Site icon IMLebanon

إيلي يشوعي: اليورو ينخفض بهذه المرحلة وعلى لبنان الاستفادة

Joumhouriya-Leb

لا ينعكس الجو الهادئ في مكتب الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي بجامعة اللويزة على موقفه من أداء الحكومة الحالية ومن إدارتها للملفات الاقتصادية التي باتت تشكل عنصر ضغط جدي على لبنان.
بغضب عارم يقارب يشوعي في حديث لموقع “الجمهورية” الالكتروني، “عدم جدية تعاطي الحكومة الحالية مع الشق الاقتصادي”. هو يدق ناقوس الخطر لجهة ارتفاع الأسعار ويدعو الحكومة عموما ووزارة الاقتصاد والتجارة خصوصا باستراتيجية عمل جديدة.
وسأل: “أيجوز أن تكون شركة واحدة تحتكر أكثر من 30 ألف صنف استهلاكي؟”، رافضا تسمية الجهة المعنية، باعتبار أن تسميتها لن يغير شيئا من الواقع القائم.
ويعلنها بصراحة “العمل في الشأن العام يتطلب مناعة تجاه المال”.
يصف يشوعي اقتصادنا “باقتصاد الريع وليس اقتصاد الانتاج”، موضحا أنه “في إقرار الموازنات تتدخل عدة سياسات أما في الايرادات فهناك السياسة الضريبية، التي هي غير مباشرة، والتي نطالب بأن تكون مباشرة أكثر لجهة أن تصيب المداخيل الفردية وأن تصل الى الشطور العالية من المداخيل الفردية وأن تعدل بين الناس وأن تخفض من التفاوت الاجتماعي، أما في شق النفاقات، فقد وصلت خدمة الدين الى 4 مليارات دولار بالسنة”.
وأسف يشوعي لكوننا “دفعنا مئات ملايين الدولارات لدراسات للاصلاح الإداري من دون الوصول الى نتيجة، ولا تزال انتاجية الادارة متدنية والفساد ضارب بها والرشوة”.
وأشار الى أن “حصة الانفاق الاستثماري في الموازنة متواضعة جدا بالنسبة لمجموعة الانفاق، لأن معظم الانفاق يتجه الى الإنفاق الإداري ولخدمة الدين العام وعلى الدولة ان تلعب دورا إنمائيا داخل الاقتصاد”.
من جهة أخرى، حمّل يشوعي الحكومة ككل “مسؤولية سياسة الاستثمار وفرص العمل”، شارحا أن “الاستثمار يحتاج الى بيئة، وإدارة والى التعاطي مع المستثمر بشكل لائق وفاعل، وقضاء يفض النزاعات التجارية، ونحن للأسف لا نملك إدارة حاضنة أو قضاء قويا وبالتالي، فإن البيئة الاستثمارية تحتاج الى حد أدنى من الهدنة السياسية”.
وكشف يشوعي لموقع “الجمهورية” انه “بدأ ميزان المدفوعات يسجل عجزا مهما، وقد سجل العام 2011 عجزا بقيمة ملياري دولار ونستمر بالعجز في العام 2012، وهذا يعني اننا لم نعد نجذب الاستثمار، وهذا ما يشكل خطرا على الاقتصاد وعلى مستقبل الشباب”.
ورأى الحل في “توقيع عقود إدارة واستثمار مع القطاع الخاص اللبناني”، داعيا الى “حصر الدور الاستثماري بالقطاع الخاص، ما يمكن الدولة من الانتقال من دور المموّل والمنتج الى دور المنظّم والمراقب”.

التأثيرات الاقتصادية على لبنان
أشار يشوعي الى أنه “لطالما قلت إن سوريا هي الرئة الثانية للبنان التي يتنفس بواسطتها اقتصاديا والوضع الإقليمي الحالي، جعل من لبنان “اسرائيل” ثانية لجهة كونه منطقة معزولة، لا تملك إلا البحر، هذا وقد قيّدت العقوبات المفروضة على سوريا وعلى ايران لبنان، إذ لم يعد لنا حرية التبادل وقيّدت علاقة لبنان مع سوريا ومع ايران”.
من ناحية أخرى، أبدى يشوعي ارتياحه لكون اليورو ينخفض في هذه المرحلة، وهذا أمر إيجابي بالنسبة الينا لأننا نستورد كثيرا من أوروبا، لكن من المفروض أن تنخفض الأسعار محليا وهذا ما لا نراه”.

