ألفونس ديب
يبدي وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم في هذه الايام قلقه من خطر محدق بالاقتصاد. فبعدما كان دعا الى «مقاومة اقتصادية» في بداية توليه حقيبته، بات اليوم مقتنعا بان التكافل والتضامن السياسيين والسير بالعملية الدستورية كاملة، هي خارطة الطريق الوحيدة للاستقرار، وبالتالي لأي عملية نهوض اقتصادي واستقرار اجتماعي.
«نحن اليوم أمام مأزق اقتصادي«، يقول حكيم. ويتوقع الا يتعدى معدل النمو لهذا العام الـ1،5 في المئة في أحسن تقدير.
وعن الارتفاع المتوقع في عجز الموازنة في العام 2014 الى 5 مليارات دولار، قال «هذا أمر سلبي ومفعوله سلبي على الاقتصاد ككل، لكن حتى الآن الاقتصاد اللبناني لديه مؤهلات وامكانات لاستيعابه، شرط وجود استقرار سياسي لتحقيق النمو لاستيعاب هذه الرقم».
وإذ اكد استقرار الاسعار خلال شهر رمضان المبارك، شدد على ضرورة معالجة موضوع منافسة النازحين السوريين للعمالة اللبنانية، مقترحا في هذه الاطار خطة مبنية على ثلاثة اجراءات.
وفي حديث الى «المستقبل»، لفت حكيم الى ان «لبنان يواجه اليوم ضغوطا سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية عدة، فيما الطلب على الحاجات الاساسية وعلى البنى التحتية كبير جدا في ظل وجود النازحين السوريين«.
واوضح ان القطاعات بمعظمها شهدت تراجعا، فيما وضع المالية العامة يزداد سوءا بموازاة ارتفاع في حجم الدين وفي معدلات البطالة والفقر. ناهيك عما «نعانيه في موضوع الادارة العامة، والسبب الرئيس في ذلك يعود الى عدم انتخاب رئيس جمهورية، الذي أدى الى تشنج البلد واربك عملية سير الحكم والادارة».
فـ «الاستحقاق الرئاسي يؤدي الى استقرار سياسي وامني واستقرار تشريعي وقانوني، واستقرار دستوري وميثاقي، وهو ضروري لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في البلد. وإذا لم يحصل، فستكون كل هذه الامور غير مستقرة وبالتالي تؤدي الى حصول ازمة عميقة في البلد«.
النمو
واذ حذر من «اننا اليوم أمام مأزق اقتصادي«، قال «كنا نتوقع نموا ايجابيا بين 2،7 في المئة و3،5 في المئة إذا حصل انتخاب لرئيس الجمهورية زتمت الاستحقاقات الدستورية الاخرى بطريقة طبيعية، فيما اليوم نحن امام حائط مسدود وكل ذلك ينعكس على الوضع الاقتصادي وعلى وضع الدولة عموما«.
وتوقع ان يبلغ النمو في المئة أو 1،5 في المئة على ابعد تقدير، لكنه اعطى لمحة تفاؤلية تتمثل بانه «خلال آخر 10 سنوات بلغ معدل النمو في لبنان 4،7 في المئة، بينما معدل النمو العالمي 2،2 في المئة، كما انه في السنوات الثلاث الاخرى ومع وجود النزوح السوري، بلغ المعدل العام للنمو 1،5 في المئة، في حين ان المعدل العام في الدول الاوروبية كان 0،7 في المئة، وهذا يؤكد ان لدى لبنان امكانات هائلة لكنه بحاجة الى استقرار سياسي وامني«. اضاف «اليوم النمو بحسب الوضع الحالي لن يتعدى الـ1،5 في المئة في احسن الاحوال».
وأكد ان لبنان لا يحتاج فقط الى اعلان حال طوارئ بالنسبة للمياه فقط انما للكثير من الامور التي تواجهه، وقال «امنيا تقوم الحكومة بواجباتها ونجحت بشكل كبير في هذا الاطار، والحوادث تبقى ضئيلة مقارنة مع ما يجري من حولنا»، مشيرا الى ان «المهرجانات والمبادرات التي يقوم بها القطاع الخاص في الكثير من المناطق لتحفيز الاستهلاك، مهمة جدا في هذه المرحلة، وهذا ما نسميه صمود الدولة تجاه ما يتعرض له من الخارج«.
