ابراهيم الشوباصي
اصبح من المؤكد ان هذه السنة تعتبر من السنين العجاف التي تمر علينا بعد غياب يقارب النصف قرن واكثر حيث وصلت فيها حدود الامطار الى اقل من الحد الأدنى الذي كان يصيب السنوات المطرية السابقة به بينما نحن نعيش في مرحلة شح مطري منذ بداية هذا القرن، لكن ما كان يصيب المخزون المائي لا يشكل خطرا كما هي الحال حيث كانت المياه الجوفية تعوض عما ينتج من نقص في النسب المطرية التي لم تكن متدنية بشكل يشكل الخطورة الحالية، الذي يصيبنا اليوم هو ان النسب السنوية كانت منخفضة حتى وصلت الى حدود 20% من المطلوب سنويا للمعدل العالي والذي لن يعوض النقص القائم في المخزون الجوفي المقدر بحوالي 5 سنوات، وهذا ما اصاب الابار والينابيع شبه السطحية بنضوب شامل، واكبر دليل على ذلك انهر البقاع من الليطاني الى البردوني حتى نهر الغزيل الذي يتغذى من نبع شمسين ليروي الاراضي الزراعية في البقاع الاوسط والغربي ويؤمن مياه الشفة لأكثر من 70 بلدة وقرية في البقاعين.
هذا الواقع شكل، كارثة حقيقة لا لبس فيها، ان كان على مستوى مياه الشفة والاستعمال المنزلي الذي طاله الضرر في حالتي مياه الشرب ومياه الابار الارتوازية، اما على المستوى الاقتصادي فنستطيع القول ان الموسم ليس في خطر فقط بل اصبح في حكم المنتهي على المستوى الزراعي اثرت السنة المطرية على المواسم بكل اصنافها ان كانت البقوليات او الحشائش والاشجار المثمرة، فانخفض الانتاج بشكل مخيف اضافة الى تلف مساحات شاسعة لعدم تمكن الماء من جهة وعدم اعطاء التراخيص من الوزارة لحفر آبار ارتوازية من اجل معالجة هذه الكارثة «الا لمن يدفع رشاوى».
يبدو أن المخاوف من شح المياه والجفاف، باتت اليوم أقرب الى الحقيقة مع انقطاع المياه عن عدد كبير من المناطق البقاعية والواقع ان هذه الكارثة المائية لم تشكل صدمة غير متوقعة بعد فصل شتاء جاف لم تتعدّ كمية المتساقطات فيه 400 ملم مما ادى إلى هذا الانخفاض في مستوى المياه في نهر الغزيل والحجم التخزيني أدنى مستوياته الينابيع والانهار والآبار الارتوازية اذ تراجع مستوى المياه في معظمها بنسبة 40%، ما دفع مؤسسات الجيش اللبناني الى فرض نظام تقنين في ري الاراضي الزراعة ولكن هذا الاجراء سيوقف في الايام القادمة مع توقف مجرى نهر الغزيل عن الحياة حيث بات اليوم في ادنى منسوبه وهو الذي كان يعطي 100 انش اما اليوم فبات يعطي 10 انش وفي حال تشغيل المضخات تتوقف المياه عن الجريان مما يهدد الثروة السمكية النهرية فيه بالموت، فيما المزارعين يدهم على قلبهم لجني محصولهم البكير اما المحصول اللقيس الله بعوض عليه لا مياه وبالتالي غالبية الاراضي الزراعية في برالياس ستكون بوراً كما وصفها احد المزارعين.
تحذيرات
اما بحيرة القرعون وصل مخزونها الى 50 مليون متر مكعب من اصل 222 مليون السعة الكاملة لها وهناك خطورة ان تنخفض هذه النسبة الى مرحلة الخمسة وثلاثين مليوناً والتي هي الخط الاحمر الذي اذا تجاوزته شكل كارثة كبرى هذا حسب مصادر خبراء السدود والمياه
إن التحذيرات التي أطلقتها وزارة الطاقة منذ وضعها الخطة العشرية عام 2000 من الاقدام على سنة جافة بامتياز، باتت اليوم أقرب الى الحقيقة مع انقطاع المياه عن عدد كبير من مناطق بيروت وجبل لبنان والواقع ان هذه الكارثة المائية لم تشكل صدمة غير متوقعة بعد فصل شتاء جاف لم تتعدّ كمية المتساقطات فيه 400 ملم فيما المعدل العام للمتساقطات في بيروت هو 750 ملم سنويا وبحسب احصاءات وزارة الطاقة والمياه، فان الحاجة الفعلية للمياه في سنة جافة طبيعية تبلغ 1480 مليار متر مكعب، في حين ان الكمية المؤمنة بوجود سدّي القرعون وشبروح تبلغ 1097 مليار متر مكعب ما يعني ان نسبة العجز المائي تبلغ 400 مليون متر مكعب هذه السنة.
