هلا صغبيني
وضع وزير الاتصالات بطرس حرب حداً لمشكلة تفاقمت منذ سنوات بتحويله إلى الخزينة العامة فائض ايرادات الاتصالات المودعة في حساب خاص لدى مصرف لبنان. فماذا بعد؟ وما هو المسار الذي ستسلكه الأموال ريثما تحصل البلديات على حصتها؟
هذه المبالغ التي كان قرر وزير الاتصالات السابق شربل نحاس تجميدها في الحساب الخاص بوزارة الاتصالات لدى المصرف المركزي من دون مسوغ قانوني، موزعة على إيرادات بالدولار قيمتها 650 مليوناً من رصيد الفترة الممتدة من أول كانون الثاني 2010 لغاية 8 تموز الجاري، وإيرادات بالليرة قدرها 1673 مليار ليرة، منها ألف مليار ليرة حولت الى الخزينة و673 ملياراً حددها الوزير حصةً الى البلديات من واردات الخلوي.
تفاقمت هذه المشكلة منذ عام 2010، حين أصر نحاس، وبعده الوزير نقولا صحناوي، على عدم تحويل فائض إيرادات الاتصالات إلا في نهاية العام، في حين كانت عملية التحويل، ورغم عدم انتظامها على مدى السنوات الماضية، تتم شهرياً.
ويشكل فائض ايرادات وزارة الاتصالات أحد الموارد الرئيسية للخزينة. وبالتالي، فإن الاحتفاظ بهذا الفائض في حساب الوزارة من دون أي مردود، كبّد الخزينة فوائد إضافية نظراً لاضطرارها إلى الاستدانة بفوائد مرتفعة، علماً أن هذه المبالغ تلحظ في الموازنة الملحقة لوزارة الاتصالات في باب الديون المتوجبة الأداء، ما يعني أنها دين على وزارة الاتصالات ينبغي توريده تباعاً لوزارة المالية عندما تتوافر الأموال.
من هنا، كانت المطالبة الحثيثة بأهمية تنظيم عملية تحويل فائض الإيرادات بشكل منتظم إلى الخزينة. ومنذ نهاية العام 2008، قامت وزارة المالية بمتابعة الموضوع مع وزارة الإتصالات بهدف حضها على تحديد تلك المبالغ المترتبة عن كل عام وتحويلها إلى الصندوق البلدي المستقل ليصار إلى إبلاغ وزارة الداخلية بتلك المبالغ كي تقوم بتحضير مرسوم توزيع تلك العائدات.
إلا أن وزير الإتصالات في حينه جبران باسيل ومن ثم نحاس ومن بعده صحناوي أصروا على عدم تحويل تلك الأموال إلى الصندوق البلدي المستقل، وطالبوا بأن يتم تحويل تلك المبالغ مباشرة من وزارة الإتصالات. ثم رفع نحاسى اقتراحا لتعديل النصوص القانونية لكي يجاز لوزارة الاتصالات تحويل تلك المبالغ مباشرة الى البلديات. وبعده، رفع صحناوي مشروعاً لإنشاء مؤسسة التنمية البلدية مهمتها توزيع مبالغ الضريبة المضافة الخلوية على مشاريع تنموية.
لا بد من الإشارة إلى أن الايرادات التي تجبيها وزارة الاتصالات تنقسم إلى 3 فئات:
الفئة الأولى: الرسوم المفروضة على خدمات الاتصالات على أنواعها (سلكية ولاسلكية) وهي التي تشكل الإيرادات الفعلية لوزارة الاتصالات، والتي يستعمل جزء منها لتغطية نفقات الوزارة ويحول الفائض إلى الخزينة.
الفئة الثانية: عائدات الضريبة على القيمة المضافة والتي خصصت بموجب القوانين المرعية ليتم توزيعها عل البلديات.
الفئة الثالثة: رسوم تجبيها الوزارة لصالح الخزينة، وهي رسم الطابع المفروض على الفواتير والمعاملات. وهذه المبالغ لا يفترض أن تدخل في خانة إيرادات وزارة الاتصالات بل ينبغي تحويلها في نهاية كل شهر إلى الخزينة أسوة بكافة مؤسسات القطاع العام والخاص.
ولكن، ما هي الخطوة التالية لإجراء حرب؟ بعد تحويل حرب المبلغ المذكور وتحديده حصة البلديات منها، ينتقل الدور الى وزير المالية علي حسن خليل الذي يفترض به ان يرفع كتاباً الى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يعلمه فيه بوجود 650 مليار ليرة مخصصة للبلديات ليقوم الأخير بإصدار مرسوم يحدد فيه آلية توزيع هذه المبالغ بين البلديات. وعلى وزير الداخلية والبلديات أن يبادر الى إعداد مرسوم بتوزيع هذه الايرادات بناء على معايير التوزيع المنصوص عنها في مرسوم 1917.
وعلمت «المستقبل» ان اجتماعاً بعيداً من الإعلام تم أخيراً بين المشنوق وحرب وخليل تم خلاله البحث في سبل توزيع عائدات البلديات بحسب الآلية المنصوص عنها في القوانين المرعية الإجراء.
على وزير المالية ان يطلب من وزير الاتصالات تحديد مقدار المبالغ المتراكمة، لغاية تاريخه، التي استوفتها وزارة الاتصالات من قبل المشتركين لصالح الصندوق البلدي المستقل والمترتبة على قطاع الاتصال الخلوي.
ومن الضرورة في مكان الإشارة إلى صلاحيات ومسؤوليات الوزارات المعنية على هذا الصعيد:
وزارة الاتصالات: تنحصر مهمتها في جباية العائدات وتحويلها إلى الصندوق البلدي المستقل، وهو ما لم تقم به هذه الوزارة.
وزارة المالية: إبلاغ وزارة الداخلية في شهر آب من كل عام عن قيمة المبالغ المتراكمة في الصندوق البلدي المستقل عن العام الماضي ليصار إلى إعداد مشروع مرسوم توزيع تلك المبالغ.
وزارة الداخلية: إعداد مرسوم توزيع عائدات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، وفق الأسس المحددة في المرسوم رقم 1917 تاريخ 6/4/1979 وتعديلاته، وإحالته إلى كل من وزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لتوقيعه. وبعد صدور المرسوم إعداد أوامر دفع بحصة كل بلدية وإحالتها إلى وزارة المالية لدفع المبالغ إلى البلديات.
أخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن الخزينة كانت ولا تزال تتحمل الجزء الأكبر من أعباء عقود النظافة عن عدد كبير من البلديات. كما أن نسبة الـ40 في المئة التي تقتطع من عائدات البلديات من الصندوق البلدي المستقل عند توزيعها لا تكفي لسداد حصة تلك البلديات من تلك العقود. فهذه المبالغ المتراكمة هي دين مترتب للخزينة في ذمة البلديات.