IMLebanon

الضنية.. سياحة معدومة وموسم اصطياف غير مشجع

الضنية

عمر ابراهيم

ثمة قناعة لدى غالبية أصحاب المرافق السياحية في الضنية، بأن الموسم لهذا العام لن يعدو أكثر من فترة إجازة سيمضيها المصطافون من طرابلس والوافدون من أبناء المنطقة من دول الاغتراب، في مشهد يعكس واقع السياحة المتردي والآخذ بالتراجع عاماً تلو الآخر لدرجة الاندثار، بسبب افتقاد المنطقة الغنية بالثروات الحرجية والغابات والينابيع والجبال مقومات السياحة من جهة، ولعدم وجود أي خطة تنموية من قبل الدولة أو أي خطة مماثلة من قبل البلديات والمتمولين من أبناء المنطقة من جهة ثانية.
لعل من الأسباب التي تعزز هذه الفرضية، وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين تشغل معظم الشقق في قرى وبلدات الاصطياف الرئيسية، فضلا عن عدم وجود فنادق كثيرة وخيارات أمام الزائرين من مقاهٍ وملاهٍ وملاعب للأطفال، حيث يختصر عمل قرى الاصطياف على بعض المطاعم التي يرتادها المواطنون وتحديداً في عطلة نهاية الأسبوع.

مبادرات عاجزة

في المقابل، تقف كل المبادرات عاجزة عن استغلال الثروة الطبيعية، إن كان على صعيد تشجيع المستثمرين على إقامة مشاريع ترفيهية أو حتى تنظيم رحلات لتعريف اللبنانيين أولاً على جمالية هذه المنطقة، ما من شأنه أن يشجع السياحة البيئية في الضنية، ويسلط الضوء على ما تختزنه من ثروات، وفي الوقت نفسه، يكون بديلاً لمنافسة بقية مناطق السياحة في لبنان التي تشهد نمواً كبيراً وإقبالاً، قد تحتاج الضنية سنوات ضوئية لمواكبته.

منافسة غير متكافئة

جرياً على عادتها، انطلقت بخطى بطيئة جداً التحضيرات في قرى وبلدات الاصطياف الرئيسية في الضنية لاستقبال موسم الصيف، شأنها في ذلك شأن مثيلاتها من المناطق اللبنانية التي تسبقها لحجز مكان لها على الجدول السياحي، في معادلة تفرض على أبناء الضنية تحديات جمّة، وتضعهم في خضم منافسة غير متكافئة نظراً لضآلة الإمكانات المتوافرة لديهم وغياب الرعاية الرسمية والمبادرات الفردية والثقافة السياحية.
يمكن القول إن غياب الاهتمام الرسمي حال دون دخول الضنية إلى مصاف قرى السياحـة والاصطيـاف في لبـنان، برغـم ما تختـزنه مـن مقوّمات سياحية وثروات طبيعية تضاهي في جمالها تلك الموجودة في بقية المناطق والتي تحظى باهتمام ساهم في تحويلها الى قبلة للسياح ومقصد للزائرين.

إهمال رسمي

واقع الحرمان والإهمال الرسمي تجاه هذه المنطقة ومرافقها الأساسية، فضلاً عن رداءة الطرق وما يشوبها من مخاطر يتعرض لها المارة بدءاً من طرابلس وصولاً إلى قرى الضنية بسبب غياب الإشارات، وعدم التزام السائقين قوانين القيادة، إضافة الى أزمة النزوح، حيث تنتشر آلاف العائلات إما في شقق مستأجرة أو في خيم على الطرق، كلها مسائل تحول دون تطور الواقع السياحي في الضنية.
على الرغم من أن غالبية النازحين يدفعون إيجار الشقق ولو كانت مخفضة قياساً بما يمكن أن يدفعه المصطاف أو السائح الخليجي، إلا ان الوضع الاقتصادي لمعظمهم، متدهور لدرجة كبيرة، حيث يعيش معظمهم على المساعدات الغذائية، وبالتالي فإنهم غير قادرين على الشراء أو التوجه الى المطاعم الموجودة في المنطقة والتي تشكل المدماك الرئيس للحركة الاقتصادية في قرى الاصطياف.

مغاور ومعابد

للوقوف على واقع السياحة والاصطياف في المنطقة، فإن السياحة في الضنية حالياً تعتبر معدومة برغم توافر كل مقوماتها الطبيعية والسياحية من حصون وبيوت أثرية ومغاور ومعابد وغابات وأنهر وجبال، إلا ان ذلك كله لم يسهم في تحريك هذا القطاع وجذب السياح لأسباب عديدة أبرزها عدم وجود طرق تؤدي إلى أماكن وجود هذه المقومات والتي قضى الحرمان والإهمال على جزء منها، وعوامل الطبيعة ويد الإنسان على ما تبقى، فضلاً عن عدم إدراجها بكاملها على اللوائح السياحية، ما يجعل في بعض الأحيان، التعرف إليها أصعب من الوصول الى مكانها.
أما بالنسبة الى الاصطياف، فإن أبناء المنطقة يصنفونه بثلاثة أنواع: الاول في عودة أبناء الضنية المقيمين خارج المنطقة أو خارج لبنان للاصطياف، وهم يشكلون العدد الأكبر من مجمل تعداد المصطافين، أما الجزء الثاني فيتمثل بالمستأجرين من لبنان وخارجه الذين أصبحوا بغالبيتهم من مالكي الشقق، والثالث هو الزائر اللبناني والعربي الذي يقصد المنطقة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في فنادقها وشققها المفروشة ومطاعمها.

وضع النازحين

يؤكد رئيس «اتحاد بلديات الضنية» محمد سعدية لـ«السفير» أن «موسم الاصطياف غير مشجع، نظراً لوجود هذا العدد الكبير من النازحين في المنطقة، ونحن بدورنا نتجه لمعالجة هذه المسألة، لكن يبدو أن الأمر صعب».
ويشير إلى أنه «في الضنية لا سياحة، والعمل على الاصطياف فقط، وإذا لم تتم معالجة وضع النازحين، فإن الأمور ستزداد سوءاً»، مضيفاً: «بالنسبة لنا نعمل منذ فترة على الاهتمام بالثروة الحرجية، من خلال فتح طرق داخل الغابات، وننتظر أن يقر مجلس النواب قانون إنشاء محمية اللزاب، التي من شأنها أن تشجع السياحة البيئية في الضنية».
من جانبه، يوضح رئيس «بلدية سير» أحمد علم لـ«السفير» أن «بعض أصحاب المطاعم والفنادق والمقاهي يجرون حالياً بعض التحسينات والصيانات اللازمة لاستقبال الموسم، خصوصاً أن المنطقة تشهد منذ منتصف الشهر الماضي إقبالاً لافتاً للانتباه من قبل الزوار من مدينة طرابلس ومحيطها لتمضية عطلة نهاية الأسبوع في المطاعم المنتشرة على طول الطريق الممتدة من بلدة بخعون وصولاً إلى بلدة سير مروراً ببلدة عاصون التي دخلت على خط المنافسة وشهدت في الأعوام الماضية افتتاح العديد من المطاعم والمقاهي التي ساهمت في استقطاب زوار جدد إلى المنطقة».
ويلفت علم الانتباه إلى أن «البلدية تقوم بكل ما يلزم لتأمين مستلزمات هذا الموسم، لكن وجود هذه الأعداد من النازحين، يجعل من أي محاولة لدفع هذا القطاع قدما أمراً شبه مستحيل».