IMLebanon

صفقات الاندماج والاستحواذ تنشط أسواق الأسهم

FinancialTimes

جون أوثرز

روح الحماس الاستثمارية تعود. عمليات الاندماج والاستحواذ هي بداية الانطلاق مرة أخرى، لكن لديها مسافة أكبر بكثير لتقطعها. ووفقاً لـ”ديلوجيك” تم إنفاق نحو 1.83 تريليون دولار على عمليات الاندماج والاستحواذ في النصف الأول من هذا العام، وهو مبلغ يعد أعلى من 1.3 تريليون دولار الذي أنفق في النصف الأول من العام الماضي، وأكبر حجم للصفقات منذ النصف الأول من عام 2007، قبيل أزمة الائتمان. هذه ظاهرة عالمية حيث بلغت الصفقات العابرة للحدود 626.3 مليار دولار، بزيادة 84 في المائة عن النصف الأول من عام 2013.
وكانت الزيادة في الصفقات الكبيرة مثيرة للإعجاب بصورة خاصة لا سيما مع وجود 13 صفقة بمبلغ أكثر من 10 مليارات دولار في الربع الثاني، بزيادة بلغت خمسة أضعاف مقارنة مع الربع الثاني من عام 2013.
من الصعب ألا تشعر بالتهكم حول هذا الموضوع. فعمليات الاندماج والاستحواذ تعد عمليات كبيرة لايجاد الرسوم للمصرفيين، وتدمير القيمة المستحوذة من قبل المساهمين.
معظم الصفقات تفشل في إيجاد قيمة مهمة لأن المشتري يدفع أكثر من اللازم، أو لأن المستحوذ فشل في المهمة الصعبة المتمثلة في التمسك بشركتين معاً. تصريحات لامعة حول الرؤى الاستراتيجية الجديدة غالباً ما تختزل إلى ممارسة واقعية لخفض التكاليف، أو إلى فشل التنفيذ.
ومع ذلك، لا يمكن تبرير كل ذلك التهكم، على الأقل ليس بعد. لقد بقيت عمليات الاندماج والاستحواذ منخفضة بشكل ملحوظ وفقاً للمعايير التاريخية أثناء التقدم في أسعار الأسهم في السنوات الخمس الماضية. الزيادة في مضاعِفات السعر إلى الأرباح على مدى العامين الماضيين، والتي تعطي المشترين نفوذاً أقوى عند الشراء بالأسهم، لم تدفعهم بعد إلى صفقات التسعينيات السخيفة مثل صفثة “أمريكا أون لاين” مع “تايم وارنر” أو “سيتي بنك” مع “ترافيلرز”.
ومع ذلك، بلغ حجم الصفقات المدفوعة فقط بالأسهم 267.4 مليار دولار في النصف الأول، وهو أعلى للنصف الأول منذ أن بلغت سوق الأسهم الأمريكية ذروتها منذ فترة طويلة في عام 2000. ويعد من الحكمة مشاهدة عودة المستحوذين الذين يأخذون الأمور ببساطة لاستخدام الأسهم المتضخمة للقيام بأشياء سخيفة.
هناك أيضاً صلة تاريخية بين نشاط الصفقات ومدى التوافر وسعر الائتمان. إذا كانت الأموال متوافرة بثمن بخس للقيام بعمليات الاستحواذ، إذن سيكون من المرجح أن تحدث الصفقات بصورة أكثر بكثير. ولم يكن تمويل السندات أبداً أرخص مما هو الآن بالنسبة للشركات الكبيرة، لذلك لديها الخيار لتمويل صفقة رخيصة، إما من الائتمان أو الأسهم. المصارف تحجم عن الإقراض الذي يقيد الشركات الصغيرة. ولكن دراسات البنك المركزي الاستقصائية عن مسؤولي الإقراض تشير إلى أن المعايير آخذة بالتخفيف.
وأخيراً، فإن رد فعل سوق الأسهم تجاه الصفقات يوحي بأن المشترين من المحافظين. وتظهر أبحاث “سيتي بنك” أنه يجري مكافأة المستحوذين مع ارتفاع في سعر السهم على مدى الـ 48 ساعة الأولى من إعلانهم للصفقات. وهذا لا يمت بصلة لما جرى بالتسعينيات، عندما اشترت الشركات بشكل روتيني بأسعار تضعف أرباح المساهمين فيها، ورأت انخفاض أسعار أسهمها نتيجة لذلك.
وحتى مع الشركات الخارجة عن المألوف في بعض الأحيان، مثل المبلغ الضخم المقدر بـ 18.9مليار دولار الذي دفعته “فيسبوك” للاستحواذ على “واتس آب” من هذا العام، من الصعب أن تتقدم بأية حجة تفيد بأن صناع الصفقات اندفعوا بدون تدبر.

