أبدت مصادر سياسية بارزة اعتقادها أنّ إعلان الرئيس سعد الحريري فتح باب المشاورات والتواصل مع مختلف الأطراف السياسيين لإيجاد مخرج للأزمة الرئاسية في هذا الوقت بالذات، يعتبر مؤشراً مهماً على أن الأسلوب الذي اتبع في التعاطي مع مسألة الاستحقاق الرئاسي منذ حلول الموعد الدستوري لإنجاز هذا الاستحقاق المهم، والتي ارتكزت منذ البداية على ترك البت بهذه المسألة للقيادات السياسية المارونية للتفاهم في ما بينها على تسمية الشخصية المقبولة للترشح لمنصب الرئاسة الأولى لم تنجح، وقد فشلت بفعل جنوح أكثر من شخصية منها للترشح لهذا المنصب في البداية، ثم تشبث النائب ميشال عون بالترشح متجاوزاً الجميع حتى ولو اقتضى الأمر تعطيل العملية الانتخابية برمتها كما ظهر لاحقاً وما هو مستمر حتى الساعة.
وإذا كان الدافع الأساس لترك مسألة البت باسم المرشح للقيادات السياسية المارونية التجاوب مع رغبة هؤلاء ورغبة العدد من الفاعليات السياسية والدينية باعتبار أن هذا المنصب يخص الطائفة المارونية، ولا بد أن يكون لهذه القيادات كلمتها فيها ولئلا يقال بأنّ الحريري أو غيره هو الذي يسمي هذه الشخصية أو تلك لمنصب الرئاسة الأولى كما يتردد من وقت لآخر لدى بعض هذه القيادات وهذا لا يجوز له، ومرفوض من قبل معظم هؤلاء السياسيين، في حين أن مثل هذه المطالبات مبالغ فيها، كون الانتخابات الرئاسية تخص جميع الأطراف السياسية ولو بدرجات متفاوتة ولكنها ليست محصورة بالمسيحيين فقط.
وتضيف المصادر السياسية أنّ الإعلان عن فتح باب المشاورات مع مختلف الأطراف السياسيين، الحلفاء والخصوم على حدّ سواء، والمباشرة فيها على الفور بعد ساعات من طرحها، يعني عملياً اعتماد اسلوب مقاربة جديد لملف أزمة الرئاسة الأولى يختلف عن المقاربة السابقة التي لم تنجح، ويأخذ بعين الاعتبار مواقف وتوجهات مختلف الأطراف السياسيين وليس اعتماد موقف هذا التحالف ضد التحالف الآخر او تبني موقف مرشح بمفرده بمعزل عن مواقف وتوجهات باقي الاطراف الأساسيين، ولا بدّ في النهاية من التوصل إلى مواصفات مرشّح مقبولة من جميع الأطراف أو اكثريتهم على الأقل.