اعتبر المصرف الاستثماري العالمي “ميريل لينش” أن الأخطار السياسية وإقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام هي من الاخطار الرئيسية التي تواجه لبنان حالياً، لافتا الى أن التوقعات السياسية للبنان تستند الى التطورات الإقليمية، خصوصا في سوريا. وأشار إلى أن الفراغ على المستوى الرئاسي قد يستمرّ لفترة طويلة، وأن الانتخابات النيابية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل قد تؤجّل إلى وقت لاحق.
وإذ اعتبر ان الحاجة الى الإصلاحات الاقتصادية ليست من أولويات الطبقة السياسية، فمثلاً لا يوجد إرادة سياسية لمعالجة العبء المالي المرتفع في قطاع الكهرباء، اشار الى أن الزيادة المحتملة في أجور القطاع العام تشكل العنصر الأساسي لأخطار المالية العامة، علمًا ان المالية العامة في وضع هش أصلا”.
ولفت الى أن اقتراح رفع الأجور والرواتب لموظفي القطاع العام يفتقر إلى الشفافية، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان سيتم توزيعه على دفعات أو اذا سيتضمن مفعولا رجعيا، أو إذا سيموّل كليًا أو جزئيا من خلال تدابير الإيرادات المقترحة. ورأى أنه من غير المرجح أن يصدّق مجلس النواب على مشروع القانون في المدى القريب، نظرًا الى تحذيرات السلطات النقدية والجمود السياسي المستمر الذي شلّ العمل التشريعي.
إلى ذلك، توقّع Merrill Lynch ان تبقى الاختلالات مرتفعة في المالية العامة، وذلك حتى لو لم تقرّ سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، معتبرا أن اتساع العجز في الموازنة ستكون له آثار سلبية إضافية على ديناميكية الدين العام . ووفق التقرير الذي أوردته النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week، فإن القطاع المالي في لبنان يخفف الأخطار التي تهدد الاقتصاد . ولفت الى أن مستوى الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان كافٍ ومناسب، مشيرا إلى أن مصرف لبنان باع نحو 4 مليارات دولار من محفظة السندات بالعملة الأجنبية منذ شهر تشرين الأول من 2013 تحسباً للتقلبات المتوقعة هذه السنة، ولكي يقوّي موقفه ويرفع مستوى السيولة لديه من العملات الأجنبية. ولفت التقرير الى أن الودائع لدى المصارف التجارية في نمو مستمر بنحو 6% سنوياً، ما يساعد المصارف على تمويل العجز في الموازنة العامة، وقال ان مصرف لبنان سيواصل دوره في تمويل جزء من العجز بما ان حاجة الحكومة للاقتراض لن تنخفض في المدى المنظور.
في موازاة ذلك، أشار المصرف إلى أن الاقتصاد اللبناني لا يزال يتأثر بشكل كبير بالتداعيات غير المباشرة من الصراع السوري، بالإضافة إلى العدد المتزايد من اللاجئين السوريين الذي يعتبر من أحد التحديات الرئيسية على المدى الطويل. واعتبر أن الآثار السلبية لارتفاع عدد اللاجئين السوريين على الثقة والأمن تفوق الآثار الإيجابية التي تتضمن ارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي، لافتا الى أن قسائم الصرف النقدية المقدمة من الوكالات الدولية للاجئين السوريين تحفز الاقتصاد غير الرسمي وغير المنظم. وأشار إلى أن التأثير المباشر للاجئين السوريين على الموازنة ما زال محدوداً إذ يقتصر على ارتفاع بسيط في نفقات التعليم، والرعاية الصحية وغيرها من النفقات، في حين أن التأثير على كهرباء لبنان محدود بسبب القيود على الإنتاج.