رأت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن هجوم الجيش الاسرائيلي على قطاع غزة هدفه السيطرة على الغاز الفلسطيني، وتفادي أزمة الطاقة الاسرائيلية. وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته الخميس الى تأكيد وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون أن الهدف وراء الخطط العسكرية لـ»اقتلاع حماس» يكمن في السيطرة على احتياطيات الغاز في غزة، واعلانه أن العمليات العسكرية تمثل بداية الهجوم الذي طال أمده على حماس، وأنها لن تنتهي في غضون أيام قليلة، مضيفا «نحن نستعد لتوسيع العملية بكل الوسائل التي بحوزتنا وذلك لمواصلة ضرب حماس».
وأشارت الى قوله :»اننا مستمرون بالضربات التي ستصبح ثمنا باهظا جدا على حماس، فنحن ندمر الأسلحة، والبنى التحتية، والقيادات وأماكن سيطرتهم، ومؤسسات حماس، ومباني النظام، منازل الارهابيين – على حد وصفه- … الحملة ضد حماس ستوسع خلال الأيام المقبلة، وستدفع المنظمة ثمنا ثقيلا جدا».
وانتقلت الى عام 2007، قبل عام من عملية الرصاص المصبوب، حيث كانت مخاوف يعلون تتركز على 1.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي اكتشفت قبالة سواحل غزة في عام 2000، وتبلغ قيمتها نحو4 مليارات دولار.
واشارت الى رفض يعالون فكرة أن «غاز غزة يمكن أن يكون المحرك الرئيسي لقيام دولة فلسطينية قابلة لحياة اقتصادية»، وواصفا بأنها مضللة، وأوضح أن المشكلة، كما قال، تكمن في أن «عائدات بيع الغاز الفلسطيني الى اسرائيل من المرجح أن لا تتناسب مع مساعدة الجمهور الفلسطيني الفقير، بل بناء على التجربة الاسرائيلية في الماضي، فانه من المحتمل أن تخدم العائدات تمويل المزيد من الهجمات ضد اسرائيل».
ونوهت بأن عملية «الرصاص المصبوب» لم تنجح في اقتلاع حماس، ولكن أدت الى مقتل 1387 فلسطينيا (773 منهم من المدنيين) و9 اسرائيليين (3 منهم من المدنيين).
وأفادت «الجارديان» أنه منذ اكتشاف النفط والغاز في الأراضي المحتلة، أصبح التنافس على الموارد على نحومتزايد في قلب الصراع، بسبب عجز موارد الطاقة المحلية الاسرائيلية.
وفي وقت سابق من هذا العام، أدانت حركة حماس اتفاق السلطة الفلسطينية بشأن شراء غاز بقيمة 1.2 مليار دولار من حقل تانين الاسرائيلي -على بعد 120 كم من شاطئ اسرائيل- على فترة 20 عاما بمجرد أن يبدأ انتاج الحقل، وفي الوقت نفسه، عقدت السلطة الفلسطينية عدة اجتماعات مع مجموعة الغاز البريطانية لتطوير حقل غاز غزة، بهدف استبعاد حماس – وبالتالي سكان غزة – من الحصول على العائدات، وهذه الخطة كانت من بنات أفكار مبعوث اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط توني بلير.
ووفقا لمجلة أنيس «أنترسيان» الصادرة من جامعة كاليفورنيا «قسم الدراسات الفلسطينية»، المتخصصة في الصراع العربي الاسرائيلي والتي تصدر باللغة الانجليزية، ركزت على قبضة اسرائيل على غزة لجعل «وصول الفلسطينيين الى حقل(1) وحقل(2) من آبار الغاز مستحيلا»، وأن هدف اسرائيل على المدى الطويل «الى جانب منع الفلسطينيين من استغلال مواردهم الخاصة، في دمج حقول الغاز قبالة غزة في المنشآت البحرية الاسرائيلية المجاورة والاستراتيجية الأوسع نطاقا هو.. فصل الفلسطينيين عن أراضيهم والموارد الطبيعية، وذلك لاستغلالها، وينتج عن ذلك، عرقلة التنمية الاقتصادية الفلسطينية، وبالرغم من كل الاتفاقات الرسمية، تواصل اسرائيل ادارة جميع الموارد الطبيعية اسميا تحت الولاية القضائية للسلطة الفلسطينية، من أراض ٍ ومياه وموارد بحرية ونفط وغاز».
