IMLebanon

التصدير يتراجع مع زيادة الإنتاج 25% …انهيار في أسعار البطاطا البقاعية

Safir
سامر الحسيني

يفترض في مثل هذه الأيام من كل سنة، أن تعبر الحدود اللبنانية ـ السورية عند منطقة المصنع ما يقارب يوميا 20 شاحنة زراعية محملة بأطنان البطاطا، إنما سجلات مكاتب التخليص الجمركي والمصدرين الزراعيين، لا تدون سوى خروج 5 شاحنات يوميا، وفق رئيس «نقابة أصحاب الشاحنات المبردة» محمد ديب حسين، الذي يوضح لـ«السفير» أن التراجع مرده إلى مشكلة تمنع المزارعين من التصدير لانهيار الأسعار.
يؤشر هذا التراجع إلى حجم المشكلة الحالية عند مزارعي البطاطا، الذين يشكون من انهيار الأسعار لهذا الموسم، إذ يكشف رئيس «نقابة مزارعي البطاطا في البقاع» جورج الصقر لـ«السفير» أن «سعر الكيلو لا يتجاوز 400 ليرة»، مشيرا في الوقت نفسه، إلى وجود «كميات انتاجية كبيرة من البطاطا تفوق طاقة استيعابها داخليا وخارجيا».
يقدر الصقر تجاوز انتاج البقاع من البطاطا حدود الـ350 ألف طن، وهو رقم يصنف في خانة الأرقام القياسية في تاريخ زراعة البطاطا في لبنان، بينما لم يبلغ انتاج السنة الماضية أكثر من 200 ألف طن.
ويوضح الصقر أنه «لم يكن من المفروض السماح باستيراد أكثر من 20 ألف طن من بذار البطاطا، لكن الاستيراد تخطى عتبة 40 ألف طن، ما رفع من حجم المساحات المزروعة، وأدى الى هذه الكميات الضخمة من الانتاج التي تفوق بكثير ما هو مطلوب داخليا وخارجيا».

تكدس المواسم

في المستودعات والبرادات تتكدس مواسم البقاع الزراعية، الغزيرة بانتاجها لهذا العام، فلا تجد من يقوم بتصريفها الى الاسواق العربية كما جرت العادة، ويقول المزارع يونس سعيفان لـ«السفير» إن غزارة الانتاج الزراعي لم تقابل بحرارة مرتفعة في حركة التصدير، التي يصفها بـ«الباردة جدا»، قياسا إلى مثل هذه الفترة من كل عام التي تعرف في السابق بذروة التصدير الزراعي.
يتندر سعيفان على مشاهد وصور من العام الماضي حين كانت الشاحنات والبرادات المعدة للتصدير تتسابق في الحقول والسهول على تعبئة طبالي البطاطا، والخس وصناديق البندورة، وتنطلق مسرعة باتجاه خطين؛ خط بري عبر منطقة المصنع الحدودية، وآخر يتجه إلى المرافئ البحرية ليحجز مكانه في بواخر الشحن، إنما اليوم هناك خط يتسابق عليه المزارعون وهو الوصول الى المستودعات والبرادات التي اتخمت بمختلف السلع، ولم يعد باستطاعتها استقبال المزيد من الكميات.
ويعتبر المصدر والمزارع وجيه العموري أن «المشاكل الحالية عصية على الحل»، موضحا لـ«السفير» أن «ما يعانيه المزارع من تراجع في أسعار الخضار والبطاطا، يعود الى انخفاض السعر في الدول العربية المجاورة، وارتفاع كمياتها الانتاجية، وهذا ما انعكس سلبا على الواقع الداخلي اللبناني». ويستدرك قائلا «لكن لا شيء يمنع من زيادة الدعم من خلال رفع كمية الرديات المالية على السلع المصدرة ضمن برنامج دعم الصادرات الزراعية».

120 ألف دونم

الجمود في حركة التصدير باتجاه الدول العربية، تزامن مع مواقيت قلع الانتاج، ما أدى إلى انهيار أسعار البطاطا والخضار، التي ارتفعت كمياتها المنتجة لهذا العام، وفق ما يؤكد رئيس «تجمع مزارعي وفلاحي البقاع» إبراهيم الترشيشي لـ«السفير»، موضحا أن حجم الانتاج البقاعي من البطاطا زاد حوالي 25% قياسا إلى العام الماضي.
تستهلك زراعة البطاطا ما يقدر بحوالي 100 ألف دونم، لكن هذه السنة، وصلت المساحات المزروعة الى ما يزيد على 120 ألف دونم، وكانت الزيادة 20 ألف دونم من حصة البقاع .
يعزو الصقر انهيار أسعار البطاطا إلى انخفاض السعر العالمي لهذا المنتج في الدول العربية المجاورة التي لم تسجل عندها أية عقبات وعراقيل زراعية، بل تتشارك مع لبنان في الانتاج الغزير، في حين الكلفة العالية يتكبدها المزارع اللبناني دون سواه، خصوصا في موضوع المحروقات.
في العام الماضي استطاع قطاع التصدير الزراعي، أن يستفيد من كل المشكلات الزراعية التي شهدتها بعض الدول العربية بدءا من سوريا وتراجع انتاجها الزراعي بسبب الأحداث العسكرية الجارية، إلى الاردن والأضرار الطبيعية التي لحقت بحقوله، وصولا إلى السعودية التي كانت قد أصدرت في العام الماضي قرارا بمنع تصدير أي من انتاجاتها الزراعية.

العوامل تغيرت

كل هذه العوامل تغيرت هذه السنة، فسوريا رفعت من حجم مساحتها الزراعية بالمئات من الدونمات، واستوردت أكثر من 25 ألف دونم من بذار البطاطا، في حين لم يتجاوز استيرادها العام الماضي أكثر من 9 آلاف طن، ويحظى الأردن حاليا بإنتاج غزير جدا من البطاطا بكلف منخفضة قيض لها أن تخترق كل أسواق الخليج والعراق، في حين أن لبنان يعجز اليوم عن تصدير طن بطاطا إلى العراق، الذي استورد العام الماضي أكثر من 25 ألفا، وهذا رقم قياسي في التصدير الى العراق.
أمام هذه العوامل الخارجية، يلفت الترشيشي الى انعدام امكانية المنافسة عند المزارع اللبناني لأي من الانتاجات الزراعية العربية، لا سيما أن موسمه الحالي يعد من «أغلى» المواسم الزراعية، من جراء ارتفاع كلفة الري التي تضاعفت ثلاث مرات، فري الدونم ارتفع من 100 دولار إلى 300 دولار لهذا الموسم، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وشح الامطار وانخفاض المياه الجوفية.
من الحلول، يطالب الترشيشي بالاسراع باصدار نتائج الفحوصات المخبرية، وعدم جعلها عائقا أمام حركة التصدير، والعمل على ادخال سريع لكل الشاحنات الأجنبية لعلها تعمل على تخفيض أجور وكلف النقل.