إنها فكرة عظيمة، غير أن الصحراء الكبرى موزعة بين 11 دولة أفريقية، لا يشكل العديد منها نموذجاً للاستقرار السياسي، كالسودان ومصر وليبيا وتونس. لكن، ليس من الضروري وضع هذه الألواح في مناطق شاسعة من الصحراء، إذ يمكن وضع عدد من الألواح الشمسية في جزء صغير من أراضي الصحراء التي تملكها ليبيا، لتوليد طاقة كهربائية تكفي أوروبا وشمال أفريقيا.
وبسبب الطاقة الهائلة الممكن توليدها من شمس الصحراء الكبرى، تبدو فكرة نشر الألواح الشمسية عبرها مغرية جداً؛ فلو وضعنا الألواح المنتشرة في ألمانيا منذ 10 سنوات في جنوب الجزائر مثلاً، لولدت طاقة كهربائية تكفي لإنارة وتشغيل مصانع البلاد كلها معظم أيام السنة.
غير أن الأمر ليس بهذه البساطة، وفي ما يلي أسباب ذلك:
1. الحكومات غير المستقرة تجعل من فكرة إنشاء مشاريع تساوي مليارات الدولارات، أمراً مرعباً للمستثمرين: لجعل المشروع مثيراً للاهتمام، عليه أن يكون ضخماً. ولتبرير الاستثمار في شبكات النقل الكهربائي طويلة المسافة، على سبيل المثال، يجب وضع ملايين الألواح الشمسية في مكان ما، وهذا لن يكون زهيد الثمن، كما أن وضع هذا الكم الكبير منها داخل حدود بعض الدول حيث تتوزع الصحراء الكبرى، قد تكون فكرة مخيفة.
2. من الممكن نقل الطاقة عبر مسافات طويلة، لكن ذلك ليس الحل الأمثل: إن نشر الألواح الشمسية على نطاق واسع في أفريقيا، قد يكون طريقة مدهشة لتحسين اقتصادات العديد من الدول الأفريقية. لكن الشبكات الكهربائية فيها ليست على درجة عالية من الكفاءة، وإن كانت كذلك فإن فيها مصدراً معقولاً للطاقة اليوم. ومن ناحية أخرى، يظهر أن تصدير الطاقة إلى أوروبا ينطوي على بعض المصاعب، ويتطلب إنجازه مد خطوط لنقل الطاقة يبلغ طولها 500-2000 ميل، مع العلم أن فقدان الطاقة يصل إلى 10% أو أكثر أثناء عملية النقل. وبالتالي، فإن استغلال مصادر الطاقة الشمسية في أفريقيا يصبح أقل إثارة للاهتمام، إذا ما أخذنا مقدار الطاقة المفقودة أثناء النقل في الحسبان.
3. يشكل النطاق الزمني لهذا النوع من الصفقات، تحدياً للمؤسسات الحديثة مثل: البنوك الغربية والحكومات والشركات، ولا يمكن للدول النامية تحقيقه: يستغرق إنشاء مصنع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية سنوات عدة في الدول المتقدمة كأميركا، بالرغم من توافر المعدات الحديثة والطرق عالية الجودة، ورأس المال وضمانات القروض الحكومية وغير ذلك. ومثال ذلك: قد يكون من الممكن إنشاء مصنع ضخم في الجزائر خلال 10 سنوات، لنقل الطاقة الكهربائية إلى سويسرا، لكن هذا الأمر ينطوي على تحديات كبيرة عند تطبيقه على أرض الواقع. فتمويل المشروع وإنشائه ونقل الطاقة عبر البحر المتوسط، أمر في غاية التعقيد. فضلاً عن التغيرات السياسية التي قد تعصف بأي دولة في المنطقة، مما قد يؤخر إنجاز المشروع لسنوات إضافية.
وفوق ذلك كله، إذا دخلت أي دولة ضمن اتفاقية ما لإنشاء مصنع توليد الطاقة الشمسية لتصديرها أو استخدامها محلياً، فقد تصبح هدفاً عالمياً للإرهابيين.
إن جميع النقاط السابقة تجعل من المستحيل بناء مصنع طاقة شمسية في أفريقيا، لكنها تجعل من السهل إنشاء مصنع صغير في قرية ما، عوضاً عن بناء مشروع ضخم في الصحراء، بالرغم من رغبة بعض الدول الكبرى بتحقيق ذلك.