صبحي حسين عبد الوهاب الهندي
تحتاج مدينة طرابلس في هذه المرحلة الراهنة من مسيرة تطوّرها الإقتصادي والإجتماعي الى قوة تدفع بها قدماً بإتجاه المستقبل الواعد لتتجاوز الحرمان والتهميش اللذين ألحقا بها منذ سنوات طوال، ذلك أنه بالرغم من وجود المشاريع التي تطال بناها التحتية ومشاريعها الإعمارية وترصد لها الأموال عبر ميزانيات ومخصصات خجولة إذ لم تتجاوز حصتها في هذا السياق حجم الحصص المرصودة لمجموع حصص المشاريع العائدة لعدد من المحافظات والمناطق اللبنانية الأخرى.
وهذا يعني أن كل «الإهتمام الرسمي» الذي تظهره السلطات المركزية المعنية لا زال إهتماماً شكلياً وهو من حيث المصطلح ودلالته «مفردة» تثير الكثير من الإلتباسات وهي لا تخفى على مختلف الشرائح الإقتصادية والإجتماعية بكل اتجاهاتها وأهوائها التي تتطلع بإستمرار الى تحريك دورة الحياة الإقتصادية والإجتماعية عبر مطالبتها بالإكثار من المشاريع التي من شأنها إعادة تفعيل وظائف مرافقها الإقتصادية لا سيما التاريخية منها عبر صيغ للتعاون المشترك يتقاسمها القطاعين العام والخاص إذ ان السلطات العامة لا تمتلك إلا العمل على بلورة الأطر التشريعية والأنظمة الضابطة لأسس وقواعد إنطلاق المشاريع الإنمائية، وبالتالي إيجاد الحوافز والإعفاءات والتسهيلات التي تصبّ بإتجاه تعزيز دور مؤسسات القطاع الخاص وتشجيعها على تمويل وإدارة المشاريع التي هي حاجة ضرورية لتنمية المدينة بشكل مستدام.
ولقد طلع علينا المشرّع اللبناني في الفترة المتأخرة وفي المجال الإقتصادي بإصدار القانون رقم 18 تاريخ 5/9/2008 المتعلق بالمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس الذي نرى لزاماً الإشارة بدايةً الى أنه لم يشر بشكل صريح الى الحيّز أو الموقع الجغرافي الذي ستقام ضمن نطاقه، المنطقة الإقتصادية الخاصة وبالتالي حدودها ومساحتها.
ونصت كذلك المادة العاشرة (10) من الفصل الثالث من القانون بدورها على أن «تنشا المنطقة أو تعدل بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على إقتراح رئيس مجلس الوزراء وبعد إستطلاع رأي المجلس الأعلى للجمارك يحدد هذا المرسوم موقعها وحدودها ومساحتها».
ولكن وحده المرسوم رقم 1791 تاريخ 23 نيسان 2009 هو الذي تحدث صراحةً «بإشغال قسم من الأملاك العمومية البحرية لإنشاء المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس».
إلا أنه وبالعودة الى ما أدلى به رئيس مجلس إدارة مصلحة إستثمار مرفأ طرابلس المغفور له بشارة كرم لصحيفة «التمدن» الطرابلسية بتاريخ 15/7/2005 «أن المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس ستقام فوق مساحة تبلغ مليون متر مربع كحد أدنى، وقد أنجز منها 350 ألف متر مربع عبر ردم البحر وسيتم ردم المساحة المتبقية في وقت سريع، حيث ستقام المنشآت بعد إستئجار المساحات المطلوبة من قبل أصحاب المشاريع والمؤسسات الراغبة بالإستئجار الذي يكون على أساس عقد مدته 15 سنة قابلة للتجديد، وعند إنتهاء العقد تعود ملكية المنشآت للمرفأ».
وهذا السرد يدفعنا الى ضرورة الكشف عن الفارق التقني بين كل من:
Zone économique spéciale – ZES –
Zone économique exclusive – ZEE –
حيث أن هذا الفارق قد يساعدنا على الإعتقاد من خلال مقاربتنا لنصوص مواد القانون العائد للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس بأنها ستكون أقرب الى مفهوم المنطقة الإقتصادية الحصرية إذ يغلب عليها إجمالاً الطابع البحري، خصوصاً إذا كان المشرع قد رمى في المستقبل القريب الى إقامة هذه المنطقة ضمن الحيز الجغرافي لمرفأ طرابلس، فتكون المنطقة المذكورة في هذه الحال حاضنة لعالم الأعمال المرفئية والبحرية، ويغلب عليها الطابع الإقتصادي المتعلق بقطاع البحر دون غيره ويمكن أن تطلق عليها تسمية المدينة البحرية Maritime City.
