IMLebanon

امتداد دورة أسعار الفائدة المنخفضة والتسهيل الكمي يرفعان قيمة الأصول الأميركية

FinancialTimes
مايكل ماكينزي
مسؤولو المصارف المركزية لديهم أدوات كثيرة تحت تصرفهم، بما في ذلك منصب عام يتيح لهم التعبير عن آرائهم للآخرين. لكلمات مهمة، وتعمل في العادة على تحريك الأسواق، على الأقل في المدى القصير. في الأسبوع الماضي تعرض مؤشر ناسداك، الذي تبلغ التداولات فيه 500 مرة ضعف أرباح الشركات، لتراجُعٍ بنسبة 6 في المائة تقريباً في أعقاب اعتبار الاحتياطي الفيدرالي أن لدى البورصة تقييمات “مبالغ فيها”.

لكن رغم جميع المخاوف التي عبرت عنها جانيت ييلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، من أن بعض فئات الأصول كانت فوق قيمتها الحقيقية، من غير المرجح أن نشهد إجراء استباقياً على شكل زيادة في أسعار الفائدة من أجل تقليم الأسعار المفرطة أو الفقاعية، إلا حين يكون الاقتصاد أقوى بكثير مما هو عليه الآن ويتم التأكد من أن التضخم قد حل.

إن الاعتماد على التأثير على الأسواق من خلال الإقناع ليس بالأمر الجديد. في كانون الأول (ديسمبر) 1996، قال ألان جرينسبان، الرئيس الأسبق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي: “كيف نعلم إن كانت النشوة غير العقلانية قد صعَّدت بصورة غير سليمة من قيم الأصول؟”.

لم يصل الجواب على تساؤل جرينسبان إلا بعد مرور ثلاث سنوات، على اعتبار أن فقاعة الإنترنت كانت فقط في بدايتها عام 1996.

الأمر الذي يثير قلق كثير من الناس في هذه المرحلة هو كيف يعمل امتداد دورة سياسة أسعار الفائدة المنخفضة، التي بدأت في أواخر 2008، بالتزامن مع المشتريات الضخمة من السندات من قبل الاحتياطي الفيدرالي، على إشعال قيم الأصول.

من أسعار الأسهم القياسية إلى العلاوات التي لا تذكر التي تُدفع مقابل المخاطر على جميع أنواع السندات، قام المستثمرون بضخ الأموال في مجموعة متنوعة من الأصول المالية والعقارات، وذلك بفضل جهود التحفيز المضنية من المصرف المركزي.

ويقول مايكل كاستنر، المدير في مؤسسة هاليارد لإدارة الأصول، إن اللازمة المشتركة بين مستثمري التجزئة والمستثمرين المحترفين هي الشكوى من الحاجة إلى فعل شيء ما بما لديهم من أموال. إن حجم النقد الموجود الآن دون حركة، والذي يعرف باسم أرصدة صناديق سوق المال، يبلغ 2.75 تريليون دولار، وهو المستوى الذي كان عليه في 2007 قبل اندلاع الأزمة المالية.

في آذار (مارس) 2009 كانت أسواق المال تشتمل تقريباً على أربعة تريليونات دولار في الوقت الذي كان فيه المستثمرون يتمترسون في الخنادق. منذ ذلك الحين أخذ هذا المخزون النقدي، الذي لم يكن يحقق أي مكاسب، بالتوجه نحو الوضع الطبيعي، مدفوعاً بالبحث عن العوائد. وهذا نشاط يشعل أضواء الإنذار الأحمر على شاشات الرادار لدى المصارف المركزية.

في الأسبوع الماضي قالت ييلين للكونجرس إن تقييمات سندات الشركات ذات التقييم الائتماني المنخفض “تبدو فوق قيمتها الحقيقية”. وأضافت أن “أسعار الفائدة المتدنية ربما تقدم الحوافز لبعض المستثمرين “من أجل الوصول إلى العوائد، وأن هذه الحركات يمكن أن تزيد من نقاط الضعف في النظام المالي أمام الأحداث السلبية”. تقرير الاحتياطي الفيدرالي حول السياسة النقدية أعطى المزيد من التفاصيل: “أسعار أسهم الشركات الصغيرة إلى جانب شركات الوسائط الاجتماعية وشركات التكنولوجيا الأحيائية يبدو أنها مقيمة فوق قيمتها الحقيقية، إذ تظل نسب الأسعار إلى الأسعار التقديرية مرتفعة نسبة إلى المعدلات الطبيعية التاريخية”.

فيما وراء التقييمات، هناك أيضاً موضوع الطريقة التي تغير بها سلوك المستثمرين من حيث الدخول في المخاطر بفعل فترة طويلة من أسعار الفائدة المتدنية، التي لا يبدو أن المصرف المركزي في عجلة من أمره لتغييرها.
طفرة أسعار الأصول ترافقت مع انهيار في تقلبات السوق. وعمل هذا على تشجيع كثيرين، خصوصاً شركة بيمكو، على أن تبيع علاوات الخيارات كطريقة لتدعيم العوائد. هذا مشروع مربح – طالما كانت المياه الهادئة هي المهيمنة. يقول كاستنر إن سياسة الاحتياطي الفيدرالي دفعت بالمستثمرين إلى مجالات من السوق والنشوة والاندفاع تعتبر أنموذجاً لما حدث في نهاية الطفرة الأخيرة في 2007. لكنه يشعر بالقلق من أن التغيرات منذ ذلك الحين عرَّضت مستثمري التجزئة لعوامل إفراط أكبر في الأوراق المالية القائمة على مشتقات الائتمان، التي كان يتم تعليبها في صناديق البورصة، وكيف أن المستثمرين الصغار قادرون الآن على الاستثمار في استراتيجيات صناديق التحوط غير السائلة. ومن رأيه أيضاً أن سوق السندات الخطرة وسندات المصارف “تقترب الآن من منطقة الفقاعة”.

السبب الأكبر الباعث على القلق حول جميع هذه التطورات هو عندما يسعى المستثمرون للخروج، وأي تجمهر عند البوابة سيصيب الأسواق بالتشنج والانهيار السريع، مثلما رأينا في 2008 وكذلك في أسهم التكنولوجيا في 2000. بعد أن قالت ييلين للمستثمرين إن المصرف المركزي يريد أن يرى اقتصاداً أقوى ومعدلاً أعلى من التضخم قبل أن يرفع أسعار الفائدة، تواجه الآن إمكانية أن ترتفع أسعار الأصول إلى أعلى من قبل وتتجاوز قوة الإقناع من ييلين من أجل ردعهم عن السعي نحو العوائد.

شيء واحد فقط يستطيع تغيير عقليات المستثمرين، هو تخويفهم من التضخم بصورة فعلية وصادقة، لكن بحلول ذلك الوقت فإن أية انتكاسة للسوق يمكن إلى حد كبير أن تدمر الاقتصاد وصدقية المصرف المركزي.