كريس جايلز
انقلبت الأرقام القياسية في سوق العمل في بريطانيا، إذ بلغت نسبة العمالة أعلى معدل لها منذ 40 عاماً، على الرغم من ارتفاع نسبة السكان في سن العمل ضمن مواقع العمل، أو نسبة الباحثين عن العمل أيضاً إلى أعلى معدل لها، ولا تزال البطالة منخفضة عند 6.5 في المائة.
لنضع جانباً القضايا المهمة حول ضعف الإنتاجية والرواتب، إذ تظهر سوق العمل في المملكة المتحدة مثالاً ساطعاً على السياسات الناجحة: تجبر سياسة العصا الغليظة العاطلين على البحث عن عمل، في حين أن جزرة النظام الضريبي والمنفعة تضمن المكافأة المالية للعاملين.
مع ذلك، فإن الساسة من كلا الحزبين يشعرون بالقلق من أن معظم المكاسب يجري الشعور بها في العاصمة فحسب، وهو ما يعكس الاتجاهات السائدة في سوق الإسكان المزدهرة.
شكا “إد ميليباند”، زعيم حزب العمال المعارض، من أن “أربعة أخماس جميع وظائف القطاع الخاص الجديدة المستحدثة منذ عام 2010 تكمن في لندن”. لحسن الحظ، إنه على خطأ. هناك القليل من الأدلة المهمة حتى الآن التي تؤكد على أن سوق العمل في لندن، سوف تفسد الحفلة لكل شخص آخر. تنتشر هذه التطورات التي تعد موضع ترحيب في سوق العمل على الصعيد الوطني – وبعض التغييرات الأكثر إثارة للدهشة تحدث بعيداً عن العاصمة.
بلغ معدل العمالة في سن العمل في المملكة المتحدة نسبة عالية هي 73.1 في المائة في الأشهر الثلاثة من آذار (مارس) إلى أيار (مايو)، مع ارتفاع صحي في كل منطقة منذ عام 2010، وما هو أفضل كان التباين بين معدلات التوظيف في أفضل المناطق أداءً وأسوئها أداءً، التي كانت في اتجاه نزولي مطرد من فجوة 15 نقطة مئوية في عام 2000 إلى نحو 9 نقاط مئوية اليوم. حتى وإن كانت هناك بعض البقع السوداء المحلية، إلا أن هذا الانكماش الواسع في معدلات التوظيف الإقليمية، يساعد على الحد من الندوب المقبلة من الركود.
البطالة آخذة في الانخفاض أيضاً في كل مكان ولم يتسبب الركود الكبير بأي بؤس متركز إقليمياً مثل الذي كان مشاهداً خلال الثمانينيات.
صورة النشاط هي التي تعد أفضل نقطة في سوق العمل في المملكة المتحدة. على عكس الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو الطرفية، والتي تبدو أكثر فأكثر مثل عصر الثمانينيات في بريطانيا، لم يكن هناك انفصال عام من سوق العمل في البلاد هذه المرة. تراجع معدلات البطالة تحقَّقَ على الرغم من أن العديد من الأشخاص يبحثون عن عمل.
شهد شمال شرق إنجلترا أكبر ارتفاع في نسبة السكان في سن العمل النشط في سوق العمل. هذه المنطقة التي تعد غالباً الأكثر اضطراباً في إنجلترا، والمنطقة التي تشمل المدن الصناعية الكبرى السابقة على أنهار “تاين ووير وتيز”، تشهد معظم الزيادة السريعة في البلاد في المشاركة في سوق العمل.
لا يعد ذلك بريقاً دون جدوى، ولكنه تحسّن مطرد على مدى أكثر من عقد من الزمان، وهو ما يثبت أن الدمار الذي شعر به الجيل الصناعي الأكبر سناً من العمال، لم ترثه الأجيال الشابة.
ماذا عن لندن؟ شهدت العاصمة مؤخراً أسرع زيادة في معدلات التوظيف في سن العمل، ولكن هذا جاء هو من مستوى منخفض، لذلك فهي لا تزال أقل من المتوسط في المملكة المتحدة.
وعندما يتم تضمين المتقاعدين، يظهر أن لدى لندن أعلى معدلات النشاط والعمالة. وهو ما يعني أنه يمكن أن يكون لدى العاصمة معدل توظيف منخفض لمن هم في سن العمل، وفي الوقت نفسه يظهر معدل التوظيف المرتفع عموماً أن لندن لا تزال مدينة الشباب – ولكنها المكان الذي ترتفع فيه الحاجة للعمل بجد، من أجل البقاء.
بدلاً من تدمير لندن لفرص بقية البلاد، لا تزال سوق العمل فيها شيء من الخطر أو الاقتصاد المتسارع. القصة الكبيرة ليست تلك الإقليمية، ولكن على مستوى بريطانيا. كما استنتجت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا الأسبوع، فإن سياسات سوق العمل النشطة في بريطانيا، التي أُدخِلت لأول مرة في الثمانينيات، يبدو أنها قد نجحت.
أحد الأمور التي أثارت قلق الفريق من نادي باريس للدول الغنية هو أن بريطانيا تنفق أكثر بكثير من البلدان الأخرى -2 في المائة من الدخل القومي- على منافع العمل، ومعظمها لأولئك الذين يعملون بدوام جزئي. ومن المرجح أن يعزز نظام الائتمان الشامل الجديد الحوافز القائمة.
أوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإضافة عصا إضافية لترسانة الحكومة، مشيرة إلى إخبار المتلقين الذين يمكن أن يعملوا بدوام كامل، أن منافعهم ستكون في خطر إذا ما فشلوا في زيادة ساعات عملهم.
إنها مشورة معقولة، وإذا ما نجحت، من شأنها أن تزيد الاعتماد على الذات والإنتاج لكل عامل، ومساعدة المالية العامة التي لا تزال في وضع عسير.
ربما كان هذا هو الخطوة التالية. لكن الآن، ينبغي على بريطانيا أن تهنئ نفسها على الأرقام القياسية في سوق العمل. لقد تم بناؤها هذه المرة على السياسة العامة الصبورة القائمة على الأدلة، وعلى المدى الطويل.