Site icon IMLebanon

بسبب الكشف عن رسوم الحسابات…نهاية وشيكة للخدمات المصرفية المجانية في بريطانيا

FinancialTimes

شارلين جوف وإميلي كادمان

التحقيق المقترح حول المنافسة في خدمات أعمال التجزئة المصرفية والصغيرة، الذي تم الإعلان عنه أخيرا، قد تكون له عواقب بعيدة المدى بالنسبة للمصارف الكبيرة في بريطانيا. قالت هيئة المنافسة والأسواق إن المنافسين الجدد لا يزالون يواجهون “حواجز كبيرة” ومن الصعب بالنسبة للمستهلكين والأعمال الصغيرة مقارنة الحسابات المصرفية، نظراً للشفافية المحدودة فيما يتعلق بفرض الرسوم. لذلك من المتوقع أن تقوم الهيئة بإطلاق تحقيق كامل في فصل الخريف.
هذا الأمر يمكن أن يضطر المصارف إلى الكشف عن الرسوم الخفية على الحسابات الجارية وربما يؤدي، من الناحية النظرية، إلى عمليات بيع كبيرة للفروع. وهو أمر لن تعرفه من ردة فعل المساهمين، إذ بالكاد تحرك أسعار أسهم ثلاثة من مصارف المملكة المتحدة الأربعة الكبرى، وهي مجموعة لويدز المصرفية، وباركليز، وبنك إتش إس بي سي، بعد إعلان هيئة المنافسة والأسواق. أما رويال بانك أوف اسكتلاند، أكبر بنك مُقرض للشركات الصغيرة، فقد أنهى آخر يوم في الأسبوع الماضي بانخفاض بلغ 1.4 في المائة.
وقال محللون إن رد الفعل الصامت هذا هو إلى حد ما علامة على ثقة داخل الصناعة بحيث إن الهيئة التنظيمية لن تصل إلى درجة الإجراءات المتطرفة، مثل الطلب من المصارف الكبيرة تقسيم الفروع وفصلها. لكن المصارف نفسها حذرت من أن أي تدابير صارمة يتم إدخالها لتعزيز المنافسة قد تعني نهاية خدمات التجزئة المصرفية المجانية.

وقال مصدر مصرفي مطلع: “إذا قامت هيئة المنافسة والأسواق بفعل ما قالت إنها تنوي القيام به (…) سيصبح من الصعب رؤية كيف ستحصل على خدمات مصرفية ائتمانية في نهاية الأمر”. وأضاف أن التخلص من الحسابات المجانية “سيعمل على تحسين الشفافية، وإزالة الحوجز أمام الدخول وتشجيع الزبائن على مقارنة الأسعار”.

وفي محافلها الخاصة، تقول المصارف الكبيرة إنها ستكون مستعدة لإلغاء الأنموذج الحالي، الذي يتم بموجبه دعم الحسابات “المجانية” برسوم السحب على المكشوف والفائدة المحتومة على أرصدة الائتمان. لكن لا يوجد أي مصرف منها مستعد للتحرك أولا.

وإدخال الرسوم على الحسابات الجارية سيكون مقبولا للمصارف أكثر بكثير من رؤية شبكة فروعها تتفكك.

ووفقا لتشيرانتان باروا، وهو محلل بارز في شركة بيرنشتاين للأبحاث: “فرضية ’التفكيك‘ التي طرحها المؤمنون بالسوق الهابطة تبدو غير محتملة. المزايا والتطبيق العملي للتفكيك موضع شك”.

ويشكك باروا أيضاً فيما إذا كان بنك إنجلترا سيرغب في صرف انتباه المصارف الأربعة الكبرى من خلال خطط التفكيك، نظراً لتركيزه على إحياء الإقراض للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.

مساوئ التخلص القسري من الفروع، كررت ذكرها أيضا هيئة المنافسة والأسواق نفسها. فقد اعترف رئيسها التنفيذي، أليكس تشيزوم، بأن التعطيل والمصاريف الناجمة يشكلان “خطوة كبيرة جداً”. وأكد أن الخدمات المصرفية المجانية هي “بالتأكيد مسألة ذات صلة بالتحقيق”.

إضافة إلى هزة هيكلية للقطاع، قالت مصادر الصناعة إن هناك خياران رئيسيان لهيئة المنافسة والسوق في حال مضت قدماً في تحقيق رسمي. الأول سيعمل على تغيير طريقة تفاعل الزبائن مع مصارفهم – مثلا، عن طريق إكراه المصارف على توفير المزيد من المعلومات لجعل مقارنة المنتجات أسهل، أو تحذير الأفراد والشركات عندما تكون على وشك تكبّد رسوم. والخيار الآخر سيكون تغييراً تنظيمياً أكثر جوهرية، مثل فرض الحد الأدنى من الرسوم على الحسابات الجارية.

