ميشال حلاق
بدأ اهالي منطقة عكار يتحسسون مخاطر الجفاف من جراء تراجع كمية المتساقطات في فصل الشتاء بما انعكس تراجعا في منسوب المياه السطحية من ينابيع وانهر، وانخفاضا في منسوب المياه الجوفية في آلاف آلابار الارتوازية التي كان يعتمد عليها المواطنون لسد حاجاتهم.
ويخشى خبراء من تفاقم الاذى اللاحق بمياه عكار الجوفية والسطحية على السواء بما يهدد الامن المائي والغذائي والصحي في هذه المحافظة التي تشكل ثمن مساحة لبنان ويعيش فيها حاليا اكثر من 650 الف شخص 65% منهم لبنانيون والبقية لاجئون سوريون.
وهذا الامر بات يهدد زراعة المنطقة التي تعتبر المصدر الاساسي لعيش اكثر من 45% من العكاريين على نحو مباشر يفيدون من القطاع الزراعي الذي تراجع مردوده بسبب مخاطر سوء الادارة والافراط غير الرشيد في استخدام السموم والادوية الزراعية التي تسببت بالحاق اذى بجودة مياه عكار الى جانب مئات مجاري الصرف الصحي التي حولتها البلديات الى مجاري الانهر. وتشير بعض الدراسات التي اجريت على مصادر المياه الجوفية والسطحية الى ان معظم هذه المصادر هي بحكم الملوثة حتى ارتفاع 800 متر عن سطح البحر.
الى ذلك، فان عكار اليوم، كما طوال الاعوام العشرين الماضية، تعاني انقطاعاً دائماً لمياه الشرب التي كان من المفترض ان تؤمنها مؤسسة مياه لبنان الشمالي، مما دفع الاهالي الى الاعتماد في شكل اساسي على المياه المعبأة لتأمين حاجاتهم من مياه الشرب، وعلى مياه الصهاريج للاستخدام المنزلي. اما بالنسبة للري فإنهم يعتمدون على مجاري انهار “الكبير” و”الاسطوان” و”عرقة” و”البارد” وهي بمجملها مياه ملوثة. وكذلك الامر بالنسبة لمياه الابار الارتوازية التي أثبتت الفحوص المخبرية ارتفاع نسبة الملوحة في تربة الحقول الزراعية خصوصا في سهل عكار، الامر الذي تسبب بتراجع نسبة خصوبة هذه الاراضي، وهدد تاليا نوعية المنتجات الزراعية وجودتها في هذه المنطقة التي تؤمن اكثر من نصف حاجات السوق اللبنانية.
وازاء هذا الواقع المرير الذي بات يعانيه قطاع المياه في عكار، بات على الدولة وعلى الجهات المسؤولة والمعنية فيها وتحديدا وزارة الطاقة والمياه، السعي بالسرعة القصوى لاتخاذ الخطوات الكفيلة بترشيد استخدام المياه وتأمينها على نحو صحي وسليم، والبدء فورا بانشاء السدود المقترحة خصوصا سدي النهر الكبير والاسطوان، وتوسيع رقعة البحيرات الاصطناعية الجبلية وتسريع العمل في بحيرة الكواشرة، ورفع الاذى عن مجاري هذه الانهر المتأتية أساساً من مجاري الصرف الصحي والزام البلديات انشاء برك ومحطات لتكرير هذه المياه المبتذلة اقله قبل تحويلها الى مجاري المياه. كذلك المطلوب الضغط على مجلس الانماء والاعمار لتنفيذ المخطط المقر لانشاء شبكات صرف صحي شاملة لكل المناطق العكارية وفق مواصفات عالمية ترفع الضرر عن مجاري المياه وتؤمن ظروفا بيئية افضل .
وثمة حاجة الى وضع خطة كفيلة بوقف حفر الآبار على النحو العشوائي الذي تمت فيه، إذ إن حفر الآبار قد يحل المشكلة لبعض الوقت، الا انه سيتسبب باذى بالغ على المستوى المتوسط والقريب بمصادر المياه الجوفية.