لبنان الذي كانت مياه انهره وينابيعه احد اهم اهداف العدو الاسرائيلي الاستراتيجية، حيث لم تعمل الدولة على الافادة من وفرة المياه فيه تراه اليوم بأمس الحاجة الى تأمين المياه لكافة الاستخدامات، بعدما ضربته كارثة انعدام تساقط الامطار والثلوج، ما ادى الى شح هائل في المياه الجوفية، التي تغذي الابار الارتوازية وتحديدا التي تستعمل لري المزروعات، حيث انعكس هذا الشح جفافا في الكثير من الاراضي الزراعية لا سيما في مناطق البقاع الشمالي.
شح المياه وجفاف معظم الابار انعكس حالا من الارباك لدى المزارعين في مدينة بعلبك ومنطقتها، والنتائج شبه كارثية لكنها ستتحول في اي لحظة الى كارثية تهدد المزارعين والمواطنين والوطن ان لم تعمل الحكومة والقيادات الرسمية وغير الرسمية والمجتمع المدني وكل معني في هذا الامر على اعلان حال الطوارئ المائية، وايجاد السبل البديلة للخروج من ازمة المياه التي ربما ستطول خلال المواسم القادمة.
عضو اتحاد نقابة المزارعين خالد الزكرة حذر في حديثه لـ«المستقبل» من ان عدم وجود خطة طوارئ بديلة لتأمين المياه الى المزارعين لري اراضيهم سوف يؤدي الى كارثة بيئية واقتصادية وانسانية، واكد ان المزارعين في بعلبك وجوارها يعانون بشكل كبير شحا في المياه الذي انعكس سلبا على اراضيهم الزراعية، بدليل ان منطقة بساتين بعلبك اصبحت آيلة الى اليباس.
وحول الاراضي المزروعة في سهل بعلبك، حذر الزكرة من كارثة ستستهدف اصحاب عدد من تلك الاراضي لا سيما المزروعة بالبطاطا حيث نمت واستوت قبل اوانها بأسابيع الامر الذي سيؤدي الى كساد في الانتاج قد تصل نسبته الى 80 في المئة، والذي سينعكس سلبا على مسألة التسويق والتصدير لا سيما وان معظم استهلاك البطاطا يذهب الى السوق العراقي المتوقف بسبب الوضع الامني المتأزم.
واشار الى عدد الابار التي يستعملها عدد من المزارعين لري اراضيهم في سهل بعلبك جفت بنسبة 60 في المئة.
قرية معربون الواقعة على أطراف السلسلة الشرقية على ارتفاع 1350 متراً، لم يختلف مشهد المزارعين وشح المياه الذي أصاب القرية عن مثيلاتها في المنطقة وإن كان بنسبة أخف. فالمعروف عن القرية غزارة المياه الجوفية فيها حيث تتعدد الآبار الجوفية وعلى أعماق مختلفة وبقوة تسمح للمزارعين بري أراضيهم بوفرة إضافة إلى «العين» الأساسية التي تتوسط البلدة والتي كانت تزيد غزارة مياهها الأعوام الماضية عن المئة «إنش» من المياه حيث يقوم المزارعون بإستخدامها لري أراضي السقي التي توازي نصف أراضي البلدة الزراعية، غير أن ما أصاب المنطقة هذا العام من شح في المياه طاول البلدة حيث تأثرت هذه «العين» بشكل اساسي إذ إنخفض منسوب المياه فيها إلى أقل من عشرة «إنش» من المياه وبالتالي إنعكس على ري الأراضي التي تقع ضمن نطاقها، والمعروف أن البلدة تعتمد بشكل أساسي على زراعة الأشجار المثمرة كالكرز والتفاح وغيرهما وبالتالي فهي تحتاج إلى مياه بشكل دائم وفق المزارعين.
احمد يحي أحد كبار السن من مزارعي البلدة، تحدث لـ«المستقبل»، فقال هذا الشح الذي تتعرض له المنطقة لم يشهده منذ صغره. أضاف أن آبار البلدة بدأ بعضها بتراجع قوة المياه فيه مبدياً تخوفه من الأيام القادمة وحال الجفاف الذي يمكن أن تتعرض له وما سيؤول إليه حال المزارعين الذين يكسبون رزقهم من المدخول الزراعي بشكل أساسي.
الوضع في باقي مناطق البقاع الشمالي لا يختلف كثيرا عما هو الوضع في بعلبك وجوارها. فمياه الشفة تراجعت بنسبة كبيرة بسبب جفاف بعض الابار، يقابلها شح كبير في مياه ري الاراضي الزراعية، هذان الامران اصبحا يشكلان عبئا كبيرا على المواطن اللبناني في منطقة بعلبك والبقاع الشمالي ما يستلزم اطلاق خطة طوارئ من قبل المسؤولين للحد الادنى من الخسائر البيئية والانسانية.