والتحقيق يمكن أن يكون آخر محاولة لتفكيك هيمنة المصارف الأربعة الأكبر على القطاع المصرفي. وتوفر المصارف الأربعة ـ لويدز ورويال بانك أوف اسكتلاند وباركليز وبنك إتش إس بي سي ـ فيما بينها 77 في المائة من الحسابات الجارية الشخصية البالغة 65 مليون حساب في بريطانيا، وذلك وفقا لهيئة المنافسة والأسواق. وتوفر كذلك أكثر من 85 في المائة من الحسابات الجارية للشركات، و90 في المائة من قروض الشركات. وفي حين أن مجموعة من البلدان الأوروبية أخرى تملك عدداً قليلاً من المصارف الكبيرة، إلا أن تلك المصارف يغلب عليها الحصول على حصة محدودة لأن المصارف الصغيرة أو الاتحادات الائتمانية تملك حصصاً سوقية أكبر.

وكانت هناك محاولات في الماضي لإدخال المزيد من المنافسة في سوق المملكة المتحدة، مثل جعل تحويل الحسابات الجارية ممكناً في أي يوم من أيام الأسبوع وتخفيض متطلبات رأس المال للبنوك المنافسِة الجديدة، لكن نحو 3 في المائة فقط من المستهلكين و4 في المائة من الشركات الصغيرة تحول حساباتها كل عام.

وأكدت الصناعة أن تحسين المنافسة قد يؤدي إلى نتيجة غير مرغوب فيها للزبائن الذين سيضطرون لدفع رسوم على حساباتهم المصرفية.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق، في وثيقة المداولة، إن أنموذج الحساب الجاري المجاني في حال الائتمان كان “فهمه بالنسبة للزبائن أكثر تعقيداً، مثلاً، من فهم الرسوم الشهرية”. لكن السياسيين يعرفون أن معظم الزبائن يعجبهم الوضع الراهن. وقد يكون من الصعب إقناعهم بأن دفع رسوم لحساباتهم هو تضحية معقولة يقومون بها لتحسين أداء السوق.

ووفقاً لبنك إنجلترا، تظل أوضاع الائتمان بالنسبة للشركات الصغيرة “مقيدة”، على الرغم من التحسن النسبي في إجمالي إقراض الشركات.

ورغم العدد الذي لا يحصى من البرامج والضغط السياسي شبه المتواصل على المصارف لتحسين قدرة الشركات على الاستفادة من التمويل، إلا أن هناك مخاوف متزايدة بين السياسيين من أن أرقام الإقراض لا تظهر علامات تذكر على التحسن.

وأظهرت بيانات نشرها بنك إنجلترا في حزيران (يونيو) زيادة كبيرة في صافي الإقراض إلى الشركات بعد تراجع شبه متواصل منذ الأزمة المالية. لكن تحسن الوضع الائتماني أخفق في أن يصل إلى الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وعانت القروض انخفاضا آخر بمعدل 200 مليون جنيه. وفي 2011 فقط بدأ بنك إنجلترا بجمع البيانات عن القروض إلى الشركات الصغيرة غير المالية. وكان إجمالي المبالغ التي تم إقراضها يتراجع في كل شهر تقريباً منذ ذلك الحين.

وفي تقريره الربعي حول اتجاهات الإقراض، الذي صدر قبل بضعة أيام، قال بنك إنجلترا إنه يتوقع أن يرتفع الطلب على الائتمان، وأن تستمر “كثير من الشركات” في السعي لتقليص الديون وتموين النفقات من الأموال النقدية، على الرغم من التراجع في تكلفة القروض المصرفية. وأضاف أن نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لم تحاول الاقتراض “تزداد بصورة ثابتة على مدى الزمن”، مبينا أن نسبتها بلغت 82 في المائة في الربع الأول.
وقال بنك إنجلترا إن شبكته من العملاء تبلغ عن بدائل غير مصرفية، مثل أقراض النظير للنظير، والتمويل الجماعي عبر الإنترنت، التي تعتبر “مصدراً متزايداً للتمويل” بالنسبة لبعض الشركات.
وبحسب إيان كوري، وهو مدير في شركة Seneca Partners للاستشارات المالية للشركات، الجمع بين العزوف عن المخاطر في المصارف الرئيسية العامة “وبين التصور المنتشر على نطاق واسع بين الشركات من أن جواب المصارف بخصوص الإعسار هو النفي، فلا عجب والحالة هذه أن تنخفض الطلبات بصورة كبيرة”. وأظهرت بيانات منفصلة من مجلس “هيئات القروض العقارية” أنه في حين أن القروض العقارية مستمرة في الارتفاع، إلا أن وتيرة النمو تباطأت بصورة ملحوظة. وبلغ إجمالي القروض العقارية في الربع الثاني 50.8 مليار جنيه، بزيادة 21 في المائة عن الفترة نفسها من السنة السابقة. لكن نسبة النمو المذكورة أدنى بصورة لا يستهان بها من 36 في المائة عن الفترة نفسها من الربع الأول. وقال بوب بانيل، كبير الاقتصاديين في CML، إن القيود الجديدة على الإقراض التي أعلنت عنها “لجنة السياسة المالية” في حزيران (يونيو) يمكن أن تعمل على تعزيز أثر اختبارات القدرة على القروض العقارية من “مراجعة سوق القروض العقارية” من حيث إنها “ستجعل بريطانيا تميل أكثر من ذي قبل نحو بيئة إقراض محافظة”.