باسكال صوما
لم يبقَ لحلول عيد الفطر سوى أيامٍ قليلة، إلاّ أنّ ما تتّشح به الأسواق التجارية من ركودٍ في الحركة وقلّة في المتسوّقين، لا يبشّر بأيٍّ عيدٍ أو فرحةٍ. وحدهم الراغبون بشراء الضروريّ يتجوّلون في الأسواق، ويبدو أنّ التنزيلات المستمرّة التي تتخطّى الـ80 في المئة في العديد من المحال، لم تفلح في تشجيع المواطنين على الشراء، أو تحريك عجلة الحركة المتراجعة منذ أكثر من سنتين.
يجمع تّجار التقتهم «السفير» في بيروت والحمراء وشارع معوض والضاحية الجنوبية، على أنّ تحسّن الحركة لا يزيد عن 10 في المئة، فالانتكاسات الأمنية الأخيرة، لا سيما الانفجار الارهابي في منطقة الطيونة والعملية الانتحارية في أحد فنادق الروشة، كانت بمثابة نهاية حزينة لموسم الصيف قبل أن يبدأ، إذ خابت آمال التجار وأصحاب المؤسسات السياحية بما كانوا ينتظرونه من عودة السياح والمغتربين وتحسّن الحركة التجارية.
تراجع 40%
في هذا الإطار، يوضح رئيس «جمعية تجّار الحمراء» زهير عيتاني لـ«السفير» أنّ «التراجع الذي بلغ أكثر من 40 في المئة بعد انفجاري الطيونة والروشة، ما زال مستمرّاً على الرغم من اقتراب عيد الفطر». ويلفت الانتباه إلى أن «سوق الحمراء الذي يعتمد عادةً على السياح العرب والأجانب، يعاني من أزمة حقيقية في هذا الصيف أكثر من الصيف الماضي، إذ يقتصر السياح حالياً على السوريين من الطبقة الميسورة، فيما يسجّل الخليجيون والأميركيون بشكلٍ أساسيّ غياباً واضحاً».
ويسأل عيتاني: «هل من العدل أن تستمرّ التنزيلات وتفوق الـ70 و80 في المئة في موسم الأعياد؟»، معتبراً أنها أسوأ أيام تمرّ بها الحركة التجارية في سوق الحمراء ومتفرّعاته منذ أكثر من خمسين سنة.
الصورة قاتمة
تنتقل الصورة القاتمة ذاتها إلى سوق معوّض، حيث لم تفلح التسهيلات والتنزيلات والزينة والأضواء في تحسين الحركة.
أمام هذا الوضع، يأسف رئيس «جمعية تجار سوق معوّض» عصام عبد الله عبر «السفير» للوضع الذي يتّسم بركودٍ قاتل قبيل أيامٍ معدودة من عيد الفطر»، موضحاً أنّ «المحال في سوق معوّض تفتح حتى الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً، لعلّ وعسى ينفع ذلك في تشجيع المواطنين على الشراء، إلاّ أنّ كل الجهود تذهب سدىً».
ويرى عبد الله أنّ «الناس باتوا يعيشون على أعصابهم، بعد الانفجارات التي طالت أكثر من منطقة سكنية، وسقط من جرائها شهداء وجرحى، لذلك لا أحد يشعر بفرحة العيد، ولا أحد يرغب بشراء الثياب والأحذية وغير ذلك». ويشير إلى أنّ «الحواجز الأمنية على مداخل الضاحية، إضافةً إلى التهديدات المستمرّة بتفجيرٍ هنا وانتحاريٍّ هناك، تدفع بالوضع الاقتصادي إلى مزيدٍ من التراجع، ويتكبّد أصحاب المحلات التجارية خسائر كبيرة نتيجة هذا التراجع».
خيبة أمل
يعجز تجّار عن اختصار معاناتهم بكلمات، إذ يقول سمير (صاحب محلّ للألبسة في الحمراء): «لقد وصل الصبر إلى حدوده، وما عاد التجّار قادرين على التحمّل أكثر، فحتّى العيد لم ينجح برفع الحركة ولو قليلاً»، مشيراً إلى أنّه «في بداية موسم الصيف كنّا نأمل ببعض التحسّن مع الهدوء الأمني والوعود بعودة السياح والمغتربين، إلاّ أن التفجيرين الأخيرين أطاحا كلّ أملٍ ممكن». ويضيف: «هذا الوضع المستمرّ منذ أكثر من سنتين لا يشجّع أصحاب المصالح سوى على الإقفال أو صرف الموظّفين أو ببساطة يدفعهم إلى الهجرة».
أما ليلى حمزة (صاحبة محلّ للأحذية في بيروت) فترى أنّ «البائع والشاري يعيشان المعاناة نفسها مع التراجع الاقتصادي الكبير، وارتفاع نسب البطالة والتوتّر الأمني، فالقدرة الشرائية تتراجع بشكلٍ كبير».
وإذ تؤكّد أنّ لا تحسّن يذكر في الحركة عشية عيد الفطر، توضح أنّ «التجار خائفون من شراء بضائع جديدة، وتكبّد المزيد من الخسائر، لذلك تستمرّ التنزيلات، إنما من دون جدوى، فقليلون الذين يشترون، فيما تكتفي الأغلبية بالفرجة».
في سياق متصل، يقدّر محمد (صاحب محل للألبسة في الحمراء) التحسّن مع اقتراب العيد بما لا يزيد عن 10 في المئة، مشيراً إلى أنّ «شهر رمضان هذا العام كالعام الفائت غاب عنه السياح والمغتربون بشكلٍ عام، ما أثّر سلباً على الحركة التجارية، التي بدلا من أن تتحسّن في أجواء العيد، تعاني من ركودٍ خطير».