اقترح مشروع التعاون التقني الألماني – اللبناني “حماية نبع جعيتا” بالإستناد إلى خريطة توضح قابلية مياه نبع جعيتا الجوفية للتلوّث أعدها المشروع لكامل منطقة مستجمعات النبع، إقرار مناطق حماية لمياه النبع الجوفية. ويتطلب تنفيذ مناطق الحماية تغييرا كبيرا في ممارسات استخدام الأراضي، كما لا بد من تغيير اعتبارات التنظيم المدني في المنطقة المذكورة وفقا لخطة تسمح بالحفاظ على مصادر مياه الشفة في منطقة بيروت الكبرى.
وأعلن المشروع الذي تموله وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، والمنفذ بإشراف المعهد الفيديرالي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار، عن اقتراحه في مؤتمر صحافي عقد أمس في فندق “مونرو”، برعاية سفير المانيا كريستيان كلاجس وحضور العميد الركن وليد الحاج ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، والنائب فريد الخازن، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، والمدير العام لمرفق مغارة جعيتا نبيل حداد، ورئيس المصلحة الوطنية لمشروع الليطاني سليم كتافاغو، ومندوبين عن المؤسسات الدولية والحكومية، وممثلين عن وزارتي الطاقة والمياه والبيئة ومديرية التنظيم المدني ومدراء مؤسسات المياه ومجلس الانماء والاعمار وخبراء جيولوجيا وماء من لبنان والمانيا، وأكاديميين ومهتمين بالقضايا البيئية والجيولوجية.
وقد أثبت المشروع أنه “يمكن من خلال ما يسمى سدود التغذية الاصطناعية للمياه الجوفية، دفع نسبة كبيرة من المياه السطحيّة إلى التسرّب نحو المياه الجوفية في مواقع مواتية، وبهذه الطريقة من الممكن التغلب بسهولة على فترات شح المياه كتلك التي شهدناها في السنة الجارية”.
ونفذ المشروع مسحا ميدانيا لجميع مصادر التلوّث، كما قام بتقويم الخطر الناتج منها. وقد بيّن المسح “وجود أكثر من 80 محطة وقود قرب تجمعات المياه، إذ معظم خزانات المحروقات قديمة ومتآكلة ومطمورة من دون أي مانع للتسرّب، ما قد يسمح بتسرّب المحروقات إلى المياه الجوفية”. ونظرا الى حساسية المياه الجوفية في هذا النطاق، أوصى المشروع بـ”استعمال خزانات ذات طبقة مزدوجة فقط، وفرض مراقبة تسرّب الوقود ورصد وجود الـMTBE في مياه جميع الينابيع”. إلى ذلك تشكّل “مزارع الحيوانات والمسالخ خطراً داهماً في غياب الرقابة على وسائل التخلص من السماد وجثث الحيوانات في ظل غياب كلي لمصانع تدويرها في المنطقة المذكورة. كذلك تهدد المقالع والكسارات ومناشير الصخر نوعية المياه التي تغذي بيروت الكبرى بحيث تتسبب بعكارة عالية جدا لوحظت في ينابيع جعيتا وقشقوش”.
وألقى الجسر كلمة أكد فيها أهمية الدراسة التي تشكل مدماكاً أساسيّاً في خطة رفع الأضرار البيئية عن كاهل منطقة حوض نبع جعيتا وحماية مصدر المياه الأساسي لبيروت وضواحيها. فهذه المنطقة عانت، ولا زالت، من أعباء بيئية تحد من آمالها في التنمية والازدهار”. وأضاف “انصبت جهودنا وجهود فاعليات المنطقة على معالجة هذه المعضلة بشكل متكامل، وأعني بذلك مشكلة الصرف الصحي لكسروان، ونستطيع القول ان مشكلة الصرف الصحي قطعت شوطا مهماً على طريق المعالجة”.
ثم ألقى مستشار وزير البيئة إدمون إسطا كلمة المشنوق، فأشار إلى أن “المعالجة الجدية والفعّالة لمياه نبع جعيتا يجب أن تنطلق عبر معالجة المصادر الأساسية للتلوث”، مشددا على “أهمية اتخاذ كل الإجراءات والخطوات الآيلة إلى تأمين الحماية الفعالة والمستدامة لمياه جعيتا على كل الصعد”.
بدوره، قال كلاجس “ان الحكومة الالمانية تساهم بالحفاظ على جودة المياه في لبنان تقنيا وماليا”، مؤكدا “متابعة التعاون مع السلطات اللبنانية في المشاريع الانمائية”. وتخللت اليوم جلسات تناولت تفاصيل المشروع والدراسة والنتائج التي خلص إليها، والحلول المطلوب تنفيذها.