ونوهت بأن الخيار الوحيد أمام اسرائيل هو«عملية عسكرية لاجتثاث حماس»، وللأسف، على الجيش الاسرائيلي اقتلاع حماس، بمعني تدمير قاعدة الدعم المدني للمجموعة – وهذا هوالسبب وراء عدد الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين والتي تفوق على نطاق واسع الاسرائيليين، ولكن قدرة اسرائيل على الحاق الدمار هي ببساطة أكبر بكثير.
واختتمت الجارديان بالقول انه من الواضح أن الصراع بين اسرائيل وفلسطين ليس بشأن الموارد، ولكن في عصر الطاقة المكلفة، والمنافسة للسيطرة على الوقود الأحفوري الاقليمي، سيكون صاحب التأثير بصورة متزايدة على القرارات الحاسمة التي يمكن أن تشعل الحرب بينهما.
أما البروفيسور(Michel Chossudovsky) (1) أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية – فجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد بالبراهين القاطعة على أن الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة كان من أجل تأمين احتياجات اسرائيل من الغاز الطبيعي الموجود بكميات ضخمة للغاية في مواجهة سواحل قطاع غزة على البحر المتوسط.
حيث أكد على أن الغزوالعسكري لقطاع غزة بواسطة القوات الاسرائيلية له علاقة مباشرة بالرغبة في السيطرة وامتلاك الاحتياطيات الاستراتيجية من الغاز الموجودة في المياه الاقليمية لقطاع غزة. ففي عام 2000 ، تم اكتشاف احتياطيات من الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة على نطاق واسع .
حيث تم منح الشركة البريطانية للغاز (British Gas Group) وشركة أخرى يوجد مقرها في أثينا ومملوكة لذوي أصول لبنانية – تم منحهما حقوق التنقيب عن النفط والغاز في الاتفاق الذي وقع في تشرين الثاني / نوفمبر 1999 مع السلطة الفلسطينية. وحسبما أوردت جريدة هآرتس الاسرائيلية في 21 أكتوبر 2007 فان هذه الحقوق في حقول الغاز قدم منحها في مقابل حصول الشركة البريطانية على نسبة60 % من الغاز المستخرج ، وتحصل الشركة الأخرى على 30 % ، وأخيرا ً يحصل صندوق الاستثمار التابع للسلطة الفلسطينية على (10 %). ويشمل الاتفاق أيضا ً نصوصا ً حول تنمية الحقول المكتشفة وبناء خط لنقل الغاز حسبما جاء في (Middle East Economic Digest) في عددها المنشور بتاريخ 5 يناير 2001.
وقد قامت الشركة البريطانية بحفر بئرين في عام 2000 : الأول يسمى (Gaza Marine-1) ، والثاني يسمى (Gaza Marine-2). وقدرت الشركة البريطانية احتياطيات في الموقع بحوالي من 1.4 تريليون قدم مكعب ، تبلغ قيمتها نـحو4 بليون دولار ، واذا كانت هذه هي الأرقام التي أعلنتها الشركة البريطانية . الا أن البروفيسور (شوسودوفسكي) أكد أن حجم احتياطيات الغاز في فلسطين يمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير. نؤكد نحن أن هذا يكفي لجعل دولة فلسطين في المستقبل دولة غنية مثل الكويت ، وذلك بالنظر الى تعداد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.
مــن يمـلك حــقــول الغــــــاز فان السيادة على حقول الغاز في قطاع غزة تعتبر قضية حاسمة. فمن وجهة النظر القانونية ، فان احتياطيات الغاز تلك تعتبر تابعة لفلسطين. ولكن وفاة ياسر عرفات ، وانتخاب حكومة حماس ، ثم تدمير السلطة الفلسطينية مكنت اسرائيل من اقامة سيطرة فعلية على احتياطيات الغاز البحرية المقابلة لقطاع غزة،ومن ثم تعاملت الشركة البريطانية للغاز مع الحكومة الاسرائيلية. وبالتالي تم تجاهل حكومة حماس فيما يتعلق بحقوق استكشاف وتنمية حقول الغاز في القطاع.