وفي هذا السياق، اشارت مصادر في وزارة الطاقة الى غياب آلية تضبط أسعار اصحاب صهاريج المياه، وهي تراوح بين 50 و150 الف ليرة لما يعادل عشرة براميل، لافتة الى مخالفة هؤلاء للقوانين من خلال قيامهم بحفر آبار غير مرخص لها وبالتالي استثمار المياه من دون دفع الرسوم.
وترجع المصادر سبب تراجع ساعات التغذية في المياه الى التقنين الكهربائي ايضا، بالاضافة الى ضعف توتر التيار الوارد الى محطات الضخ الذي يصل الى درجة توقف المضخات عن العمل خلال فترة التغذية اليومية.
تداعيات النزوح
أما عن تأثير اللجوء السوري على البنى التحتية ولا سيما قطاع المياه، تشير المعلومات إلى أن توافد اللاجئين ساهم في ارتفاع حجم الطلب بنسبة تزيد عن 20%، ما يفرض ارتقاب عجز كبير في تغطية الطلب، وذلك من خلال تشغيل وحدات الضخ لفترات طويلة، وهو أمر مرتبط بصلاحية الضخ المتفاوتة القدم. فعلى سبيل المثال، تقدر إحدى مؤسسات المياه حاجتها المالية بما لا يقل عن 4 مليارات و200 مليون ليرة وذلك من اجل استبدال حوالى 90 مجموعة ضخ وتزويد المحطات بمجموعات توليد كهربائية احتياطية وتأمين المازوت لتشغيل المولدات الحالية.
المزارعون الذين بدأت تطالهم الاثار السلبية الكبيرة لنتائج هذه السنة اطلقوا صرخة مدوية للمسؤولين من اجل ايجاد ولو حلول جزئية لمشكلتهم التي باتت تهدد عائلاتهم بشكل مباشرة ومؤكد، عضو نقابة مشاتل لبنان احمد الترشيشي لفت الى هذه المشكلة معتبرا اننا امام ازمة كبيرة نواجهها وهي مطلوبة منا نحن اصحاب المشاتل وخاصة اننا مسؤولون مباشرة عن تحسين اصناف كثيرة من الاشجار المثمرة واستيراد وتوليد انواع غير موجودة في لبنان وهذا ما يتطلب منا ان نبدأ منها من نقطة الصفر اي البذرة ومتابعتها لتصبح جاهزة للزرع، هذه المرحلة تطلب الى العناية الدقيقة كميات من المياه لتأمين ري بشكل مستمر وهذا ما نفتقده الان، اضافة الى ما اصاب الاشجار المثمرة من جفاف حتى اثر على انتاجها بشكل واضح فانخفضت الكميات وتأثرت الجودة مطالبا الحكومة بالسماح بفتح ابار للتعويض عن فقدان المياه.
اما المزارع سلامة دني لفت ان هذه السنة هي من اسوأ السنوات المطرية خلال النصف قرن الماضي فاتلفت معظم زراعات الخضار والحبوب اضافة الى الموسم الذي يرتكز عليه عملنا البصل والبطاطا والثوم حيث وصل انتاج هذا العام ما تحت الوسط وهذا ما رتب علينا خسائر جسيمة وصل الى حدود عدم قدرتنا لتغطية النفقات مما سيرتب علينا ديوناً للمصارف والكونتورات، املا التفاتة من الدولة للتعويض على هؤلاء المزارعين الصغار الذين يعقدوا املا علىمواسمهم التي ذهبت مع ريح لم تمطر وشمس تحرق ما تبقى.