحاجة الجامعة، وهي تحتاج الى أكثر من 1500 أستاذ جامعي متفرغ حالياً، ولكن هل يمكن أن تنشر ملفات الـ1100 استاذ بكل معاييرها الأكاديمية أمام الرأي العام اللبناني”؟.
وقالت: “حبذا لو قام مجلس الجامعة أولاً بعمدائه المختارين وفق معايير أكاديمية وممثلي أساتذته المنتخبين، ليوضع كل ملف على طاولة التدقيق الأكاديمي بعيداً عن اعتبارات المحاصصة المذهبية وصوناً لما تبقى من أساتذة أفنوا عمرهم في سبيل الجامعة وصار أكثرهم ينتظر فرصة في الخارج، برغم كل ما نالوه من زيادات وتقديمات وبدلات في السنوات الأخيرة”.
وأشارت إلى أن كل مؤسسات الدولة تواجه مشاكل بنيوية. وهذه مسألة غير مستجدة، لكن ثمة تعاملاً مع الجامعة اللبنانية بوصفها قطاعاً غير منتج. هذا هو أصل روحية تغليب التعاقد بالساعة على التوظيف المنتج.. وصولاً الى تصفية القطاع العام.
وأوضحت أن الجامعة تشكو دائماً من انعدام الموازنة التي تجعلها ريادية في البحث العلمي حتى يكون لها موقع في الدرجات الأولى في سلم التصنيف العالمي. نعم، مهمة الاستاذ الجامعي ليست أن يدرّس وحسب بل أن ينتج معرفة وثقافة، وإذا افتقدت الجامعة للبحث، تتحوّل الى صف للحشو وتعميم الشهادات غير المتصلة بالحاضر والمستقبل، من علوم وتكنولوجيا وعلوم إنسانية تتطور بشكل مذهل.
المؤسف، وهذه حقيقة مرة، انه ضمن التصنيف العالمي للجامعات، لا تدرج الجامعة الوطنية ضمن أول 500 جامعة.
ورأت أن المطلوب للجامعة قانونا جديدا وهيكلية جديدة ورؤية جديدة. وصار لزاماً القول للسياسيين والطائفيين والمحاصصين: ارفعوا أيديكم عن “جامعة لبنان”.