حقول الغاز في جنوب البحر المتوسط
وفي عام 2001 ، عقب انتخاب رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون كانت هناك نقطة تحول رئيسية. حيث تم الطعن أمام المحكمة العليا الاسرائيلية في قانونية السيادة الفلسطينية على حقول الغاز البحرية ، وأعلن شارون بكل صراحة أن «اسرائيل لن تشتري الغاز من فلسطين» ملمحا ً الى أن احتياطيات الغاز البحرية في غزة مملوكة – أويجب أن تكون مملوكة لاسرائيل.
وقد نشر في صحيفة (الاندبندنت) البريطانية في 19 أغسطس من عام 2003 ، أن شارون قام برفض اتفاق مبدئي ، كان من شأنه أن يسمح للشركة البريطانية للغاز لتزويد اسرائيل بالغاز الطبيعي من آبار غزة البحرية. ومنذ عام 2006 ، وبعد أن أدى فوز حركة حماس في الانتخابات وتشكيلها الحكومة برئاسة اسماعيل هنية ، صارت السلطة الفلسطينية تسيطر فقط على الضفة الغربية.
وفي عام 2006 أيضا ًووفقا ً لمجلة التايمز الصادرة في 23 مايو2007 – كانت الشركة البريطانية للغاز «على وشك توقيع اتفاق لضخ الغاز لمصر». الا أن هناك تقارير أكدت قيام رئيس الوزراء البريطاني السابق (توني بلير) بالتدخل لصالح اسرائيل ، بهدف التوصل الى منع الاتفاق مع مصر.
وبعد ذلك بعام واحد ، وفي مايو2007 ، وافقت الحكومة الاسرائيلية على اقتراح من رئيس الوزراء الاسرائيلي (ايهود اولمرت) بشراء الغاز من السلطة الفلسطينية . وكان العقد المقترح بقيمة 4 بلايين دولار ، بأرباح 2 بليون دولار منها بليون دولار تذهب الى الفلسطينيين.
الا أنه لم يكن لدى تل أبيب أي نية لاقتسام هذه العائدات مع الفلسطينيين. فقامت الحكومة الاسرائيلية بعمل فريق من المفاوضين للتوصل الى اتفاق مع الشركة البريطانية للغاز مع تجاهل وتجاوز كل من حكومة حماس والسلطة الفلسطينية ، وكان الهدف المعلن هوأن يحصل الفلسطينيون على نصيبهم في صورة سلع وخدمات بهدف ألا تذهب الأموال الى الحكومة التي تسيطر عليها حماس.
الا أن الهدف الحقيقي والأساسي كان هوالغاء العقد الموقع في 1999 بين مجموعة (بريتش جاس) والسلطة الفلسطينية في ظل ياسر عرفات. اذ أنه بموجب الاتفاق المقترح في عام 2007 مع الشركة البريطانية (بريتش جاس) ، يتم نقل الغاز من الآبار البحرية في غزة عن طريق خط أنابيب تحت البحر الى ميناء عسقلان (أوأشكلون) الاسرائيلي ، وبالتالي نقل السيطرة على بيع الغاز الطبيعي الى اسرائيل.
ولكن الصفقة تعثرت. والمفاوضات توقفت ، حيث عارض رئيس الموساد الصفقة لأسباب أمنية زاعما ً أن العائدات ستمول الارهاب .فالنية في اسرائيل كانت تجنب توجيه العائدات الى الفلسطينيين. وفي ديسمبر 2007 انسحبت بريتش جاس من المفاوضات مع اسرائيل ، وفي يناير 2008 أغلقت مكاتبها في اسرائيل. وذلك وفقا ً لموقع شركة بريتش جاس جروب.
