حركّت أزمة المياه التي يواجهها لبنان، عقب جرس الإنذار الذي قرعته الأسبوع الماضي لجنة الأشغال والمياه، المسؤولين، لاسيما وان عدداً من المناطق بدا على تماسٍ تام مع الأزمة. فالى جاني شكوى المواطنين انقطاع المياه عن منازلهم، باتت بعض المزروعات مهددة بفعل الجفاف.
وقد وصل العجز في المياه اليوم الى نحو 400 مليون متر مكعب، وهو رقم مخيف خصوصاً و«أنَّ هناك زهاء 7 ملايين نسمة يستهلكون المياه اليوم«، كما أعلن وزير البيئة محمد المشنوق، وهو ما يدل على وجود أزمة جدية.
والسؤال هو: هل ستشكل الحكومة، مجلسا وطنيا للمياه لتفادي الأزمة الآن ومستقبلاً؟، وما هي الأطر العملية فعلياً لضبط حركة الهدر في المياه، خصوصاً وأن الدولة لم تقم بحماية مواردها المائية، بحيث بات الطرح البديل اليوم استيراد المياه بدلاً من تجميع ما يفيضُ بهِ فصل الشتاء في لبنان، وذلك لتخطي الازمة والاسراع في اقامة السدود من اجل حصر المياه وتخزينها، وعدم ذهابها هدراً الى البحر.
تحرك المسؤولين
وفي ظلِ الدعوات القائمة والتحذيرات من مخاطر تجاهل الأزمة، رأس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، اجتماعا أمس في مكتبه في الوزارة للجنة الوزارية المكلفة متابعة حالة الجفاف في حضور الوزراء: غازي زعيتر، ارتور نظريان، حسين الحاج حسن ومحمد المشنوق وزينة مجدلاني عن رئاسة الحكومة ورئيس لجنة الاشغال النيابية النائب محمد قباني الذي دعاه مقبل الى حضور هذه الجلسة للاطلاع منه على مقررات وتوصيات هذه اللجنة لمواجهة ازمة شح المياه.
واستهل الاجتماع بكلمة ركز فيها على وجوب طرح الحلول العملية لمواجهة ازمة شح المياه، وذلك انطلاقا من المقررات والتوصيات التي صدرت عن لجنة الاشغال النيابية.
ثم اعطي الكلام لقباني الذي قدم عرضا تفصيليا لما توصلت اليه اللجنة النيابية في هذا المجال. بعده، كانت مداخلات للوزراء تناولت ملاحظاتهم حول التوصيات واقتراحات للحلول الانية مع الاصرار على اقامة السدود والبحيرات كحلول مستقبلية.
كما ركزت المداخلات على وجوب تنظيم حملات توعية لترشيد الاستهلاك وضبط الهدر في المياه. كما تطرق المجتمعون الى موضوع استيراد المياه. وأعلن مقبل عقب الجلسة، أن موضوع شح المياه بات يشكل ازمة حتمية تستدعي ايجاد حلول سريعة وعملية تفاديا لانعكاساتها السلبية والخطيرة على المواطنين كافة. اضاف «بعد اطلاعنا على اراء واقتراحات الوزراء ومناقشتها اتفق على وضع برنامج عمل تفصيلي يجري اعداده خلال اسبوع لعرضه في الجلسة المقبلة الاسبوع القادم ليصار في ضوئه الى اتخاذ القرارات الملائمة تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء«.
وفي هذا الوقت، كشف وزير البيئة محمد المشنوق في حديث صحافي، «وجود نقص في المياه اليوم بنحو 400 مليون متر مكعب»، لافتا «الى ان هذا الرقم مخيف، سيما وان هناك زهاء 7 ملايين نسمة يستهلكون المياه في لبنان اليوم«. وقال «انا لا اعتقد ان المعالجة ستكون موسمية، ولكن استراتيجية على مدى سنوات تتم خلالها المتابعة السليمة، ونكون فيها نحن قادرين على التطلع نهائيا الى المستقبل، الى مستقبل لا وجود فيه لاي ازمة مياه. ومن المفترض ان يتم اعداد الدراسات العلمية في مجال سياسة السدود«.
اضاف «اليوم نحن في فصل الصيف من الصعب جدا ايجاد اي معالجة لازمة شح المياه غير اللجوء الى التقنين في الاستخدام المنزلي وفي المصانع وفي الري، وذلك بكل الوسائل الممكنة كترشيد وسائل الضخ من الآبار الارتوازية«.
واشار «الى دراسة تتناول الأثر البيئي سيعلن عنها قريبا»، وتمنى «ان يتم اتخاذ القرارات الصائبة بشكل سريع ليتم تطبيقها»، معتبرا «ان وزارة البيئة وجهت التعاميم اللازمة حول ترشيد استعمال المياه ويبقى على وزارة الطاقة ان تتخذ الخطوات المناسبة«. وأمل «ان يكون عندنا مجلس وطني للمياه في المستقبل القريب فيحقق كل الامور التي يتم التحدث عنها سواء كانت السدود او غيرها«.
لفتت اللجنة الاجتماعية في التجمع الوطني الديموقراطي في لبنان، الى «أن البلاد تعيش في حالة من الجفاف الفعلي، رغم غنى وطننا بالثروة المائية، التي تذهب هدرا، بسبب انعدام وجود خطة مائية، تتضمن اقامة سدود تسمح بتوليد الطاقة الكهربائية محليا»، مطالبا الحكومة ووزارة الطاقة والمياه بـ«اعلان حالة طوارئ مائية و كهربائية لمواجهة حالة الجفاف والتقليل من عدد ساعات تقنين التيار الكهربائي، وتوزيعه بشكل عادل ومتساو على كل المناطق من دون تمييز العاصمة بيروت التي تحظى بالكهرباء على مدار اليوم تقريباً».
تحرك ميداني
ميدانياً، قطع أهالي العقبة في زغرتا، الطريق الرئيسية عند مستديرة المهنية، احتجاجا على انقطاع المياه عن المنازل لأكثر من أسبوع.
وفي الجنوب، جال رئيس تجمع مزارعي الجنوب عبد المحسن الحسيني في خراج بلدة طيرفلسية في منطقة سهل القاسمية شمال مدينة صور مستطلعا منسوب مياه النهر والتقى عدد من المزارعين على ضفاف نهر الليطاني وصولا الى سد الليطاني.
وحذر الحسيني «من خطورة الوضع الزراعي، وما يمكن ان يعانيه هذا القطاع بسبب النقص الحاصل في المياه نتيجة تناقص منسوب المياه، داعيا المزارعين «الى الترشيد وعدم الهدر في صرف المياه«.
وقال «ان الجفاف الذي يتهدد لبنان سينال من القطاع الزراعي، لانه الاكثر تضررا وسوف يليه الامن الغذائي، مما يتسبب بارتفاع الاسعار»، داعيا الحكومة الى «معالجة جدية للموضوع، واعلان حالة طوارئ مائية.