Site icon IMLebanon

الحقيقة و “لو” صعبة! (بقلم رولا حداد)

 

نجحت الـmtv في امتحان شهر رمضان مع عدد من المسلسلات، وأبرزها من دون أدنى شك “لو” من اخراج سامر البرقاوي. ونجحت إليسا في حصد أكبر نجاح مسبق للمسلسل من خلال أدائها “شارة” المسلسل الرائعة (كلمات وألحان مروان خوري) والتي اعتمدت حملة الترويج للمسلسل عليها. وكسب المسلسل تعلقّ المشاهدين المسبق به نتيجة فيديو كليب للأغنية عبارة عن مشاهد من المسلسل.

معالجة موضوع “الخيانة الزوجية” ليس بالأمر الجديد خصوصا أن الخيانة موجودة منذ فجر التاريخ وستبقى، ولو ان “لو” عالج خيانة المرأة لزوجها وليس العكس، في مجتمع شرقي لا يغفر للمرأة الخائنة ويرجمها بأبشع النعوت فيما يتغاضى في المقابل ويسامح الرجل على خيانته للمرأة. أضف أن القصة مقتبسة عن عمل أجنبي Unfaithful)) حقق نجاحاً لافتاً.

لكنّ “لو” أضاء أيضاً في معالجتة للقضية على أكثر من إشكالية تعبّر عن واقع لبناني نعيشه خلف الكواليس رغم أننا في أحيان كثيرة نرفض الاعتراف به.

لم يعد الموضوع موضوع “خيانة” و”عيب” و”خطيئة” بل تعدّاه ليطرح أسئلة عن جوهر العلاقات العاطفية والأحاسيس والمشاعر البشرية وكيف تتبدّل مع مرور الوقت.

 

 

نظرياً القصة المقتبسة تكون عادة سبباً لفشل مسلسل يعرف مشاهدوه خاتمته، لكنّ تسلسل الأحداث في “لو” والغوص في تفاصيل الأحداث إضافة الى الأداء المقنع والرائع لأبطاله الثلاثة، كل تلك العوامل نجحت في جعل هذا المسلسل ترجمة صادقة لواقع يعيشه مجتمعنا الذي يرفض الاعتراف بالحقيقة ويصرّ على اتباع سياسة النعامة ودفن الرؤوس في الرمال!

“لو” لا يطرح موضوع الخيانة الزوجية بمقدار ما يطرح أسئلة فعلية عن حقيقة إسقاط تسمية “الخيانة” على أي علاقة أحد طرفيها مرتبط. فبمقدار ما يجمع المشاهدون الكثر جدا للمسلسل على توصيف واقع العلاقة التي جمعت بطلي “لو” نادين نجيم ويوسف الخال بأنها “خيانة”، بمقدار ما نلاحظ التعاطف الكبير مع حبّ صادق جمعهما صدفة نتيجة لظروف خاصة بكل واحد منهما، رغم تأنيب الضمير الذي تعيشه نجيم ورغم كوابيس الغيرة والقلق التي تنتاب الخال!

ولعلّ أنجح ما في “لو” هو نسبة الإقناع في تجسيد الأدوار التي أتقنها الأبطال، فبين رجل مغرم (يوسف الخال) يؤمن بأن الحب الحقيقي لا يزال موجودا وعليه ان يسعى بكل جهده للحفاظ عليه وبين زوجة-أم (نادين نجيم) استسلمت لجنون قلبها ثم قررت وضع حد لمشاعرها خوفا من خسارة واقع تعيشه، وزوج (عابد فهد) تعمّد التعامي عن خيانة زوجته خوفا من انهيار عائلته، بتنا كمشاهدين نعيش تناقضاً وانفصاماً في المشاعر يتراوح ما بين التعاطف والإدانة من دون أن نتوصل الى حكم نهائي!

هل الزواج هو “حكم مؤبّد” لكل اثنين ارتبطا؟ وماذا لو تبدّلت العواطف؟ هل الأفضل أن يستمرّا ولو على مضض وزغل حفاظا على نظرة المجتمع؟ أم من الإنصاف أن يعيش كلّ منهما سعادته في حال التقى حبّاً جديداً غيّر له حياته؟ أم أن الإرتباط مقدّس ويجب الحفاظ عليه والتضحية في سبيله مهما كان الثمن؟ وهل يمكن النظر الى مفهوم “الخيانة” من دون النظر الى أسبابه العميقة والتي لا يمكن بأي شكل من الأشكال تحميلها الى طرف دون الطرف الآخر؟

في المبدأ لا إجابات حاسمة، وكاتب السيناريو(بلال شحادات- نادين جابر) طرح القضية و أبدع في ألا يعطي أي إجابة عن الكثير من الأسئلة التي نطرحها مع كل حلقة من المسلسل، كما أنه نجح في أن يبقي المشاهدين في المنطقة الرمادية تماماً في انتظار التطورات، فلا تعاطف كاملاً مع نجيم والخال ولا إدانة واضحة.

 

 

أما اللافت فهو جرأة “لو” في كسر المحرّمات عبر طرح موضوع الخيانة الزوجية من دون عقد، وبتوصيف دقيق لواقع يعيشه المجتمع اللبناني بامتياز بسبب التقاليد الكثيرة التي لا تزال تعيق نظرياً موضوع الطلاق بسبب اعتبارات اجتماعية ودينية.

هكذا أعاد “لو” طرح سلسلة مسلّمات على بساط البحث الواقعي بعيداً عن “محرّمات” تسقطها الطبيعة البشرية بين السعادة والحرية الشخصية وبين التقاليد الدينية والاجتماعية في مجتمع يعيش مخاض تناقضات وتحوّلات لا يبدو أنها سترسو قريباً على “أمان” اجتماعي.