لم تعد السلطات الأميركية ترحم أي مصرف، أميركياً كان أم أجنبياً، من الخضوع تارة لقوانينها الضريبية واُخرى لعقوباتها. فبعد سلسلة تدابير طالت حتى عمالقة المصارف العالمية، وتحديداً «ويلز فارغو»، «جي بي مورغان تشايس»، «سيتي غروب»، «بنك اوف أميركا»، ألاي فايننشال»، «كريدي سويس»، «أتش اس بي سي»، «بي ان بي باريبا»، ها هي «جاروفة» القضاء الأميركي على وشك اصطياد ثاني أكبر مصارف ألمانيا، «كومرتس بنك».
فقد توقعت مصادر مطلعة أن يدفع «كومرتس بنك« مبلغاً يراوح بين 600 و800 مليون دولار لتسوية تحقيقات تتعلق بتعاملاته مع إيران ودول أخرى تقع تحت طائلة العقوبات الأميركية. أضافت المصادر أن الغرامة التي قيل في وقت سابق إنها ستزيد عن 500 مليون دولار تتضمن مطالب من مدير هيئة الخدمات المالية في نيويورك، بنجامين لوسكي، بأكثر من 300 مليون دولار من المصرف. ويتوقع محللون أن يضطر المصرف الألماني لحجز ما يصل إلى 300 مليون يورو (409 ملايين دولار)، لأن غرامة الـ800 مليون دولار تشكل تقريباً ضعفي ما كان يتوقع المصرف أن يخصصه لإيران.
وقد بلغت مؤونات المخاطر لدى المصرف في نهاية سنة 2013 ما قيمته 934 مليون يورو، ويشمل ذلك التحقيقات الأميركية.
كما أن تكاليف إضافية بقيمة 300 مليون يورو تعني الكثير قياساً بالأرباح التي يتوقع المصرف أن يجنيها سنة 2014، وفقاً لغيدو هويمان، المحلل لدى شركة «ميتزلر». إذ من المتوقع أن تصل ارباحه إلى مليار يورو هذا العام، بحسب «طومسون رويترز ستارماين». والغرامة الإضافية المحتملة بقيمة 300 مليون يورو تُتَرجَم 0,26 يورو لكل سهم، في حين أن أسهم المصرف خسرت 0,77 يورو منذ بداية الأسبوع.
وتشارك سلطات أميركية اُخرى في المحادثات، من بينها وزارتا العدل والخزانة ومجلس الاحتياطي الاتحادي (المصرف المركزي) والمحامي العام لمانهاتن.
و«كومرتس بنك« هو أحدث مصرف يدخل في مفاوضات تسوية مع السلطات في الولايات المتحدة، بعدما أبرم مصرف «بي.إن.بي باريبا« الفرنسي صفقة الأسبوع الماضي يدفع بمقتضاها غرامة قياسية قدرها 8.9 مليارات دولار لتسوية تحقيقات حول انتهاك عقوبات، وما يتصل بها من معاملات مع السودان وإيران وكوبا.
ورفض ممثل لـ»كومرتس بنك« التعليق على مزاعم انتهاك العقوبات وعلى حجم اي تسوية. كما رفضت وزارة العدل ومكتب المحامي العام لمانهاتن وهيئة الخدمات المالية في نيويورك التعليق، في حين لم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات الاُخرى المعنية بالأمر.
ومن بين الانتهاكات الجاري التحقيق فيها هي معاملات نفذها «كومرتس« بنك لصالح شركة «خطوط الشحن الإيرانية»، حسبما قال أحد المصادر، علماً أن الشركة التي ترعاها الدولة الإيرانية كانت قد فُرضت عليها عقوبات اقتصادية من جانب الولايات المتحدة سنة 2008 بتهمة دعم البرنامج النووي الإيراني.
وأفادت المصادر بأن السلطات الأميركية تُجري تحقيقات أيضاً تتعلق بانتهاك عقوبات وتشمل مصارف أوني كريديت الإيطالي وكريدي أغريكول وسوسيتيه جنرال الفرنسيين ودويتشه بنك الألماني.