Site icon IMLebanon

دير الأحمر تموت عطشاً والمياه تجري من تحتها انحباس الأمطار زاد الشح وبئر مار يوسف في انتظار التشغيل

WaterDeirAhmar

سهام حبشي

مشكلة قديمة جديدة ضخمها انحباس المطر هذا العام في المناطق اللبنانية التي يشكو معظمها من سوء إدارة وإهمال الموارد المائية المزمنين، لاسيما في منطقة دير الأحمر. فالبلدة التي تضم نحو 14 قرية، تعاني شحا كبيرا في مياه الشفة والري بعدما استنفد مخزون البرك الاصطناعية باكرا، بسبب نقص المصادر الأخرى ونضب الينابيع وتوقف معظم الآبار الأرتوازية عن العمل لأسباب عدة، على الرغم من أنها تشكل شريان حياة هذه القرى وأحد مقومات استمرار الحياة الزراعية فيها.

كتاب الى وزير الطاقة
وكان أبناء البلدة وجهوا كتابا منذ نحو شهر الى وزير الطاقة والمياه ارتور نظريان شرحوا فيه الصعوبات التي يواجهونها جراء تراجع كمية المتساقطات وشح الينابيع في عيون أرغش ومياه نبع عين ضاهر في عيناتا ومياه الري من مشروع اليمونة، واوضحوا انه لم يعد أمامهم سوى اللجوء الى الآبار الأرتوازية لتأمين حاجاتهم من مياه الشفة.

وأشاروا في الكتاب الى احتياج الآبار المتوفرة الى الصيانة والتزويد بالمعدات اللازمة للتشغيل، من البئر القديم في منخفض عيون أرغش، الى بئر عين ضاهر العلوي، الى بئر مار يوسف وسط البلدة، فبئر المصفية، على أن يتم اعتماد برنامج تقنين بحيث يتم تحويل معظم كمية المياه ليلا لمياه الري، ونهارا بقساطل مياه الشفة حتى انتهاء موسم الزراعات الشتوية والربيعية.

عطالله
وقد لبى المطران سمعان عطالله ” طلب أبناء البلدة وتوجه الى مؤسسة مياه البقاع واجتمع الى رئيسها مارون مسلم لمدة ساعتين وقد أبدى مسلم كل استعداد لتقديم ما يلزم لحل الأزمة بعدما تبين ان بئر مار يوسف وسط الدير قابل لإعادة التشغيل اذا ما تأمنت له المعدات اللازمة”، كما شرح لنا المطران عطالله الذي قال: “اقتنع مسلم بأحقية مطلبنا وأعرب عن استعداده للتكفل بالتكاليف. والدليل على ذلك أن رئيس قسم المياه في الدير يوسف الفخري كلما واجهته مشكلة في هذا الموضوع يراجع المؤسسة. وقد أعطاه مديرها صلاحية مطلقة في عمل كل ما يلزم لإعادة مياه البئر المذكور الى مجاريها وفي أسرع وقت ممكن”.

ويضيف: “بقي البئر المذكور خارج العمل لسنين طويلة لأن مياهه كما قيل، غير صالحة كمياه شفة أو حتى للاستهلاك المنزلي. ولأن الناس يعانون من قلة المياه، قررنا ان نعيد النظر في مسألة إقفاله وان نفحصه من جديد، لأنه يكفي احتياجات دير الأحمر من المياه”.
ويتابع :”توليت متابعة هذه الأمور شخصيا قبيل انتهاء فصل المطر الذي كان شحيحا هذا العام ، غير ان المجلس البلدي تدخل آخذا الموضوع على عاتقه وهذا ما نرمي اليه : أن يقوم كل شخص بواجباته وعمله، لكن عندما يتلكأ المسؤولون في متابعة شؤون الناس الحياتية فهؤلاء يلجأون إلينا. وبالواقع لم تجر متابعة لموضوع شح المياه وحصل تقصير فخلل”.
ويقول: “مؤخرا إستجدت أزمة المياه المزمنة ونحن نبهنا من أشهر عدة الى الأزمة التي تنتظرنا على أبواب الصيف وتحدثنا عن ضرورة استدراك واستباق المشاكل والأزمات قبل وقوعها. للأسف حل فصل الجفاف قبل ان يجد المسؤولون الحل للمشكلة”.
ويضيف المطران عطالله: “قد لا يعرف من لا يقيم بصورة دائمة في الضيعة حجم المعاناة التي يشكو منها الناس والمزارعون ولا سيما أن دير الأحمر تعتمد على الزراعة كأحد موارد العيش الرئيسية لسكانها، وهم عندما تقفل الأبواب في وجههم يلجأون إلينا، حتى الكهرباء والزفت، يحصل عليها أبناؤنا في هذه المنطقة من خلالنا”.
وعن القول إن “أزمة المياه في الدير مفتعلة لمنفعة أصحاب الآبار الخاصة”، نفى المطران عطالله الأمر، شاكرا القيمين عليها، معتبرا انهم “يسدون خدمة كبيرة للناس في زمن شح المياه، مستهجنا بالمقابل إقفال الآبار التي هي ملك للدولة”.

