حذّرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا” من التداعيات الاقتصادية السلبية للازمة العراقية على دول الجوار وهي الأردن وسوريا ولبنان بسبب الترابط القوي بينهم في الحركة التجارية، والحركة المالية، والقدرة على استضافة اللاجئين، والثقة في قطاع الأعمال، وميزان المدفوعات.
أفادت “الإسكوا” في تقرير لها بعنوان “الأزمة في العراق وتأثيرها على اقتصادات الأردن وسوريا ولبنان والكويت”، من مقرها في بيروت، أن الأردن ولبنان سيتحملان الخسائر الأكبر من الأزمة العراقية تليهما سوريا، بسبب الترابط القوي بينها في الحركة التجارية، والحركة المالية، والقدرة على استضافة اللاجئين، والثقة في قطاع الأعمال، وميزان المدفوعات، بينما نجحت الكويت في النأي بنفسها لأنها ليست شريكا اقتصاديا رئيسيا للعراق.
ووفقاً للتقرير، ترجح “الإسكوا”، أن تؤدي الأزمة العراقية إلى مزيد من التدهور لمستوى معيشة سكان تلك البلدان، باستثناء الكويت التي تبدو، إلى حد ما، في مأمن عن تداعيات الأزمة وخصوصاً التأثير القوي للناتج المحلي الإجمالي في العراق على اقتصادي الأردن ولبنان.
وفي ما يتعلق بلبنان، يرصد التقرير تأثيراً للأزمة العراقية في قطاعات ومؤشرات عدة:
أولاً، الحركة التجارية: تراجعت الصادرات العراقية إلى لبنان لمستوى متدنٍّ جداً بعد اندلاع الأزمة، حتى بلغت 0,01% من مجموع واردات لبنان خلال 2013، كما تراجعت الصادرات اللبنانية إلى العراق نتيجة ضعف قدرة بغداد على الاستيراد من شركائها التجاريين على أثر الأزمة. وبحسب التقرير من المتوقع أن يؤثر تراجع الصادرات اللبنانية إلى العراق سلباً في الشركات الصناعية التي كانت السوق العراقية وجهة رئيسية لصادراتها من المنتجات التقليدية. (العراق كان يستورد قبل اندلاع الأزمة حوالى 7% من الصادرات اللبنانية).
وفي وقت تكشف المذكرة أن عوامل عدة يمكن أن تساهم في التخفيف من تداعيات الأزمة العراقية على لبنان، ومنها ان لبنان هو من أقل البلدان تصديراً للسلع في العالم، وبالتالي المستبعد أن تتأثر صادراته بالأزمة، إذ يعتمد على الخدمات. كما أن لبنان نجح في تغيير المسارات التقليدية لنشاطه التجاري، وفي تحويل ميناء بيروت ومعبر المصنع ومرفأ طرابلس شرايين حيوية لحركة التجارة، غير أنّ لذلك آثاراً سلبية أهمها ارتفاع تكاليف النقل وإضعاف القدرة التنافسية للمنتجات. وأيضاً، من العوامل التي يمكن ان تخفف من تداعيات الازمة العراقية على لبنان بحسب “الاسكوا” إزدياد حركة إعادة تصدير الوقود من لبنان إلى سوريا منذ بداية الأزمة السورية، إذ أصبح لبنان مصدراً صافياً للمواد الغذائية إليها بعدما كان مستورداً لها.
ثانياً، الحركة المالية: التدفقات المالية الواردة إلى لبنان من العراق ضعيفة جداً نظراً الى قلة عدد رجال الأعمال العراقيين المقيمين أو العاملين في لبنان وهذا الواقع يختلف عن حال الاردن الذي يحتضن عدداً كبيراً منهم، ونتيجة لذلك، من الطبيعي أن يكون تأثير الأزمة العراقية ضعيفاً على التدفقات المالية من العراق إلى لبنان.
ثالثاً، القدرة على استضافة اللاجئين: حتى اليوم لم يسجّل ارتفاع في عدد اللاجئين العراقيين في لبنان منذ بداية الصراع المسلح بين الجيش العراقي وتنظيم “داعش”، ومن غير المتوقّع أن يحصل ذلك نظراً إلى صعوبة وصول العراقيين إلى لبنان عبر البرّ لخطورة المرور عبر الأراضي السورية.
رابعاً، الثقة في قطاع الأعمال: تشير “الاسكوا” الى تراجع مستويات الطلب المحلّي في لبنان بشكل كبير منذ العام 2011 وهذا الواقع دفع بالنمو النقدي المعروض الى الركود رغم الجهود التي بذلها مصرف لبنان والهادفة إلى تشجيع الطلب على القروض عبر تقديم سلسلة حوافز مالية وإاتصادية. واستناداً الى تقرير “الاسكوا”، كان للأزمتين السورية والعراقية تداعيات أمنية خطيرة على لبنان الذي شهد سلسلة تفجيرات قد تكون ضربت الموسم السياحي لهذه السنة.
خامساً، ميزان المدفوعات: بفضل ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى مصرف المركزي، من المستبعد أن يواجه لبنان أزمة في ميزان المدفوعات نتيجة للأوضاع المتأزمة في العراق، ورغم الركود في سرعة تراكم هذا الاحتياطي واستمرار العجز في الحساب الجاري، لم يظهر حتى اليوم أي مؤشر ينذر بنفاده.