التـخـــطـــيط للــغــزو
يقول البروفيسور (شوسودوفسكي)أن خطة غزوالقطاع قد وضعت في الذهن الاسرائيلي منذ يونيو2008 ، فقد ذكرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية في 27 ديسمبر 2008 أن مصادر في وزارة الدفاع قد صرحت بأن وزير الدفاع (ايهود باراك) قد وجه تعليماته الى قوات الدفاع الاسرائيلية للاعداد لهذه العملية منذ أكثر من ستة أشهر ، أي منذ يونيو2008 ، وهونفس الوقت الذي بدأت فيه اسرائيل التفاوض على وقف اطلاق النار مع حماس. وفي نفس الشهر ، قامت السلطات الاسرائيلية بالاتصال بشركة بريتش جاس ، وذلك بهدف استئناف المفاوضات الحاسمة المتعلقة بشراء الغاز الطبيعي المستخرج من آبار غزة البحرية.
وقد نشر في يونيو2008 أن مصادر أشارت الى أن بريتش جاس لم ترد رسمياً على طلب اسرائيل ، الا أن الشركة المذكورة من المحتمل أن يأتي ممثلوها الى اسرائيل في غضون بضعة أسابيع لاجراء محادثات مع المسئولين الاسرائيليين .
ويرى البروفيسور (شوسودوفسكي) أن قرار تسريع المفاوضات مع بريتش جاس وتزامنه مع التخطيط لغزوقطاع غزة يدل على أن اسرائيل حريصة على التوصل الى اتفاق مع الشركة البريطانية قبل الغزو،بل والأكثر من ذلك ، فان هذه المفاوضات مع بريتش جاس وحكومة ايهود اولمرت كانت تجري مع وجود علم مسبق بأن الغزوالعسكري على لوحة الرسم والتخطيط . وفي جميع الاحتمالات ، كانت هناك ترتيبات سياسية جديدة «في مرحلة ما بعد الحرب» لقطاع غزة.
وفي الحقيقة ، فان المفاوضات بين شركة بريتش جاس والاسرائيليين قد تم استئنافها في أكتوبر الجاري 2008 أي قبل شهرين أوثلاثة أشهر من بدء القصف في 27 ديسمبر من عام 2008.
وفي نوفمبر 2008 ، وجهت وزارة المالية ووزارة البنية التحتية الاسرائيليتين تعليمات لشركة الكهرباء الاسرائيلية للدخول في مفاوضات مع بريتش جاس لشراء الغاز الطبيعي من الامتياز البحري في حرس الحدود في قطاع غزة. (موقع Globes الاسرائيلي ، في 13 نوفمبر 2008) ويؤكد البروفيسور (شوسودوفسكي) على أن الاحتلال العسكري الاسرائيلي لغزة هويهدف الى نقل السيادة على حقول الغاز الى اسرائيل في انتهاك سافر للقانون الدولي.
ويتساءل (شوسودوفسكي) عن الذي يمكن أن نتوقعه في أعقاب الغزو؟ وما هومقصد اسرائيل فيما يخص احتياطي الغاز الطبيعي الفلسطيني؟ هل هي ترتيبات اقليمية جديدة تتمثل ووضع قوات اسرائيلية و/ أوقوات «حفظ السلام» ؟ هل هي عسكرة الخط الساحلي بأكمله في غزة ، وهوالذي له أهميته الاستراتيجية لاسرائيل؟ هل هي مصادرة حقول الغاز الفلسطينية من جانب واحد واعلان السيادة الاسرائيلية على غزة والمناطق البحرية؟ اذا حدث هذا ، فان الحقول البحرية للغاز في قطاع غزة ستندمج اسرائيل في المنشآت البحرية الاستخراجية الاسرائيلية التي هي على تماس بها ، على النحوالمبين بالخرائط المرفقة. وهذه المنشآت البحرية الاسرائيلية ترتبط بما يوصل الغاز الى اسرائيل في أنابيب نقل الطاقة الاسرائيلية التي تمتد من ميناء ايلات – وهوخط أنابيب النفط – وخط أنابيب عسقلان شمالا ًالى حيفا لكي يتم ربطها مستقبلا في نهاية المطاف واقترح من خلال مع خطوط أنابيب مقترحة (تركية/ اسرائيلية) مع ميناء جيهان التركي. فالهدف اذن هوربط خط أنابيب (باكو- تبليسي – جيهان) القادم من بحر قزوين باسرائيل عبر خط أنابيب (ايلات-عسقلان) .