وما يعزز لدينا هذا الإعتقاد ما أوضحه رئيس مجلس إدارة مصلحة إستثمار مرفأ طرابلس جورج فضل الله بتاريخ 9/3/2009 لصحيفة «المستقبل» «إن إدارة المرفأ تنوي إقامة محطة لتداول الحاويات في المرفأ مشيراً الى أن ذلك ينتظر ردم المساحات الواقعة خلف الرصيف المنوي إنشائه». وقال: «يوجد نحو مليون متر ستردم وسيقام عليها المنطقة الإقتصادية ومحطة للحاويات» ولفت الى أنه يجري ردم هذه المساحات من الردم الناتجة عن مخيم نهر البارد. ولكن هذه الردميات لا تكفي. لذلك سيتم تلزيم ما تبقى الى شركة أخرى». كما اوضح أنه إذا كان إنشاء المنطقة الإقتصادية داخل حرم المرفأ يعود الى الحكومة، فإن إنشاء محطة للحاويات هو قرار يعود لإدارة المرفأ، ونحن اتخذناه».
ونعود لنشير الى أن المنطقة الإقتصادية في طرابلس بعدما تمت إقامتها في منطقة مرفأ طرابلس، على سبيل التحديد، فتكون قد شكّلت نوعاً واحداً من أنواع كثيرة من المناطق الإقتصادية التي تحتضنها مدن كثيرة من بلدان العالم، وأن نماذجها التطبيقية والمتعددة القطاعات باتت معروفة في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي غيرها من بلدان العالم.
وما هو الأهم أن الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس تتمتع بالشخصية المعنوية وبالإستقلال الإداري والمالي، ولا تخضع لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 13 كانون 1972 الخاص بالنظام العام للمؤسسات العامة، أي أنها متحررة من كل الأطر التشريعية التقليدية التي كثيراً ما تسبب روتيناً يتم من خلاله تسويف كل المشاريع.
والمراسيم المتعلقة بالمنطقة الإقتصادية الخاصة والتي صدرت في أعداد متفرقة من الجريدة الرسمية، هي وفقاً للجدول الآتي:
المراسيم الصادرة في الجريدة الرسمية
– مرسوم رقم 2223 تاريخ 11 حزيران سنة 2009 المتعلق بالنظام الداخلي للهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– مرسوم رقم 2222 تاريخ 11 حزيران سنة 2009 المتعلق بالنظام المالي للهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– المرسوم رقم 2407 تاريخ 20 حزيران سنة 2009 المتعلق بتحديد تعويضات رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس وتعويض جلسات مجلس الإدارة ومفوض الحكومة لديها.
– مرسوم رقم 2283 تاريخ 15 حزيران سنة 2009 المتعلق بنظام العاملين في الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– مرسوم رقم 2226 تاريخ 11 حزيران 2009 المتعلق بملاك الهيئة العامة للمنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس وشروط تعيين المستخدمين والمتعاقدين فيها وسلسلة فئاتهم ورتبهم ورواتبهم ومهام الأجهزة الإدارية لديها.
– مرسوم رقم 1791 تاريخ 23 نيسان 2009 المتعلق بالترخيص بإشغال قسم من الأملاك العمومية البحرية لإنشاء المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس (محافظة لبنان الشمالي).
– المرسوم رقم 2220 تاريخ 5 حزيران 2009 المتعلق بالإجراءات الجمركية المطبقة في المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– المرسوم رقم 2232 تاريخ 11 حزيران 2009 المتعلق بإعطاء التراخيص للأجانب في المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– مرسوم رقم 2267 تاريخ 15 حزيران سنة 2009 المتعلق بتحديد شروط حماية البيئة ومتطلبات الصحة العامة في المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.
– مرسوم رقم 2221 تاريخ 5 حزيران 2009 المتعلق بتحديد شروط منح التاشيرات للقادمين الى المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس.