جون أوثرز
يوجد لدى مديري الأصول فكرة عظيمة جديدة للاستثمار، هي محاولة شراء مديري الاستثمار الآخرين. على الأقل يبدو أن هذا ما يتوقعه كثير من كبار الشخصيات في هذه الصناعة. أما إذا كان هذا يشير إلى إلهام جديد وتفاؤل، أو بالأحرى جرعة من اليأس، فهذا أمر آخر.
كما هو الحال في قطاعات أخرى، كانت هناك علامات على انتعاش الاهتمام بصفقات تُعقَد بين مديري الأصول لفترة من الوقت. والأكثر مفاجأة هو أن منظمة معاشات وتأمين المعلمين TIAA-CREF دفعت مبلغ 6.25 مليار دولار هذا العام لشراء شركة نيوفين للاستثمارات، التي يبلغ عمرها قرناً من الزمان، من مالكيها في شركة للأسهم الخاصة. وكانت تلك الصفقة تمثل نوعاً من العودة إلى الاندماج من النوع الذي كان شائعاً في التسعينيات، جامعة بذلك بين اثنتين من العلامات التجارية القوية لإيجاد كيان جديد من شأنه أن يكون في المرتبة الـ 12 كأكبر شركة لإدارة الصناديق المشتركة في العالم.
لكنها قد تكون مجرد بداية. فقد أظهر استبيان شارك فيه 300 من مديري الأصول في جميع أنحاء العالم، أجرته ستيت ستريت، أن نحو 72 في المائة منهم يتوقعون نمواً في فرص الاندماج على مدى الـ 12 شهرا المقبلة.
وهناك الكثير من الأسباب الأخرى الداعية لتوقع المزيد من عمليات الدمج والاستحواذ في هذا القطاع. دون بوتنام، وهو مصرفي استثماري مخضرم يغطي القطاع في “جريل بارتنرز”، يقدم قائمة لا بأس بها، منها أن أصحاب الأسهم الخاصة يتوقون للخروج والحصول على أموال، وأن بعض أصحاب المواهب في إدارة المحافظ يشعرون بالتوتر، إضافة إلى أن العديد من إدارات الصناديق يتم تشغيلها من قبل مؤسسيها الذين يواجهون مسائل الخلافة.
لذلك قد تكون عمليات الدمج والاستحواذ قد بدأت بالفعل، لكن هذا لا يظهر في الواقع أي تفاؤل كبير في هذه الصناعة. يورج أمبروسياس، من ستيت ستريت، الذي أجرى البحث، يشير إلى أنه ليس أصغر المديرين – الذين من المفترض أن يعتبروا من أسهل الأهداف – هم الأكثر عرضة للاستحواذ عليهم، بل هي الشركات التي لديها بين 15 مليار دولار و99 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة. علاوة على ذلك، يغلب على عمليات الدمج والاستحواذ ألا تشتمل على الشراء المباشر. بدلاً من ذلك يبدو أن الهدف هو أن تكون لتوظيف فرق من المديرين، أو تبديل وخلط العلامات التجارية. ما ينتظرنا في المستقبل هو ممارسة التنويع والوصول إلى أكثر فئات الأصول وذلك لتقديم منتجات “متعددة الأصول” – وهذا بدوره يتم بدافع الحاجة للبقاء من قبل الشركات متوسطة الحجم.
هناك العديد من مثل هذه الشركات التي لا تزال تقدم الصناديق المشتركة النشطة التقليدية للأسهم من باب “الشراء على أساس ارتفاع الأسعار فقط”، خاصة في الولايات المتحدة، لكن من الصعب أن تجد الكثير من المبررات لاستمرار وجودها. وذلك الحجم يجعل من الصعب عليها أن تكون خفيفة الحركة، وتقديم هذا النوع من الإدارة الفعالة يقدم حقا عودة واقعية من “ألفا” – أي العوائد التي تتفوق وتزيد على السوق. الحجم الأوسع هو عدو للإدارة النشطة الجريئة.
ومع ذلك، الإدارة السلبية هي لعبة الحجم. وكلما زادت الأصول التي يمكن أن تكون مدفوعة من قبل التكاليف الإدارية نفسه، كانت إدارة الأصول أكثر تنافسية وربحاً. والشركات التي لديها أقل من 100 مليار دولار للإدارة لا يمكن أن تأمل في التنافس مع الشركات الضخمة التي تهيمن على الإدارة السلبية، مثل بلاك روك وفانجارد.
وبالتالي يتبين أن جميع البائعين تقريباً سيأتون من “الوسط المضغوط” للشركات التي هي أكبر من أن تكون خفيفة الحركة ونشطة، لكنها أصغر من أن تستفيد من وفورات الحجم. إذا كان الأمر كذلك، قد يكون هذا تطوراً إيجابياً لأي أحد. مثل أولئك المشغلين يوفرون قيمة ضئيلة أو معدومة للعملاء. وإذا لم يكن أنموذج أعمالها ناجحا بعد الآن، فهذا خبر سار يعني أن المنتجات التي تقدم قيمة غير مقبولة قد لا يتم عرضها بعد الآن على الجمهور.
وخلط الأصول قد لا يكون تماماً نعمة كبرى لمصرفيي الاستثمار، مثلما حدث إبان موجة عمليات الدمج والاستحواذ في التسعينيات. هناك مشكلة كبيرة واحدة هي أن “البهاليل” الذين كان يمكن أن يعتمد عليهم لدفع مبالغ أكثر لمديري الأصول يبتعدون الآن قسراً عن هذا القطاع. والبنوك الكبيرة، خاصة من أوروبا، ليس لها الحرية في توظيف رأس المال في عمليات استحواذ إدارة الصناديق المكلفة. وفي الواقع العديد من البنوك الكبيرة، على نحو يتمشى مع روح العصر، حريصة على أن تجرد نفسها من الشركات وإدارة الأصول التي تمتلكها – لاحظ، مثلا، قرار العام الماضي من قبل بنك كريدي سويس ببيع شركة الصناديق المدرجة في البورصة إلى بلاك روك.
علاوة على ذلك، الارتفاع غير العادي في أسعار شراء شركات إدارة الأصول قد يكون هو ما يخبرنا بأن التفاؤل بالسوق قد تمادى كثيراً في الماضي. فبمجرد أن يبدأ الناس في إقناع أنفسهم بأن الأمر يستحق دفع مبالغ أكثر مقابل الحصول على مديري الأصول، أي الشركات التي تستفيد أرباحها بصورة مباشرة تماماً من قبل السوق الصاعدة المستمرة، فإن ذلك بشكل عام علامة جيدة على أن التفاؤل أصبح مفرطاً.
ومع بعض الاستثناءات، مثل عملية الاستحواذ على نيوفين، لا يبدو أن هذا النوع من التفاؤل موجود الآن. التعديل المرتقب للصناعة ربما يجعلها أقوى ويكون مفيداً لعملائها، لكن إذا ما بدأ مديرو الأصول في عمليات شراء بعضهم بعضا، وجعل بعضهم بعضا أكثر ثراء بكثير في هذه العملية، فمن شأن ذلك أن يكون غير صحي – وسيكون من المناسب الرهان على أن صعودا سيحدث في السوق بعد ذلك بفترة وجيزة.