عين ضاهر
وعندما استوضحناه عما يعرف ب “بئر عين ضاهر” الذي يحمل في جوفه مياها تكفي لسد حاجات المنطقة بأسرها، قال: “هذا مجرى مياه لا نهاية له، وهو بحاجة لمشروع استثمار بالمليارات. إن أحدا لم يحرك ساكنا طوال المدة التي خلت وعندما طالبنا الجهات الرسمية كون حجم المياه يسد حاجة المنطقة بأكملها ويغنيها عن الآبار التي يكلف استخراج مياهها فواتير باهظة من الكهرباء والمازوت، وضعت دراسات لمشاريع عدة لكن لغاية الآن لم يبدأ التنفيذ، ربما بسبب التجاذبات السياسية والبروقراطية السائدة في إدارات الدولة”.

ويضيف: “عندما استجدت الأزمة الحالية عمد أبناء عيناتا الى حفر بئر مجاورة على ان يستفيد أبناء الدير من أربع ساعات من التغذية ليليا، ويتم توزيعها دوريا على أحياء الدير وقد تكون أطراف البلدة لا تتغذى كسائر الاحياء، بالاضافة الى ان كمية المياه بدأت تنضب وهذا طبيعي لأن الصيف شارف على الإنتصاف”.
ويضع المطران عطالله إصبعه على موضع الجرح، عندما يشير الى ” وجود نزاعات على المياه بين المسيحيين والمسلمين وبين المسيحيين والمسيحيين، فعلى سبيل المثال اهالي بلدة نبحة يطالبون بحقوقهم من مياه عيون أرغش، التي يضع آل طوق ايديهم عليها، وللأسف مؤسسات الدولة تتطلب بتغطية لدى آل جعفر وآل طوق”.
ويشدد ” على ضرورة التشبث بالإيمان بلبنان وبالفرد اللبناني والثبات في هذه الارض وان كانت تبدو كحارة “كل مين إيدو إلو”، كما يدعو أبناء المنطقة الى التضامن والالتقاء على المصلحة العامة بطريقة حضارية وأبناء الدير الى التمثل بأبناء عيناتا الذين عمدوا الى وضع العيارات لكل منزل لتحقيق المساواة في توزيع المياه”.
منذ نحو شهر بدأت أعمال إعادة تشغيل بئر ماريوسف الذي ثبتت صلاحية مياهه، ولكن حتى الساعة لم يجهز بعد لسد ولو جزء يسير من حاجات السكان الذين خصصوا الجزء الأكبر من ميزانيتهم هذا العام لشراء مياه الشرب من الغالونات والقناني الى الصهاريج لأعمال التنظيف والغسيل وسائر الإستعمالات المنزلية، الى شراء “ساعات ” مياه الري من البئر الخاص بتعاونية المزارعين في دير الأحمر والتي تصل كلفتها الى مئة الف ليرة للساعة الواحدة، فضلا عن ان العدد الأكبر من أبناء المنطقة الذين يمضون فصل البرد في بيروت وضواحيها قد صرفوا النظر عن إمضاء العطلة في مسقط رأسهم لتحضير مؤونة الشتاء جريا على عادتهم.
أيام الحر تطوى والعمل في بئر مار يوسف يمشي بخطى سلحفاة ولاسيما أن أعطالا عدة تشوب القساطل التي يبدو أن معظمها غير صالح للاستعمال، ومن الأمور الملحة تأمين سبعين مترا من قساطل 4 إنش ومحول كهرباء لا يمكن الإستغناء عنه في عملية تشغيل طلمبة البئر المذكور، وقد رفع الفخري طلب القساطل والمحول الى مؤسسة مياه البقاع قبل يومين على أمل ان يلبى الطلب قبل ان يموت السكان من العطش.