سلوى بعلبكي
في الفترة الأخيرة أصدر وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور قرارين عدل بموجبهما أسس تسعير الدواء مما أدى الى خفض عدد لا يستهان به من الأدوية خصوصاً تلك الباهظة الكلفة والأعلى سعراً في السوق. ولكن نقيب مستوردي الادوية أرمان فارس يرى أن توصيف الأمور بأنه هناك “خطوات مفاجئة لخفض أسعار بعض الأدوية”، يعزز الفكرة التي يريد ترويجها بعض الجهات بأن قطاع الادوية يخضع الى ترتيبات عشوائية مرتبطة بالمزاجية”.
إذاً، مهمة وزير الصحة ليست تحديد اسعار الادوية بقدر ما هي وضع الأسس الدقيقة والشفافة لهذه الأسعار. وهذه المهمة وفق فارس منوطة قانوناً منذ مطلع الخمسينات بالمادة 80 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة، بحيث خضعت آلية التسعير في الأدوية منذ البداية لمراحل ثلاث:
1 – تحديد سعر الاستيراد المجاز (CIF أو FOB).
2 – قاعدة تحويل سعر الاستيراد المجاز الى سعر العموم (بما في ذلك النسب المئوية المحددة لتغطية تكاليف الشحن والتأمين ومصاريف التخليص والرسم الجمركي والمصاريف الأخرى، هامش ربح المستورد/ الموزع وهامش ربح الصيدلي).
3 – قاعدة تحويل عملة الاستيراد الى الليرة اللبنانية.
ادخل القرار الوزاري رقم 208/ 1 بتاريخ 3 أيار 1983، وللمرة الأولى مبدأ اصطفاف اسعار الاستيراد على مستوى اسعار الاستيراد المجازة في الاردن والمملكة العربية السعودية.
أما القرار الوزاري رقم 306/ 1 تاريخ 9/ 6/ 2005 والمعدل بالقرار رقم 51/ 1 تاريخ 24/ 1/ 2006، فتمّ من خلالهما ادخال التعديلات الأساسية الآتية:
1 – اخضاع سعر الاستيراد المجاز لأن يكون أدنى من سعر الاستيراد في 7 بلدان مجاورة اوروبية مرجعية هي فرنسا، بريطانيا، بلجيكا، سويسرا، ايطاليا، اسبانيا، والبرتغال.
2 – خفض تدريجي لنسب المحددة لتغطية المصاريف وهوامش الارباح كلما ارتفع سعر الاستيراد ومن خلال 4 شرائح للأسعار (أقل من 10 دولارات، ما بين 10 و50 دولاراً، وما بين 50 و100 دولار، وما فوق 100 دولار).
3 – واجب اعادة تسعير الادوية كل 5 سنوات.
ثم جاء القرار الوزاري رقم 728/ 1 الصادر في “الجريدة الرسمية” بتاريخ 5 أيلول 2013 الذي ادخل شروطاً جديدة على أسس تسعير ادوية الجنيريك والأدوية المصنعة محلياً، بالزام سعر الاستيراد المجاز لادوية الجنيريك أن يكون أدنى بنسبة 30% من سعر الدواء المرجع عند تسجيله، واخضاعه الى خفض سعره بنصف نسبة انخفاض سعر الدواء المرجع كلما حصل، واخيراً، أدخل القرار الوزاري رقم 796/ 1 تاريخ 17 نيسان 2014 الصادر في “الجريدة الرسمية” بتاريخ 8 ايار 2014 التعديلات الآتية:
– جعل سعر الاستيراد ادنى من “السعر الادنى” (بدلاً من “السعر الأوسط”) من اسعار المقارنة المعتمدة في الدول الاوروبية السبع المرجعية.
– انشاء شريحة خامسة (E) للاسعار مع خفض النسب (راجع الجدول).
هل الجهات المعنية راضية عن القرار 796/ 1؟ رغم انه تم تنفيذ القرار من كل الجهات المعنية فور نشره، الا ان تلك الجهات طالبت باعادة النظر ببعض احكام القرار من مطلق حقها في تغطية مصاريفها والحصول على اتعابها المشروعة، نظراً الى مساهمتها في توفير الدواء من خلال سلسلة غير منقطعة من المسؤوليات من “المنتج الى المواطن”، ووفق معايير عالمية للجودة وضمان الجودة.
لغاية الآن، يقول فارس، استجاب وزير الصحة الى جزء من مطالب المستشفيات، اما المستوردون، فإنهم لا يزالون ينتظرون جواباً منه عن الكتاب الذي رفعوه اليه بتاريخ 28 نيسان.
ماذا عن الافادة الاقتصادية المباشرة من القرارين 728/ 1 و796/ 1؟ وفق فارس، فإنه بتنفيذ القرار 728/ 1، انخفضت اسعار اكثر من 600 دوار بمعدل 17%. فيما انخفضت اسعار ادوية الشريحة E بعد صدور القرار 796، بين الـ10% لادوية الـ500 دولار و20% للادوية التي يفوق سعرها الـ2000 دولار.
ويؤكد أن الفاتورة الاجمالية للدواء ستنخفض حتماً في الأشهر المقبلة، إلا أن ثمة عاملين أساسيين يساهمان في زيادة تلك الفاتورة: وصول ادوية متطورة بتكاليف عالية من جهة، والتقدم التقني في التشخيص المبكر للأمراض من جهة أخرى، ما يزيد عدد المرضى المرشحين لاتباع العلاجات المكلفة. لذلك، فإن الادارة الرشيدة للدواء هي الحل الوحيد للحد من المفعول السلبي لهذين العاملين. وهذه الادارة الرشيدة وفق فارس من واجب الشركات الصانعة من جهة وهي التي يجب عليها التوفيق في ما بين الاندفاع الى ترويج ادويتها واحترام القواعد الادبية التي ترعى مهنة الترويج، ومن واجب الاطباء من جهة أخرى وهم الذين يتوجب عليهم التوقيف في ما بين واجبهم الاستحصال على افضل العلاجات وضرورة وضع حد للإسراف غير المبرر لتلك العلاجات، كذلك القدرة على خيار الادوية التي توازن بين السعر والجودة.