جيمس ماكينتوش
صناديق التحوط التي تراهن على عرض قيمته 32 مليار جنيه استرليني من “آب في” AppVie للاستحواذ على شركة شاير للأدوية، المدرجة في بورصة لندن، ظلت تتابع الطائرة الخاصة لشركة الأدوية الأمريكية جيئة وذهاباً عبر المحيط الأطلسي، لقياس التقدم المحرز في المحادثات التي اختتمت الجمعة الماضي.
ويبدي سياسيون أمريكيون الآن اهتماماً كبيرا بعمليات الاستحواذ عبر الأطلسي، لكن تركيزهم ينصب على عائدات الضرائب التي تخسرها الولايات المتحدة في الوقت الذي تصبح فيه “آب في” أكبر شركة تحول قاعدتها الضريبية من الولايات المتحدة إلى بريطانيا.
ينبغي على المساهمين التركيز على كيفية تمويل الصفقة. ويلاحظ هنا أن “آب في” بصدد اقتراض 13.5 مليار جنيه استرليني من بنك جيه بي مورجان للمساعدة في توفير السيولة لهذه الصفقة، وتعتزم سداد قرض قصير الأجل في وقت لاحق عن طريق إصدار سندات. وبذلك تنضم “آب في” إلى ما أصبح أكبر رهان للشركات في جميع أنحاء العالم، وهو أن الأسهم ستتفوق على السندات.
وقد ارتفع إصدار السندات على جانبي الأطلسي، وتتسابق الشركات لتلبية الطلب من المستثمرين للحصول على عائد فوق عوائد السندات الحكومية المنخفضة. ويبلغ عائد سندات الشركات في منطقة اليورو في المتوسط 1.5 في المائة فقط، وهو أدنى مستوى حتى الآن، وفقاً لمؤشر باركليز، بينما تعتبر النسبة أعلى في الولايات المتحدة، لكنها ليست أعلى بكثير من المستويات القياسية المنخفضة للعام الماضي.
إذا كانت الشركات تستثمر هذه الأموال في المصانع الجديدة وتقوم بتوسيع الإنتاج، فإن هذا سيكون إشارة على أنها تتوقع مستقبلاً مشرقاً. لكن للأسف، مقارنة بالأرباح، يبقى الاستثمار منخفضاً. ومن الناحية الإجمالية، الشركات تقترض المال من أجل شراء الأسهم، سواء أسهمها هي بالذات أو أسهم الشركات الأخرى. ومنطق هذا التغيير في الهيكل الرأسمالي يعتبر واضحاً بالنسبة لحالة “آب في”. فقد كلفها التمويل قصير الأجل سعر الفائدة الأساسي زائداً نسبة ما بين صفر إلى 0.5 في المائة – وبمعدل أقصى مقداره 1 في المائة. وإذا لم تتمكن شركة شاير من أن تكسب 1 في المائة من تكلفة الصفقة، فلا داعي لأن تكون في مجال الأعمال التجارية. وينطبق المبرر الأوسع على الشركات الأخرى: إذا كان الربح كنسبة مئوية من سعر السهم (العائد من الأرباح، وهو مقياس لمدى استحقاقها للمساهمين) هو أعلى من العائد على السندات – وبشكل حاسم، من المتوقع أن يبقى أعلى – فإن ذلك يعد خطوة منطقية من الناحية المالية لإصدار السندات وشراء الأسهم. وإذا لم تفعل الشركة ذلك بنفسها، فإنها يمكن أن تتوقع أن تقوم شركة مستحوِذة بالحساب نفسها وتتقدم بعرض للاستحواذ.
وظلت عملية مبادلة الأسهم مقابل السندات جارية منذ عام 2010، مع ازدهار عمليات إعادة الشراء وإصدار السندات (على الرغم من أن الموازاة شبه المثالية بين هذين الأمرين في الولايات المتحدة منذ أواخر التسعينيات قد تدهورت، مع ارتفاع إصدار السندات فوق عملية إعادة الشراء في الـ 18 شهراً الماضية، كما تشير بلاك روك).
