عند النظر لأسواق البناء والتشييد لدول مجلس التعاون الخليجي، غالباً ما يكون سوق المملكة العربية السعودية مختلفاً من حيث زخم المشاريع. ففي عام 2013، تم منح مشاريع إنشائية وصل إجمالي قيمتها 42 مليار دولار في جميع أنحاء المملكة، مقارنة بـ 17 مليار دولار خلال عام 2012.
ويتوقع أن تستمر هذه الوتيرة السريعة في قطاع الإنشاءات لسنوات قادمة، بوجود مجموعة فريدة من مشاريع الإنشاءات والبنية التحتية الجارية مثل برج المملكة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومترو الرياض.
ويعتبر هذا النمو بمثابة أخبار سارة للبلاد ومواطنيها وقطاع مركبات وآلات المصانع في المنطقة. إلا أن تقديم معدات قوية بالقدر الكافي لتحمل ظروف عمل مماثلة لظروف العمل في السعودية ليس سهلا على الإطلاق. حيث يتطلب صمود قطعة معدات في هذه البيئة القاسية، أن تكون قادرة على التكيف مع الرطوبة والغبار وتحمل درجات الحرارة الحارقة.
ورغم أن الآلات الشائعة في المنطقة والتي تعمل إلكترونياً قد تكون رائعة ودقيقة، إلا أنها لا يمكنها الصمود في مواقع الإنشاء في السعودية. أخذت كاتربيلر هذه الحقيقة بعين الاعتبار وطورت بالتعاون مع موزعها الحصري في السعودية، شركة الزاهد للتراكتورات، حفارة 320D2L الهيدروليكية والتي تعمل بتقنيات تقليدية بسيطة، صُممت لتلبية الاحتياجات الملحة للمقاولين في المملكة العربية السعودية.
كانت ردود الفعل التي قدمها المستخدمين السعوديين، وسيلة فعالة لتطوير حفارة 320D2L التابعة لشركة كاتربيلر والتي تلت الحفارة الهيدروليكية المشهورة 320D. حيث أجرت كاتربيلر بالتعاون مع شركة الزاهد للتراكتورات مسحاً لعملاء المملكة العربية السعودية لتعرف ما نال إعجابهم في حفارة 320D، وما يمكن تحسينه وفقاً لرأيهم. وقد كانت ردود المستخدمين متجانسة، ففي حين كانوا راضين عن أداء وقوة تحمل الحفارة، كانوا يرغبون بآلة ذات تكاليف تشغيلية أقل وقادرة على التكيف مع نوعية ديزل ليس بالجيد وهو النوع المتوفر في أنحاء المملكة.
ويوضح أليكسندر فافيرو، أخصائي تطبيق المنتج للحفارات الهيدروليكية المجنزرة التي تنتجها كاتربيلر في أفريقيا والشرق الأوسط: «الوقود في الشرق الأوسط أقل نظافة بخمس مرات من الوقود في أوروبا».
وأضاف: «أكد المستخدمين أهمية أخذ هذا الواقع في الحسبان و فحص المحركات قبل إرسالها إلى السوق. وقال العملاء أيضا أن أنظمة الحقن الإلكتروني للوقود حساسة جداً للوقود الملوث. وكانت هذه الرسالة واضحة تماماً عندما وصلتنا من المقاولين الذين يفضلون إصلاح محركاتهم، وأبلغنا في النهاية أن تكاليف التشغيل كانت عالية جداً».
ورغم أن استهلاك الوقود يؤثر على تكاليف التشغيل عند المستخدمين السعوديين، إلا أنه لا يعد من العوامل المهمة على الإطلاق بسبب سعر الديزل المنخفض في المملكة. إن الأمر الأكثر إلحاحاً وأهمية هو تكاليف عمليات الإصلاح والصيانة، حيث أراد العملاء السعوديين قطع معدات أكثر فعالية ويمكن استبدالها على فترات زمنية أطول.
