كانت لافتة عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من عنايا لمناسبة عيد القديس شربل.
بداية، ومن حيث الشكل، فقد أوعز البطريرك الى وسائل الاعلام لنقل مضمون العظة مباشرة في إشارة واضحة الى أهمية ما فيها، أما في المضمون فقد شكلت هذه العظة بداية الأسلوب الجديد للبطريرك في تسمية الأمور بأسمائها من دون قفازات، ومن دون تدوير للزوايا.
فرأس الكنيسة المارونية قالها علنا ومن دون مواربة متوجهاً الى الرئيس ميشال سليمان الحاضر: “فخامة الرئيس، كنا نتمنى استمراركم على رأس الدولة حتى انتخاب الرئيس الجديد حفاظاً على الكرامة الوطنية، لكنّ محبي الفراغ رفضوا”. أوليس هذا ما يفعله مجلس النواب بالتمديد لنفسه ولرئيسه في انتظار إجراء انتخابات نبيابية جديدة؟
لكن اللافت أن الراعي أشار بالإصبع الى “محبي الفراغ” الذين رفضوا اقتراح التمديد لسليمان. وبالتالي يصبح بتعريف البطريرك أن رافضي التمديد لسليمان هم “محبو الفراغ”. من هم عملياً؟ هم فريق 8 آذار وفي طليعتهم “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” اللذين جاهرا برفض أي بحث في التمديد، لا بل حاربا ميشال سليمان وحاولا تشويه صورته وموقعه الى أقصى حد، وقادا ضدّه حملة “إرحل” الشهيرة!
لم تعد الأمور ضبابية بالنسبة الى الكنيسة المارونية. الأمور واضحة جداً والمعطلون محبو الفراغ معروفون والبطريرك الراعي بدأ يشير إليهم بالإصبع بشكل واضح جدا لا يحتمل أي التباس.
لا بل إن البطريرك تابع في عظته آملاً أن يتحرّر النواب “من كل حساب رخيص، شخصي أو فئوي، ويتصالحوا مع الوطن والشعب، بل ومع أنفسهم، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الاعتبار لسدّة الرئاسة”.
انتبهوا جيّداً الى تعابير “حساب رخيص شخصي أو فئوي”… البطريرك يصوّب جيدا على الحسابات الشخصية الرخيصة، الحسابات الشخصية والشخصانية. ومعروف جيداً من يجري الحسابات الشخصية على قاعدة “أنا أو لا أحد”. فإذا كان سمير جعجع أعلن استعداده للانسحاب من المعركة لمصلحة رئيس توافقي، من يبقى في موقع المعرقل لحسابات شخصية؟ الجواب واضح لدى البطريرك والكنيسة.
لا بل وصل الأمر بغبطته الى الحديث عن “الزؤان، أي الأشخاص والأنظمة والإيديولوجيات والتيارات الهدامة”… وربما أيضا بقي ماء كثير في فم نيافته!
هل هي استراتيجية جديدة لبكركي بعدما نفد صبر سيّدها؟ وهل هو الإنذار الأخير للراعي قبل جلسة الأربعاء 23 تموز التي لن يكون بعدها كما قبلها كما نقل زوّار الصرح البطريركي عن سيّده؟
الثابت أن رأس الكنيسة المارونية بات يستشعر الخطر الداهم ليس فقط على الموقع الماروني الأول في الدولة والذي بات في مهب الرياح الإقليمية والدولية، بل ومن خلال هذا الموقع على الوجود المسيحي في لبنان ككل، بعدما استفحلت الحرب المذهبية في المنطقة وبعدما بات المسيحيون مهددين عمليا بين فكي كماشة “داعش” و”حالش”. فهل يستجيب النواب الموارنة الى نداء البطريرك قبل فوات الأوان، أم سيكون على الراعي أن يحمل عصاه ويضرب حيث يجب أن يضرب ليطرد التجار من الهيكل ويحفظ لبنان؟