IMLebanon

هل تحولت البواخر إلى حاجة دائمة؟…الكهرباء بين تقليص العجز وزيادة التعتيم

Safir

عدنان الحاج

ثلاثة عناصر تحكم أزمة الكهرباء وتنسحب انعكاساتها على أزمة المياه، لجهة الضخ ومحطات التوزيع، مما يحول الكلفة إلى أكلاف على المواطن والعبء إلى أعباء والفاتورة الواحدة إلى فواتير متعددة، خصوصاً عند الحاجة التي تزداد مع فصلي الصيف والشتاء، حيث تزداد الحاجة إلى استهلاك الكهرباء، تلافياً لحر الصيف وبرد الشتاء. الأسطوانة تتكرر سنوياً، والعلاج نظرياً يتم بتعداد إنجازات من قبل الوزراء المتعاقبين، من دون تحسن يذكر على المواطن الذي يدفع كل الفواتير من دون إمكانية الاعتراض نتيجة التبعيات والتنفيعات بين القوى الفاعلة ولا غياب القرار بتأمين الخدمات والرعاية لمصالح المواطنين بالحدود الدنيا؛ وبالعودة إلى العناصر التي تحكم أزمة الكهرباء يمكن تعدادها تحت العناوين الآتية:
1ـ العنصر الأول هو التفاوت الكبير بين الطاقة الإنتاجية وحاجة الاستهلاك حيث تقدر الكميات المنتجة في أحسن الأحوال اليوم بحوالي 1250 إلى 1300 ميغاوات (قبل الأعطال التي تصيب المعامل والشبكات) بينما الحاجة إلى حوالي 2900 ميغاوات حسب تقديرات مؤسسة كهرباء لبنان.
يضاف إلى ذلك أن شركة الكهرباء عملت على توقيف بعض المعامل مثل معملي صور وبعلبك وطاقتهما حوالي 120 ميغاوات، سعياً لتوفير الكلفة، نظراً للأسعار المرتفعة للإنتاج في هذين المعملين، حيث تصل كلفة إنتاج الكيلووات ساعة لأكثر من 30 سنتا حوالي (400 ليرة لبنانية) كذلك أوقفت الكهرباء استجرار الطاقة من سوريا حيث كانت تؤمن حوالي 120 إلى 130 ميغاوات ضمن خطة تقليص النفقات لتتوافق مع مخصصات الدعم المخصصة من مجلس الوزراء.
مع الإشارة هنا إلى ان كهرباء لبنان اضطرت إلى تشغيل معملي صور وبعلبك تلافياً لمزيد من نقص الطاقة وزيادة التقنين.
2ـ العنصر الثاني يتعلق بموضوع الاعتمادات واشغال الصيانة وتركيب المعامل الجديدة في الجية والذوق التي التزمتها الشركة الدنماركية لتركيب مجموعات صغيرة (الدارة العكسية) لإنتاج كميات مساعدة. وهذه العمليات متوقفة نتيجة انتظار قرار مجلس الوزراء وحسم موضوع الاعتمادات بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار وهذا أمر كان يفترض ان يتم وينجز منذ أشهر. كذلك الأمر مع الشركة ذاتها في معمل الذوق.
يضاف إلى ذلك توقيف مجموعات في المعملين المذكورين للصيانة «الترقيعية» التي تجري من دون معرفة النتائج المحققة حتى الآن.
وهذا الامر يتعلق بالقضية المالية للخطة التي وضعتها وزارة الطاقة سابقاً لتحسين الإنتاج إلى 24 على 24 في العام 2015. وهو أمر لن يظهر على المدى القريب. الدليل الأهم يتعلق بتوقف عمليات بناء معمل البداوي الجديد الذي لزم لشركة قبرصية والعمل متوقف حالياً لأسباب لها علاقة بالاعتمادات.
