Site icon IMLebanon

هذا ما سيحدث إذا لم يقبض الموظفون رواتبهم

Joumhouriya-Leb

رنا سعرتي

يسمو مبدأ «استمرارية المرافق العامة» فوق اي خلل تشريعي. وبالتالي لا يمكن استخدام اي ثغرة قانونية، ولا يحق للدولة الاستفادة من خطأ شخصي لتبرير عدم صرفها رواتب واجور القطاع العام.
تبلغ الكلفة الشهرية للرواتب والاجور للعاملين في القطاع العام 291 مليار ليرة شهرياً، تعجز الدولة لغاية اليوم عن ايجاد صيغة «قانونية» وفقا لوزير المال، من اجل تسديدها نهاية الشهر الحالي.
وفي ظل هذا السيناريو، سيتعّذر على حوالي 270 الف موظف في القطاع العام، بعد أسبوع من اليوم، عن سداد ديون وسندات ومتوجبات شهرية، ليكونوا بذلك عرضة لمراجعة قضائية امام الجهات المُقرضة.
تجهل 20 في المئة من القوى العاملة في لبنان، مصيرها المالي في نهاية الشهر، معظم هذه النسبة هي من صفوف الجيش، حيث يشكل العسكريون القسم الاكبر من موظفي القطاع العام، ويبلغ عددهم 100 الف في الاجهزة العسكرية والامنية، يستحوذون على 50 في المئة من اجمالي الرواتب والاجور.
اما موظفو المدارس الرسمية فيبلغ عددهم 40 الفا، وموظفو الادارات والمؤسسات العامة 37 الفا، و15 الفا في البلديات و20 الفا اجراء ومتعاملون و8 آلاف استاذ واداري في الجامعة اللبنانية. ويقدّر عدد المتقاعدين بنحو 50 الفا بين مدني وعسكري.
فهل يمكن تخيّل كيف سيذهب العسكري الى الخدمة، وقد وضع حياته على كفه لحماية الناس وأمنهم، اذا كان يدرك انه يترك وراءه عائلة بلا موارد مالية، وتعاني الضيقة بسبب عدم قبض راتبه؟ هل يستطيع اي مسؤول، ان يتحمّل تبعات هذه المشهدية الكارثية غير المبررة؟

الوضع القانوني

من الناحية القانونية، اكد الخبير القانوني المحامي بول مرقص ان الجهات المُقرضة لا تتعامل مع موظفي الدولة على أساس مختلف عن موظفي القطاع الخاص، وبالتالي، فان تخلّف موظف الدولة عن سداد ديونه او سنداته بسبب تخلّف الدولة عن دفع الرواتب والاجور، لا يُعتبر، من ناحية الجهة المُقرضة، من الأسباب القاهرة force majeur.
واشار مرقص لـ»الجمهورية» الى ان المؤسسة المُدينة يحق لها في حال تخلّف موظفي القطاع العام عن السداد، اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لملاحقتهم. ولكنه لفت الى انه غالبا ما تتعامل المصارف مع تلك الحالات بروية، وتتمهل قبل الشروع باي اجراء قانوني لأن موظفي القطاع العام، ما زالوا في وظيفتهم وستُصرف أجورهم عاجلا أم آجلا. ولكن من حق المصارف فرض فوائد تأخير على غرار ما تفرضه على كافة المقترضين.

دعوى قضائية ضدّ الدولة؟

في المقابل، اكد مرقص انه يحق، وفقا للقانون، ان ترفع الجهة المتضررة، اي موظف القطاع العام، دعوى قضائية ضدّ الدولة بسبب تخلّفها عن دفع راتبه الشهري، «ولكن عمليّا، لن تسفر هذه الدعوى الى نتيجة تُذكر».
واستبعد مرقص تخلّف الدولة عن دفع رواتب القطاع العام، بسبب مبدأ «استمرارية المرافق العامة» في القانون الاداري الذي يعتبر القطاع العام نظاما (regime) وليس مؤسسة (institution). وبالتالي، فان اصول وشروط هذا النظام، هي الاستمرارية التي تحتّم على الدولة المواظبة على دفع الرواتب والمستحقات. وقال: لا يمكن القول ان هناك ثغرة او عوائق قانونية اليوم، تمنع او تحول دون صرف الرواتب والاجور.
أضاف: يسمو مبدأ «استمرارية المرافق العامة» فوق اي نقصان او خلل تشريعي يمكن ان يطرأ. كما انه لا يمكن لصاحب العمل، اي الدولة، ان يستفيد من خطأ شخصي لتبرير عدم صرف الرواتب والاجور والمستحقات.
nul ne peut se prévaloir de sa propre turpitude. واشار مرقص الى ان عدم اقرار القوانين والخلل في التشريع هو من اخطاء الدولة الشخصية، وليس للموظفين اي حيلة في الموضوع، لذلك تقع المسؤولية على الدولة فقط.

السلم الاهلي مهدّد
في هذا الاطار، اعتبر الخبير الاقتصادي لويس حبيقة ان أزمة الرواتب والاجور مشكلة اجتماعية سياسية وامنية من حيث امكانية اندلاع الاعتصامات والتظاهرات. وقال لـ«الجمهورية» ان وزير المال «يلعب بالنار»، وابدى استغرابه لغياب رئيس الحكومة تمام سلام عن هذا الموضوع وعدم اتخاذه لموقف.
ورأى حبيقة ان على وزير المال صرف الرواتب لأنها بمثابة استمرارية للمرافق العامة وليست إنفاقا جديدا يجب اقراره عبر قانون على غرار سلسلة الرتب والرواتب.
ولفت الى ان السلم الاهلي والاجتماعي مهدّد في حال التخلّف عن دفع الرواتب، خصوصا في ظل عيد الفطر. وذكر ان القطاعات الاقتصادية كافة ستتضرر في حال التخلّف، «وبالتالي ستتلقى القطاعات ضربة اضافية في ظل الاجواء القاتمة في البلاد من شغور رئاسي وتدهور للاوضاع السياحية وتعثر للمؤسسات».
وحول تأثير عدم دفع الرواتب على سمعة لبنان في الخارج، قال حبيقة: سمعة لبنان بالاساس سيئة لدرجة يصعب ان تتأثر اكثر من ذلك.
واخيرا، رأى حبيقة ان الحلّ الوحيد، في حال اصرار وزير المال على موقفه، هو تغيّبه 24 ساعة، وتوليّ وزير الاقتصاد التوقيع على صرف الرواتب والاجور.