قد يكون الاقتصاد بائساً في الولايات المتحدة، لكن عمليات الاستحواذ في أعلى مستويات ازدهارها. إذا استمر الاتجاه الذي يسري هذا العام، سوف يكون هناك 1.9 تريليون دولار من الصفقات في الولايات المتحدة في عام 2014، لتجتاز بذلك ذروة بلغت 1.6 تريليون دولار عامي 1999 و2007. وقد يصل المجموع العالمي إلى 3.9 تريليون دولار، وهو مبلغ يأتي فقط بعد عمليات عامي 2006 و2007، حسبما تظهر بيانات ديلوجيك. ويبدو بيع السندات وكأنه لا يستحق عناء التفكير عند مستوى العوائد الحالي. وقد بدأ حتى محافظي البنوك المركزية، الذين كانوا يحاولون تشجيع الأسواق على أمل أن تذهب بعض المكاسب إلى الاقتصاد الحقيقي، في التحذير من الزبد في السندات الخطرة والقروض التي تقوم على الرفع المالي. وبالنسبة لمستثمري الأسهم يجب أن يدق ذلك ناقوس الخطر أيضاً، باعتبار أن الأمر نسخة حديثة من “أنموذج الاحتياطي الفيدرالي” المعيب. هذا النهج، الذي ذكره البنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 1997، يقارن عائدات السندات والعائد على الأرباح، التي هي عكس نسبة الأرباح إلى السعر.
والفكرة هي أن المستثمرين لديهم خيار بين السندات والأسهم، وأن العوائد من الفئتين تقيس ما يمكن أن يتوقع المساهمون أو حملة السندات تحقيقه من عوائد.
وهذا جيد للتنبؤ بتمويل الشركات. فعندما كانت الأسهم مكلفة بشكل شنيع في فقاعة الدوت كوم، اختار مديرو التمويل بطبيعة الحال بيعها والتسابق لتعويم شركاتهم، وصفقات التمويل عن طريق إصدار الأسهم. وعندما أظهر الأنموذج سندات فوق قيمتها الحقيقية نسبة إلى الأسهم في عامي 2006 و2007، باعت الشركات السندات لتمويل عمليات إعادة الشراء وعمليات الاستحواذ. واليوم تشير إلى أن السندات أرخص بالنسبة للأسهم (حقوق الملكية) حتى أثناء فقاعة الائتمان، لذلك ينبغي ألا نفاجأ برؤية عمليات إعادة الشراء والاستحواذ التي تمولها الديون وهي تنطلق. مع ذلك، الاحتياطي الفيدرالي يعتبر أنموذجاً معيبا للغاية. فمن الناحية النظرية لا معنى لمقارنة عائدات السندات الاسمية الثابتة مع الأرباح المتغيرة، التي ترتبط بشكل واسع بمعدل التضخم. ومن الناحية العملية كان الأنموذج مؤشراً ضعيفاً أيضاً ـ عمل منذ عام 1982 إلى بداية القرن الحالي، بعد فترة وجيزة من التعرف عليه. لكن المستثمرين الذين تمسكوا بالنسخة الحديثة، يقارنون بين أرباح العائد المتوقعة مع العائد على سندات الشركات، التي شهدت أقوى إشارة شراء على الإطلاق في تموز (يوليو) 2008. وبعد خسائر فظيعة أثناء الانهيار الناتج عن الأزمة المالية، لا تزال النفوس القوية تستخدم الأنموذج الذي تلقى أقوى إشارة بيع في خمس سنوات في أيار مايو 2009 – تماماً في الوقت الذي بدأت فيه السوق الصاعدة الهائجة.
لكن إذا ما استمرت الشركات في استخدام هذا الأنموذج للمراجحة بين السندات والأسهم، فإن الأمر مهم. فقد كانت الشركات من أكبر المشترين للأسهم الأمريكية لسنوات، لدعم السوق. وإذا كانت تستعد لشراء المزيد من الأسهم، فإنها يمكن أن ترفع الأسعار في الهواء لفترة من الوقت، حتى مع إلحاق الأذى بتوقعات الأرباح على المدى الطويل عن طريق الاستثمار المنخفض. ومثلما كان الحال في 2006 / 2007، من المرجح أن يتبين أن هذا ظاهرة مؤقتة.