زودت ردود الفعل هذه مهندسي كاتربيلر بمعلومات حول الأجزاء الملائمة التي يمكن الاحتفاظ بها في حفارة 320D، وتلك التي ينبغي إعادة النظر فيها. وكان أول إجراء اتخذوه في عملية تطوير الحفارة هو الرجوع إلى نظام المحركات التقليدية التي تعمل بتقنيات بسيطة، والانتقال من النموذج الكهربائي إلى النموذج الميكانيكي/الآلي، حيث سيساعد هذا النظام العمال الذين يميلون إلى استخدام آلاتهم، من خلال جعل الصيانة أسهل وأرخص، وسيسمح لفريق التصميم بالحد من ضغط النظام.
وقال فافيرو: «إن أقصى ضغط لحفارة 320D هو 1200 بار، بينما أقصى ضغط لحفارة 320D2L هو 200 بار، مما يجعلها أكثر قدرة على تحمل الملوثات.»
وعند التعرض للضغط المرتفع، قد تسبب ملوثات الوقود ضرراً كبيراً للأجزاء الداخلية للآلات. وحيث أن هذه الملوثات شائعة في السعودية، يقدم الضغط المنخفض لحفارة 320D2 حماية كبيرة ضد الأعطال أو فشل النظام.
وأوضح خالد الشرفا، مدير التسويق في شركة الزاهد للتراكتورات: «عند حدوث ضغط بقوة 1200 بار، يمكن لجسيم واحد بطول ميكرون في الوقود أن ينطلق بسرعة الرصاصة عندما يلامس أحد أجزاء الآلة، مما قد يتسبب في تحطم أجزاء من الآلة والذي بدوره يولد ملوثات إضافية في الوقود. وعندما يكون الضغط عالياً، قد يولد ميكرون واحد مزيداً من الجسيمات وتستمر هذه العملية في النظام. ومع وجود المحرك الآلي لحفارة 320D2L، تم خفض الضغط بشكل كبير، مما سيساعد في الحد من المشكلات المرتبطة بالملوثات الموجودة في الوقود».
رغم المزايا التي يقدمها المحرك الآلي Cat C7.1 للعملاء السعوديين، اضطر المهندسون إلى القيام ببعض الحلول التوافقية. على سبيل المثال،, أنتجت حفارة 230D التي تتلاءم مع محرك C6.4 قدرة صافية بحجم 103 كيلووات عند 1800 دورة في الدقيقة. بينما أنتج محرك حفارة 320D2L الذي يعمل بالتقنيات البسيطة 98 كيلووات عند 1700 دورة بالدقيقة.
وظاهرياً، قد يبدو هذا خطوة للوراء، ولكن كما أوضح فافيرو، فإن أثر ذلك على الأداء بسيط جداً وهنالك بعض المزايا الكبيرة لهذه الهيكلية. حيث يقول فافيرو: «يمكنك ملاحظة انخفاض صافي قدرة الآلة، ولكننا لا نقوم بصنع سيارة».
قال فافيرو: «القدرة الهيدروليكية التي نستطيع توفيرها أهم من قدرة الآلة. كما أن حفارة 320D2L قادرة على تحقيق هذا المستوى من الأداء عند 1700 دورة بالدقيقة بدلاً من 1800 دورة بالدقيقة. قد يقول أحدهم أن الآلة التي تعمل بسرعة دوران أقل لا تعمل بشكل جيد، ولكن هذه ليست الحقيقة. في الواقع إنها الآلة التي ستعيش لفترة أطول».
ومن أجل الاحتفاظ بالقدرة الهيدروليكية لحفارة 320D2L، ركز فريق كاتربيلر على تحسين كفاءة المضخة. فعندما أضافوا الدروع، قللوا المسافة بين المضخات وإطاراتها الخارجية وبالتالي انخفض الاضطراب المتولد عن دوران الأجزاء. وبذلك يكون المصنع قد زاد من كفاءة المضخة بمقدار 3.7 كيلو وات مما خفض استهلاك الوقود أثناء العمل.