والسؤال الذي نطرحه نـحن ، ما علاقة هذا المخطط بتلك الحملة الصاخبة في مصر – والتي بدأت حتى قبل الغزو– التي تطالب الحكومة المصرية بقطع امدادات الغاز عن اسرائيل ؟ وهل المسئولين في حماس وفي الضفة الغربية على علم بهذا المخطط الاسرائيلي لاختلاس حق الشعب الفلسطيني في حقول الغاز البحرية المقابلة لشواطئ غزة والتي سبق أن تم اقرار أحقيتهم فيها في عهد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات؟ وهل تعلم الأطراف العربية والاقليمية بهذا المخطط ؟ وفي حالة توافر علم الجميع بهذه الخطة الاسرائيلية ، ما مدى اسهام المواقف الراهنة التي يتخذها كل طرف في احباط أوفي انجاح المخطط الاسرائيلي؟ نطرح هذه الأسئلة خاصة وأن كل الأطراف لم تتحدث في أي لحظة من اللحظات عن هذا الحق الذي يتم سلبه علانية من الشعب الفلسطيني بعد أن نجح في الحصول عليه بعد سنوات طويلة من مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
وفي الحقيقة فان شوسودفسكي ليس هوالوحيد الذي أكد على أن حقول الغاز البحرية المملوكة للشعب الفلسطيني هي سبب الحرب على غزة ، اذ نشرت صحيفة التليجراف البريطانية مقالا ً بعنوان ( غزة لا تحتاج للمساعدة .. لديها حقول غاز بقيمة 2 بليون جنيه استرليني) ، وهومقال للكاتب (Tim Butcher) نشر في 2 يناير من عام 2009 -2 ، والذي تحدث فيه عن تفاصيل تدعم صحة ما ذهب اليه شوسودفسكي.
ومن قبل غزة كانت سيناء
بعد 1967 وبعيدا ً افتراضات شوسودفسكي ومن يتفق معه فيها ، نجد أن هذه الممارسات الاسرائيلية غير القانونية سبق وأن قامت بها أثناء احتلالها لشبه جزيرة سيناء . فالثابت أن اسرائيل نهبت ثروات سيناء وبالذات نفطها. وهوما يعني أن مصر فقدت بشكل نهائي جزءاً من الثروات الطبيعية في سيناء بعد حرب1967, ذلك يمكن بل ويجب أن يكون مبررا لطلب تعويضات من اسرائيل حاليا الا أن النتيجة في ذلك الحين كانت فقدان الاقتصاد المصري لجزء من الثروات الطبيعية بعد وقوع سيناء أسيرة للاحتلال الاسرائيلي.3، ويؤكد كتاب غربيون أن اسرئيل استطاعت زيادة امداداتها من البترول بعد استيلائها على حقول البترول المصرية في سيناء بعد حرب 1967 ، ومن هؤلاء (Daniel Engber) في مقاله الذي نشر تحت عنوان (من أين تحصل اسرائيل على النفط؟) -4، ، وكذلك (Matt Giwer) في مقاله الذي نشر تحت عنوان (انها فقط حاجة اسرائيل للنفط)-5، حقول البترول في سيناء بداية الاختلاس أعلن بنيامين بن أليعازر، وزير البنية الأساسية الوطنية الاسرائيلي، توصل شركة نوبل انرجى ، الى كشف كبير للغاز الطبيعى، قبالة ساحل اسرائيل، على البحر المتوسط، بما قد يقلل بدرجة كبيرة اعتمادها على الواردات الخارجية من الغاز. ووصف الوزير فى بيان له الاكتشاف بأنه لحظة تاريخية فى سوق الطاقة الاسرائيلية. وقال ياكوف ميمران، مفوض النفط، انه من السابق لأوانه الحديث عن الكميات، لكن اذا تأكدت النتائج الأولية، فان الاكتشاف الواقع قبالة ساحل حيفا شمال اسرائيل، قد يلبى الطلب المحلى لنحو15 عاماً. وقد كانت شركة نوبل انرجى، قد أعلنت اكتشافها أكثر من ثلاثة تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعى فى بئر قبالة ساحل اسرائيل على البحر المتوسط. وتشكل نوبل وعدد من الشركاء الاسرائيليين كونسورتيوم ينقب عن الغاز الطبيعى منذ خمس سنوات فيما يسمى موقع تمار الذي يبعد مسافة 90كيلومتراً غربي ميناء حيفا شمال اسرائيل.