3ـ العنصر الثالث يتعلق بالوضع السياسي والأمني لجهة تقليص العجز وإزالة التعديات عن الشبكات والمحطات التي تصل إلى 56 في المئة في العديد من المناطق وهذا قرار سياسي أمني بإزالة التعديات في المناطق الخارجة كلياً أو جزئياً عن سلطة الدولة، وهو أمر لو حصل لقلص عجز الكهرباء بحوالي 450 إلى 500 مليون دولار من أصل حوالي الملياري دولار عجز الكهرباء.
هذا هو الواقع على الرغم من محاولات شركات الخدمات الملتزمة تحسين الخدمات والجباية، والتي تعاونت مع العديد من الأجهزة، لكي تتوصل إلى تحسين الجباية وإزالة التعديات، وهي حققت تحسيناً من العائدات بحوالي 6,5 في المئة، ورفعت الجباية من حوالي 1200 و1300 مليار ليرة إلى حوالي 1650 مليار ليرة، وهو أمر يحتاج إلى الكثير من الجهد وصولاً إلى تركيب العدادات الذكية التي تقلص الهدر.
البواخر من مساعدة إلى حاجة
هذه الوقائع الحاصلة في تردي إنتاج المعامل وتوقف المجموعات وتزايد أعطال المجموعات والانفصال عن الشبكات طرحت اسئلة حول دور البواخر التركية. «فاطمة غول سلطان» في الذوق و«أورهان بيه» في الجية، حيث تحولت هذه البواخر، التي جاءت لتساعد المعامل في تأمين الكميات الإضافية خلال صيانة معملي الذوق والجية، إلى عنصر أساسي في الإنتاج وباتت تؤمن حوالي 287 ميغاوات بما يوازي 25 في المئة من الطاقة المنتجة بمعنى آخر لقد تحولت البواخر بفعل أعطال المعامل والمجموعات من عنصر مساعد مؤقت إلى عنصر أساسي في الإنتاج لا يمكن الاستغناء عنه كونه يؤمن 25 في المئة من الطاقة الإنتاجية وبالتالي فإن توقيف البواخر سيؤدي إلى تصاعد أزمة الكهرباء في ظل توقف مشاريع الصيانة والمجموعات العكسية في الذوق والجية.
أكثر من ذلك فإن البواخر على الرغم من كلفتها العالية البالغة حوالي 17 إلى 19 سنتاً للكيلووات ساعة ما زالت ارخص من معملي الجية والذوق بنسبة قليلة حيث الكلفة تصل إلى 20 و22 سنتاً للكيلووات ترتفع إلى حوالي 30 سنتاً تقريباً. مع العلم ان البواخر تنتج حسب الاتفاق حوالي 93 في المئة من الكميات المطلوبة منها عملاً بمنطوق المعاهدة الموقعة.
وتستطيع البواخر هذه ان ترفع إنتاجها إلى 400 ميغاوات في حال طلبت الدولة اللبنانية منها، وهو أمر سيحصل آجلاً أم عاجلاً في ظل التردي الحاصل في قطاع الكهرباء وتأخر مشاريع الإنتاج في المعامل على الرغم من الاعتمادات التي صرفت على هذه، أو خصصت للمشاريع والمعامل الجديدة بما يفوق 1200 مليون دولار مع طلب اعتمادات إضافية.
لقد تحولت البواخر في ظل تفاقم التقنين من عنصر داعم لتحسين الإنتاج إلى عنصر أساسي يعتمد عليه لتأمين الطاقة نتيجة غياب المعالجات الجدية، ويبقى السؤال متى تطلب وزارة الطاقة من البواخر ان تزيد إنتاجها حتى لا نقول تطوير عقدها باتجاه الزيادة في الإنتاج تلافياً للوقوع بمزيد من التقنين؟
إشارة إلى ان مؤسسة كهرباء لبنان اضطرت لتشغيل معملي بعلبك وصور وهما الأعلى كلفة كونهما ينتجان على المازوت لتغطية عجز المعامل الواقعة تحت الأعطال. مع الإشارة إلى ان الإنتاج المائي تراجع من حوالي 80 و90 ميغاوات إلى 20 ميغاوات بسبب أزمة شح المياه.