وعن قدرة البلد على البقاء بالنمط نفسه في مواجهة الاستحقاقات الكبيرة، قال «أكيد لا»، مشددا في هذا الاطار على ضرورة «السير سريعا بانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة متضامنة متماسكة سياسيا فيها اقطاب سياسين أو من يمثلهم، وانتخاب مجلس نيابي جديد، ومن خلال خارطة الطريق هذه يمكن مجابهة كل الاستحقاقات الداهمة«.
العجز
ورأى في توقعات وزراة المالية في مشروع موازنتها رفع العجز الى 5 مليارات ليرة امرا سلبيا على الاقتصاد ككل، مشددا على ثلاثة مرتكزات قوية للاقتصاد هي القطاع المصرفي والقطاع الخاص والمغتربين، والتي برأيه تلعب دورا اساسيا في تدعيم صمود الاقتصاد، «لكن الى متى؟«. اضاف «نحن اليوم امام مخاطر كبيرة جدا، لكن بعدها حالة البلد وحتى على المستوى المالي ممسوكة خصوصا مع توافر الاموال، لكن لا يمكننا ان نستمر على هذا الشكل طويلا».
ودق حكيم ناقوس الخطر قبل الوصول الى المراحل المتقدمة من الخطر الاقتصادي، «ومن أجل استدراك الموضوع كي لا نستمر على هذه الشكل، وهذا يستدعي من الجميع تحمل مسوؤليتهم الوطنية والاسراع في التضامن والتوافق والسير بالعملية الدستورية التي ذكرتها آنفاً».
وعن خطط تحفيز الاقتصاد التي اطلقها منذ توليه مهامه، قال «جميع الخطط التي اطلقتها منذ استلمت الوزراة موجودة ومستمرة لكن الوصول الى الاهداف المرجوة تتطلب جو عام مؤات، واليوم الجو العام سلبي جدا، خصوصا ان المشكلة لم تعد امنية انما سياسية تتعلق بالتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية«.
الاسعار
وعبر حكيم عن رضاه لعدم وجود أي ارتفاع بالاسعار، وقال «اذا وجد فبشكل محدود وفي بعض السلع«، مشيرا الى ان «الوزارة عقدت اجتماعات قبل شهر رمضان المبارك مع التجار والمنتجين ووعدوا بان الاسعار ستبقى مستقرة، ونحن الآن نقوم بعمليات مراقبة بمختلف المناطق، ومن خلالها تاكدنا ان الاسعار مستقرة حتى اليوم«.
النزوح
وبالنسبة لانعكاسات النزوح السوري ، قال «اللجوء السوري مستمر ووصل العدد الى نحو 1،7 مليون نازح، وهناك الكثير منهم يأتون ويذهبون الى سوريا بهدف الافادة من المساعدات المالية والعينية«. اضاف «القضية الاكبر هي موضوع العمالة السورية التي تنافس العمالة اللبنانية، وهي لا تتعلق بالاعمال العادية انما تطال ايضا الكثير من المهن التي تضرب النسيج اللبناني، لا سيما الاطباء (اطباء التجميل)«، مشددا على ضرورة وضع خطة واضحة لتنظيم العمالة السورية في لبنان على اساس 3 نقاط:
تطوير اطار قانوني لليد العاملة غير اللبنانية، يتضمن الزامها بالضمان من دون الاستفادة.
توعية اللبنانيين كافة على هذا الخطر المحدق والكف عن لعب دور الواجهة.
الطلب من الشركات اللبنانية عدم التساهل في توظيف عمال سوريين الا بعد استيفاء الشروط المتوجبة والمراقبة بواسطة وزارة المالية«.
وعن منافسة المؤسسات، قال «يجب الزامها بالحصول على التراخيص، وهذا الموضوع اسهل من اليد العاملة». اضاف «لاحقنا 250 مؤسسة واقفلناها لكن بعد ايام فتحت من جديد تحت اسماء لبنانية«.
وعن التأخر بالسير بهذا الاجراءات، قال «انا انادي بهذا الموضوع منذ 5 اشهر وساستمر بالكلام عنها والمطالبة بها داخل مجلس الوزراء وخارجه«، مشددا في هذا الاطار على وجوب وعي اللبنانيين وقيام البلديات بواجباتها.