[6] دلائل جديدة على وجود الغاز قبالة سواحل غزة نشرت جريدة الأهرام المصرية في 30 يناير 2009 بعد أقل من أسبوعين من اعلان اسرائيل عن اكتشافها المشار اليه حالا ً ، أنه قد بدأ انتاج الغاز الطبيعي لأول مرة من منطقة ثقة بالبحر المتوسط التابع لشركة ثروة للبترول بمعدل انتاج يومي95 مليون قدم مكعب لتضاف الي الشبكة القومية للغاز. جاء ذلك في التقرير الذي تلقاه المهندس سامح فهمي وزير البترول من المهندس عاطف عبد الصادق رئيس شركة ثروة للبترول حول بدء انتاج الشركة من الغاز حيث أشار التقرير الي أنه بمجرد اعتماد خطة تنمية منطقة ثقة في عام2007 وفي خلال20 شهرا فقط بالمشاركة مع شركة أيوك الايطالية تم تصنيع وتركيب منصتين بحريتين وخطوط بحرية بأطوال تزيد على50 كيلومترا .
وأشار المهندس عاطف عبد الصادق الي أنه تم الانتهاء من المسح السيزمي ثلاثي الأبعاد لمساحة1300 كيلومتر مربع في منطقة امتياز العريش البحرية في البحر المتوسط والذي نفذته الشركة لأول مرة وفي وقت وتكلفة قياسية, ومن المتوقع بدء حفر أول بئر استكشافية للشركة في منطقة امتياز العريش البحرية قبل نهاية هذا العام. وتجدر الاشارة الي أن شركة ثروة تأسست كشركة مساهمة مصرية عام2004 وبدأت نشاطها بتوقيع5 اتفاقيات التزام للبحث عن البترول واستغلاله في مناطق الصحراء الغربية والبحر المتوسط بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة ثروة للبترول. ووفقا ً للخبر المنشور الأهرام فانه خلال عامين فقط من بدء النشاط حققت الشركة أول كشف للغاز في منطقة ثقة بالبحر المتوسط وفازت بمنطقتي امتياز جديدتين بعد منافسة شديدة مع شركات عالمية ليصبح عدد مناطق الامتياز بها 7 مناطق بحث واستكشاف .فهل يعقل أن الغاز موجود قبالة السواحل الاسرائيلية المتاخمة لحدود الاقليم البحري لغزة وموجود أيضا ً أمام سواحل العريش دون أن يكون موجودا وبالكميات التي تحدث عنها البروفوسير شوسودوفسكي قبالة سواحل غزة؟! نابوكولم تنس أوروبا أيامها العصيبة مع الغاز الروسي فكلما تلبدت سماء العلاقات بين موسكووالغرب تحبس العواصم الأوروبية أنفاسها وتشخص بأبصارها الى أنابيب الغاز على أمل ألا تنقطع امداداتها خاصة في أيام الشتاء القاسية، وضع سعت الدول الأوروبية لتلافيه بالتفكير في بدائل تكفل لها تنويع مصادر الطاقة بعيدا عما تعتبره ابتزازا روسيا، يتكفل عملاق الطاقة الروسي غاز بروم بما يزيد عن ربع الحاجات الأوروبية من الغاز الطبيعي وذلك عبر خطي امداد رئيسيين أولهما يعرف بخط التيار الشمالي يربط بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق ليؤمن الغاز لكل من السويد وفنلندا وكالينينغراد الروسية بواقع مائتي مليار متر مكعب سنويا الى ما بعد سنة 2015، الخط الثاني يسمى التيار الجنوبي يشق قاع البحر الأسود ليصل ضفتي روسيا وبلغاريا تستفيد منه المجر والتشيك