وقال فافيرو: «رغم أننا عدنا لاستخدام المحرك الآلي، إلا أننا استطعنا الحد من استهلاك الوقود بنسبة 3%». وأضاف: «كاتربيلر متحفظة جداً بشأن هذه الأرقام، وأعتقد شخصياً أنك إن زرت عميلاً في السعودية يستخدم هذه الآلات، سيقول لك أن نسبة توفير الوقود أكثر من 3%».
انصب الاهتمام الكبير الآخر أثناء تطوير حفارة 320D2L على المرشحات. حيث تحتاج حفارة 320D ثلاث أو أربع مرشحات حسب النوع المطلوب. وحيث أن هذه الأجزاء يجب استبدالها كل 250 ساعة تقريباً، قد يكون ذلك مسألة مكلفة مع مرور الوقت. حيث سيكلف استبدال 4 مصفيات في حفارة 320D تعمل بمحرك Cat C6.6، ما قيمته 4404 دولار لقطع الغيار والقوة العاملة. ومن ناحية أخرى، تتطلب حفارة 320D2L مرشحين فقط وتمتد فترة تغييرها الزمنية إلى 500 ساعة. ويكلف استبدال المرشحات الحديثة 1410 دولار، مما يقلل من التكاليف التشغيلية.
وعند النظر إلى نوع الأجزاء التي تناسب الحفارة، يتضح تأثير المستخدمين على حفارة 320D في السعودية. على سبيل المثال، نسبة كبيرة من الحفارات التي تزن 20 طن والمستخدمة في السعودية، يتم استخدامها لأعمال الهدم، وهو عمل أساسي لكنه يسبب التلوث. وتعالج شركتي كاتربيلر والزاهد هذه المسألة باستخدام مرشح المطرقة (مرشح آلة الهدم). وأشار الشرفا إلى أن: «أكثر من 80% من حفارات 320D المستخدمة في السعودية تستخدم لأعمال الهدم، وأعمال الهدم غير نظيفة، حيث يمكن أن تسبب الكثير من الملوثات في الأنظمة الهيدروليكية للآلة، لذلك من المهم استخدام مرشح لتنظيف الزيت الهيدروليكي الغير مستخدم في آلة الهدم، حيث أن العمل في ظل عدم توفر مرشح مناسب سيتلف النظام الهيدروليكي».
وأكمل فافيرو حديثه قائلاً: «تحتوي حفارة 320D على مرشح، لكنه صمم خصيصًا لأعمال (آلة الحفر). ويتعرض هذا النوع من المرشحات للانسداد فور استخدامه أثناء الهدم. غير أن مرشح آلة الهدم الموجودة في حفارة 320D2L يتجاوز الصمام الرئيسي مما يخفض مقدار الضغط المرتد المتولد. في المقابل، يتم تبريد الوقود من خلال المبرد الهيدروليكي، وتتحسن قوة تحمل أجزاء المضخة».
وتتميز حفارة 320D2L بمجموعة رائعة من التحسينات المستوحاة من تجربة الاستخدام في السعودية، لكن كاتربيلر مازالت حذرة في استغلال نقاط قوتها. لم يتغير الجزء الأمامي من الحفارة كما أن الهيكل السفلي للنموذج الحديث للحفارة مطابق لذلك الموجود في حفارة 320D.
وختم فافيرو حديثه قائلاً: «لم يجرِ أي تغيير على الجزء الأمامي من الحفارة، كما أن الهيكل السفلي للنموذج الحديث مطابق لذلك الموجود في حفارة 320D».
وتعتبر حفارة 320D2L نوع نادر وفريد من الآلات في السوق الحديث لمعدات البناء المعتمدة على التكنولوجيا. فبدلاً من إضافة مزايا تخدم مصالحها، استمعت كاتربيلر للعملاء وصممت منتجها بناء على ذلك. فهذه الحفارة لم تصنعها كاتربيلر وإنما المملكة العربية السعودية.