“أندرو ميليجان”، من “لستاندرد لايف إنفستمنتس”، يشير إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ تبقى صغيرة كنسبة من إجمالي السوق، مقارنة مع النقطة العالية من دورات أخرى. في الجزء الأول من عام 2000، شكلت عمليات الاندماج والاستحواذ ما نسبته 10 في المائة من رسملة السوق العالمية، بينما في أول عام 2007 وصلت النسبة إلى 6 في المائة. وهي تجري الآن بنسبة أقل من 2 في المائة من القيمة السوقية العالمية.

وهذا يعد خافتاً بشكل ملحوظ، وهو يبين إما أن المديرين تعلموا دروساً جيدة من طفرات الاندماج السابقة، أو أنهم غير مقتنعين بالمناخ الاقتصادي – أو أنهم ببساطة يشعرون بالخوف مما بعد الأزمة.

ويفترض أن المتفائلين يأملون بأن التفسير الأخير هو الصحيح، وأن الروح الاستثمارية النشطة تعود الآن. إذا كانوا على حق، هذا يعني أن عمليات الاندماج والاستحواذ يمكن أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.

ومن شأن هذا في المدى القريب، على الأقل، أن يساعد السوق. عادة ما يميل نشاط الاندماج والمشاركة بالأسعار في الارتفاع معاً، وتعزز بعضها بعضاً. ومحاولة المضاربة تساعد في رفع سعر الأهداف المحتملة، في حين أن هالة الإثارة والنجاح حول المستحوذين تساعد على ضمان أن أسعارهم لا تعاني نتيجة لذلك. لذلك الاستمرار في عقد صفقات الاندماج والاستحواذ يمكن أن يعزز استمرار الارتفاع في أسعار الأسهم.
وتستمر سوق الأسهم في عدم الاكتراث بالأعذار الجيدة الداعية إلى وقوع تصحيح كبير عن طريق البيع بأسعار رخيصة للغاية، من المواقف في أوكرانيا والعراق إلى الموقف القبيح هذا الأسبوع في بنك سانتو إسبيريتو في البرتغال.
التوسع في أسعار الأسهم على مدى السنتين الماضيتين كان مدفوعاً إلى حد تام تقريباً بارتفاع مضاعِفات الأرباح. منذ الثلاثين من أيلول (سبتمبر)، بعد تصحيح قصير مدفوع بالفشل حول تحديد سقف الدين لدى الحكومة الأمريكية، اكتسب مؤشر ستاندارد أند بورز 46.6 بالمائة، في مقابل ارتفاع بنسبة 18 بالمائة في الأرباح لكل سهم. موسم الإبلاغ عن الأرباح عن الربع الثاني لعام 2014 على وشك البدء، وتشير تقديرات إجماع التوقعات، وفقاً لما تقوله “تومسون رويترز” إلى ارتفاع بنسبة 6.1 بالمائة في الأرباح – وهي نسبة نشطة لكنها تظل دون المستوى التي ينطوي عليها تفاؤل السوق.
سيكون من الصعب استدامة هذا الاندفاع بدون اشتداد زخم الأرباح. لكن استئناف نشاط الاندماج والاستحواذ يمكن فقط أن يبقي الأمور تسير بصورة عادية لبضع سنوات أخرى. من غير المرجح أن يكون النشاط الزائد في الصفقات أمراً جيداً على الأمد الطويل، لكنه ستبقي سوق الأسهم تسير بصورة نشطة لفترة أطول قليلاً.