والنمسا بما يصل الى ثلاثين مليار متر مكعب سنويا. شرايين غازية تمر كلها عبر المضخة الروسية ما جعل فكرة جديدة تطفوعلى السطح بايعاز أوروبي أميركي لعلها تكسر الاحتكار الروسي لهذه الطاقة، يتعلق الأمر بما سمي خط نابوكوأوطريق الحرير الجديد في اشارة الى أنبوب يجلب الغاز الطبيعي من منطقة ما وراء القوقاز وآسيا الوسطى ومن دول شرق أوسطية مثل مصر والعراق وايران ليمر بعد ذلك عبر الأراضي التركية ومنها الى أوروبا من خلال بلغاريا والمجر والنمسا متجنبا المنابع والأراضي الروسية بالكامل، مشروع عملاق يتطلب مد خط امداد بطول 3300 كيلومتر يعول عليه في توفير 31 مليار متر مكعب بحلول سنة 2018، وهوالمشروع الذي يتطلب أزيد من ثمانية مليارات يوروحتى ينجز. غير أن الكلفة المادية لا تبدوالعائق الأهم مقارنة مع طريق الأنبوب المفروش بالتدهور الأمني في أكثر من بلد، ومع خلاف تركي أرمني وآخر تركماني أذري بدت فيه باكوأميل الى تصدير غازها عبر روسيا، اضافة الى رفض دول من آسيا الصغرى وتلكؤ أخرى في توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تمضي بالمشروع قدما، تعثر يشير الى كثير مضن ينتظر أوروبا حتى ترى حلمها الغازي وقد أصبح حقيقة بحلول عام 2015.(7) غاز غزة وأهميته بالنسبة للأمن القومي المصري وأمن الشرق الأوسط لا ريب أن ضمان حماية حق ملكية الدولة الفلسطينية لحقول الغاز البحرية المقابلة لسواحل غزة ، وكفالة تمتع الدولة الفلسطينية المراد اقامتها بكافة السلطات على هذه الحقول ، يعتبر الأمل الوحيد أمام الشعب الفلسطيني باعتبار أنها الثروة الطبيعية الوحيدة التي شاء القدر أن يهبها لهذا الشعب كي يبدأ في تأسيس دولته.
أنظر الى العوائد المالية المتوقعة من بيع الغاز وحجم الاستثمارات التي سيتم ضخها في الاقتصاد الفلسطيني – وليس الاقتصاد الغزاوي – وكذلك الى الصناعات المجاورة لصناعة الطاقة القائمة على الغاز مثل صناعات انتاج الطاقة الكهربية والبتروكيماويات ومجموعة الصناعات المرتبطة بالألومنيوم ، وأنظر أيضا ً الى حجم فرص العمل التي سيتم توفيرها بناء على ذلك ، أنظر الى كل ذلك وسترى أن هذه الحقول هي التي ستجعل الدولة الفلسطينية المأمولة دولة مؤسسات قادرة على الانخراط في الحياة الدولية وتتعايش مع مرحلة ما بعد انشاء الدولة الفلسطينية.
وأمعن النظر في العدوان الاسرائيلي ووحشيته والخلفيات والدوافع التي تقف وراءه وسترى أن اسرائيل ومن وراءها لا يرغبون في تحقيق ذلك حتى تستمر الحرب قائمة ويستمر نزيف الدم الى ما لا نهاية .
ان اقامة دولة فلسطينية مستقرة سياسيا واقتصاديا ً سيزيح عم عاتق الأمن القومي المصري أعباء لا حصر لها ، وسيفتح أمام الدولة المصرية آفاق من النمولا نهاية لها . كما أن اقامة هذه الدولة سيعتبر – دون أدنى شك – نهاية لحالة الحرب القائمة في الشرق الأوسط وبداية لعصر جديد من النمووالرخاء لشعوب هذه المنطقة ، بل والعالم أجمع.
لذلك فانه يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك لحماية حقوق ملكية الشعب الفلسطيني لهذه الثروات الطبيعية ومنع الدولة الاسرائيلية من الاعتداء عليها ونهبها وسرقتها .