IMLebanon

البورصة في أتون الإنهيار

Joumhouriya-Leb

طوني رزق

تكفي نظرة سريعة الى الاسواق المالية اللبنانية للتأكد من أنّ لبنان يمرّ في إحدى اصعب مراحل وجوده. فالازمات تحيطه من كل الجهات. والبركان السياسي الداخلي ما زال يقذف بحممه الحارقة لكل نسمات الأمل المحتمَلة او الممكنة. ويتصرف اللبنانيون في السياسة وكأنّ البلاد في ظروف عادية تجوز فيها المناورات السياسية ولكأنّ اللبنانيين أيضاً لم يعودوا يريدون تقاسمَ الجبنة بل التنافس عليها على طريقة صولد وأكبر.
وها هي بورصة بيروت الرسمية للاسهم تنهار يوماً بعد يوم ليتراجع مؤشر بلوم العام للاسهم المحلية 0,81 في المئة هذا الاسبوع ليقترب تراجعها هذا العام من العشرة في المئة. والى جانب الفراغ في كرسي الرئاسة يتصاعد صراخ المطالبين بتعديل سلسلة الرتب والرواتب وتعلو أصوات آخرين لتحسين وإصلاح الوضع في الجامعة اللبنانية وعشرات الشؤون الاجتماعية الاخرى، وليس آخرها ملف النازحين السوريين والشأن الامني والانهيارات السياسية والامنية – العسكرية في دول الجوار والمنطقة بأكملها.
وفي دولة مخترَقة من نواحٍ عدة يبقى المرصاد الاميركي والدولي لأيّ اشتباهٍ بعمليات تبييض الاموال او تمويل الارهاب او التهرّب الغربي. وذلك يشكل سيفاً مسلطاً على رقاب المؤسسات المالية والمصرفية وبالتالي على اللبنانيين جميعاً. وكان تراجع بورصة بيروت الرسمية للاسهم للاسبوع الثالث على التوالي مرافقاً لملف القاء القبض على مجموعات من الانتحاريين في عدد كبير من الفنادق اللبنانية ولانتشار وانتصار داعش العسكري المدوّي في المنطقة وتهديد هذه المنظمة للبنان أيضاً.
فكان أداء البورصة اللبنانية الأسوأ بين بورصات المنطقة والاسواق الناشئة. أما الأداء الافضل فكان في بورصة قطر التي زاد مؤشرها بنسبة 4,39 في المئة، وفي بورصة دبي التي ارتفعت بنسبة 3,99 في المئة، وفي بورصة مصر التي زادت بنسبة 2,41 في المئة. وتواصل الهبوط الحاد لأسعار اسهم شركة سوليدير محلياً ودولياً. إذ تراجع سعر اسهم الفئة (أ) بنسبة 2,69 في المئة الى 12,65 دولاراً. وانخفض سعر اسهم الفئة (ب) بنسبة 2.23 في المئة الى 12,72 دولاراً. وهبط سعر اسهم الشركة فئة GDR في سوق لندن المالية بنسبة 1,23 في المئة الى 12,84 دولاراً.
وعلى صعيد الاسهم المصرفية كان تراجع اسهم بنك عودة فئة (GDR) في سوق لندن خير اشارة الى الظروف السيئة التي تمرّ بها الاوراق المالية اللبنانية. إذ تراجعت اسعار هذه الاسهم بنسبة 8,57 في المئة الى 6,40 دولارات. كما انخفضت الاسهم نفسها في بورصة بيروت بنسبة 4,35 في المئة الى 6,60 دولارات.
وفي سوق القطع الاجنبي في بيروت تواصل الاتجاه الانحداري مع ارتفاع الطلب على الدولار الاميركي على حساب الليرة اللبنانية ليُجرى تداول الدولار في السوق المصرفية بأسعار تراوحت بين 1512-1514 ليرة أي على السعر الوسطي 1513 ليرة مقارنة مع تداولات الاسبوع السابق بما بين 1510-1514 ليرة اي على السعر الوسطي 1512 ليرة.
أما في الاسواق العالمية فسجل هذا الاسبوع ارتفاع سعر الذهب الى اعلى مستوى له في ستة اسابيع ليزيد بنسبة 1,34 في المئة الى 1337,73 دولاراً للاونصة، صعوداً من 1320,05 دولاراً، في وقت دفعت ازمة مصرف برتغالي الاسواق العالمية لاستعادة مشهد هشاشة الوضع المالي في القارة الاوروبية وتداعيات ذلك على مختلف الاسواق الاخرى.
وظلت الازمات الجيو سياسية في العراق واوكرانيا تحديداً تشكل دعماً لاسعار النفط على رغم أنّ القلق من الامدادات النفطية الليبية بدأ بالانسحار ما خفّض سعر النفط الاميركي الى 100,83 دولار للبرميل وفي لندن الى 106,56 دولارات.
وجاء تخلّف شركة برتغالية مرتبطة بثاني اكبر بنك برتغالي ليثير موجة قلق أضعفت أداءَ بورصات الاسهم الاميركية والاوروبية والآسيوية. وللدلالة على حجم الخسائر تراجع المؤشر العام للاسهم الاوروبية بنسبة 3,2 في المئة، ومؤشر اسهم المقرضين بنسبة 4,1 في المئة. أما في اسواق الصرف العالمية فاستفاد الينّ الياباني من المخاوف المتجددة بشأن الوضع المالي الاوروبي ليرتفع مقابل العملات الاخرى. فتراجع الدولار الى 101,3 ين في حين تراوح اليورو حول مستوى 1,36 دولار والجنيه الاسترليني حول مستوى 1,71 دولار.
وفي إطار المخاوف الاوروبية، والتي دفعت المستثمرين للهروب من الاسواق في هذه القارة مع تراجع الاسهم لصالح السندات في الاسواق الناشئة حيث العائدات افضل فقد سُجّل تحسن في الاقبال على السندات اللبنانية من فئة الخمس والعشر سنوات ليرتفع مؤشرها بنسبة 2,28 في المئة الى 108,50 نقاط.
لكن ذلك لم يحل دون ارتفاع كلفة ضمان المخاطر على الاوراق اللبنانية المذكورة والتي ارتفعت 9 نقاط اساسية هذا الاسبوع الى ما بين 335-365 نقطة على سندات الخمس سنوات، وذلك مقارنة مع 49054 نقطة للسعودية و151-161 نقطة لاوراق دبي و147-149 نقطة في تركيا.
وبالانتقال الى القطاع الافضل في لبنان وهو القطاع المصرفي فقد اعلن هذا الاسبوع عن ارتفاع موجودات القطاع المذكور في نهاية شهر أيار الماضي بنسبة 2,66 في المئة الى 169,21 مليار دولار اميركي. لكنّ ذلك ترافق مع تراجع حجم القروض للقطاع الخاص بنسبة 3,37 في المئة الى 48,98 مليار دولار اميركي.
ومن جهة اخرى إرتفع حجم ودائع الزبائن المقيمين بنسبة 2,97 في المئة الى 110,92 مليار دولار في حين تراجع حجم ودائع غير المقيمين بنسبة 1,94 في المئة الى 27,93 مليار دولار اميركي.