وانتقد “اننا نعيش غلاء فاحشا في لبنان، وغير طبيعي وهذا سبب الاحتكارات الكبيرة داخل الاقتصاد اللبناني”.
وعليه، طالب يشوعي “وزارة الاقتصاد التي تضم حماية المستهلك بأن تسهر على تفعيل منافسة كافية داخل الأسواق، لأن الاحتكار لا يحمي المستهلك وإنما المنافسة”.
وقال: “إذا كانت حصرية التمثيل التجاري تساعد على أن تتحكم الاحتكرات بالأسعار على هوائها، فلا حل امامنا سوى إلغاء حصرية التمثيل التجاري”. وإزاء هذا المشهد، اعتبر يشوعي أن “الحكومة ليست جدية بتعاطيها مع الملفات الاقتصادية”.
وعليه، توقع يشوعي أنه “إذا كانت الحكومة جادة بالعمل والاصلاح وأرادت اليوم تطبيق النهج الاقتصادي الجيد فإننا نحتاج أقله لـ6 أشهر لكي يبدأ الشارع بالانتعاش، ولكن إذا بقينا كذلك فنتجه الى الخراب”.

أزمة اليورو
عالميا، شبّه الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي عبر موقع “الجمهورية” “الازمة الاقتصادية الاوروبية التي تستعري في اليونان، وفي جانب منها في ايطاليا وإسبانيا والبرتغال الى فريق كرة رياضي، أكثر من عضو في هذا الفريق، لا يملك المعطيات الجسدية أو الطاقات الفكرية التي تسمح له أن يكون على مستوى الأعضاء المتبقيين، وإذا استمر الوضع، فهو سيؤدي الى إنخفاض الانتاجية ومستوى أداء الفريق ككل”.
ولفت الى أنه “ليست بالكارثة إذا ما خرجت اليونان من الاتحاد الأوروبي، إذا فعليا، هذا هو مطلب الشعب اليوناني لأنهم ليسوا قادرين على خوض اللعبة الأوروبية أو حتى على الالتزام بشروط اللعبة الأوروبية أو بالمقاييس والمعايير الاقتصادية الاوروبية”.
ويرد يشرعي المشكلة اليونانية الى أن “اليونان عاجزة اليوم عن ضبط مسألة العجز الاقتصادي، وتحمل كلفة الاقتصاد”، مشيرا الى أن “اليونانيين يقولون إننا لو تركنا لخيارنا الحقيقين فغننا نريد العودة لعملتنا الحقيقية الرخيصة التي ساعدتنا على جذب السياح بشكل أفضل وتحسين التصدير وبالتالي تصحيح ماليتنا العامة”.
ويستطرد ليقول: “إلا أن حسابات الحكام، مرات عديدة تختلف عن حاجات وإرادة السكان”.
ويخلص يشوعي: “الى الآن، لا تزال اليونان متمسكة بعضويتها في الاتحاد الأوروبي، لكنها لن تنعم بعد الآن بإمدادات مالية تأتيها من دول أوروبية أخرى، على رأسها ألمانيا وفرنسا، لاسباب عديدة، لان هناك التزامات داخلية لهذه البلاد لا تخولها لأن تعرض اقتصادها الداخلي لصعوبات وضائقة مالية، وأكبر برهان على ذلك، يأتي عبر التصريحات الأخيرة للمستشارة الاميركية انغيلا ميركل التي تدعو فيها “الى عدم الاتكال على ألمانيا، فقد قدمت ما بوسعها”.
ولفت الى أن “اليونان يعيش اليوم مشكلة اخرى، تكمن في أن الاقتصاد ضعيف، هناك القطاعان الخاص والعام. وفي حين أن القطاع العام فضفاض وفيه فساد مالي، فإن القطاع الخاص اليوناني متواضع وغير فاعل وتنافسي وتصديري بشكل قوي”.
ويشرح يشوعي: “كل هذه العوامل مع انعكاسات الأزمة المالية لعامي 2008 و2009، التي أنهكت الاقتصاد اليوناني وتسببت بخسائر فادحة للاقتصاد، ما دفع ألمانيا وفرنسا للتدخل، اوصلت اليونان الى هذا الوضع”.
كما رأى أن “هناك هوة بين إرادتي الشعب اليوناني والحكام، فمن مصلحة اليونانيين، كشعب، أن تخرج اليونان من الاتحاد الاوروبي، أما الحكام، وتحت الضغط الألماني- الفرنسي فتطرح الأسلحة حول كيفية إيفاء الديون إذا ما خرجت اليونان من الاتحاد، فالخوف على مالية المانيا ومالية فرنسا ينعكس سلبا على الفوائد المدينة للخسائر الفرنسية والخسائر الالمانية”.
وامام هذا التفصيل للمشهد اليوناني، والذي، بحسب يشوعي لا يختلف كثيرا عن الوضع في إسبانيا وإيطاليا، فإن “هذا الوضع اضطر الحكومات الى طبع النقد، ولجأت الى الاحتياطات، وطلبت الى المصارف بزيادة رأس المال”.