Site icon IMLebanon

لبنان بلد الماء يئن من العطش.. والحلول غائبة مع غياب الإرادة السياسية

Liwa2

ترسم الانهر والينابيع حدود المناطق والاقضية من شمال لبنان الى جنوبه وتطوق جميع المدن والبلدات والقرى.
سكان غالبية هذه المناطق يضطرون لشراء مياه الشفة من الشركات الخاصة، ومياه الاستخدام اليومي من اصحاب الصهاريج الذين يخضعون لاصحاب الآبار الارتوازية.
ومن المعلوم ان جميع المناطق اللبنانية موصولة بشبكات المياه العامة التي تقع تحت مسؤولية مصالح المياه الرسمية.
وتضم المناطق شرائح اجتماعية من مختلف الفئات، ويشهد بعضها فورات عمرانية متقدمة.. لكنها جميعاً تشكو من العطش في بلد «الشمس والماء» كما يحلو للشعراء ان يصفوا لبنان.
فوار انطلياس
بلدة الربوة التي تقع الى جانب منطقة الرابية وعلى بعد كيلومترات قليلة من فوار انطلياس، الذي يتغذى من سفح جبل صنين.
وينساب بهدوء ويقسم بلدة انطلياس الى قسمين لكنه يصب في البحر بهدوء ايضاً.. سكانها يشكون الجفاف في «الحنفيات» وفي خزانات منازلهم.
آراء
تقول كلير سجعان وهي من سكان المنطقة منذ اكثر من عشر سنوات انها كما تشتري المياه في فصل الصيف ونادراً في الشتاء، وكنا ندفع ما يقارب المئة دولار سابقاً في الشهر لصاحب الصهريج الذي ينقل الينا المياه.. لكننا اليوم ندفع مئتي دولار ثمناً لها.. بالاضافة الى 300 الف ليرة لبنانية للاشتراك الرسمي في مياه الشرب.
وما ينطبق على الربوة ينطبق على العاصمة حيث يقسمها نهر بيروت ايضاً الى قسمين لكنه اصبح ملعباً للاطفال وحاضناً لـ«التماسيح».
احمد الخواجا من سكان بيروت يقول: لبنان يجب ان يصدر الماء لا ان يستوردها ولا ان يتفرج على الشح الآتي، نحن لا نقدر النعمة المعطاة لنا…
اما جورج خوري فيقول بحدة: هذا حرام.. ندفع اشتراكاً سنوياً للدولة ولا تصل المياه الى منازلنا لاكثر من سبب ولالف عذر الذي هو اقبح من الذنب، وندفع ثمن المياه مرتين واحدة للدولة واخرى لاصحاب الصهاريج.
ويضيف: هذا كان في الماضي اما اليوم ومع اشتداد حالة الجفاف.. فالمصائب كبيرة وسندفع ثمنها بصورة مضاعفة.. ونسمع من الدولة اعذاراً واسباباً لا تحصى ولا تعد، بدل ان تقوم بواجبها الانمائي منذ سنوات، لكنها كانت تلتهي بجنس الملائكة حتى اتت المصيبة.
قمير
يقول مدير عام الموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير في كتابه «مياه لبنان بين الضياع والاستثمار»، ان المعدل السنوي للموارد المائية المتجددة هو ملياران ومائة مليون متر مكعب، من دون احتساب الموارد التي تخرج عبر الحدود والينابيع تحت البحر (تحدث عنها رئيس مجلس النواب اخيراً).
ويؤكد قمير ان لبنان يستخدم مليار متر مكعب كحد اقصى وما يبقى يذهب الى البحر، كذلك تصب في البحر المياه المبتذلة من دون تكرير، لذلك نحن نلوث البحر ونخسر المياه.
ويضيف «ان 105 ملايين م3 من مياه الصرف الصحي تصب في المتوسط، ولهذه المياه قيمة اقتصادية كبيرة اذ يمكن استعمالها في الري ولحاجات البلديات ولايجاد مساحات خضراء نفتقر اليها، اما الري اليوم فيتم بالمياه العذبة، وهذا امر كارثي».
ويشير قمير ان معدل النمو السكاني هو 1.5٪ اي ان عدد السكان سيصبح بعد عشرين عاماً ستة ملايين نسمة مقابل اربعة ملايين حالياً (هذا الكلام قبل النزوح السوري وقد اصبح عدد اللاجئين السوريين 1.5 مليون نسمة).
ويتابع قمير: هذا النمو يتطلب توسيع الرقعة الزراعية لتلبية الاحتياجات الغذائية، كما يؤثر الاحتباس الحراري سلباً على الموارد المائية التي بالكاد ستكفي لبنان حتى العام 2015 (الكارثة وقعت هذه السنة).
ويؤكد «ان لا حل سحرياً لهذه المشكلة، لا بد من تخزين المياه سطحياً في سدود وبحيرات وبرك اصطناعية على الهضاب واصلاح الشبكات».
خبراء
ويشعر الخبراء بالأسى لعدم الاهتمام باستثمار مياه الانهر التي تخرج من لبنان مثل النهر الكبير شمالاً، والعاصي شرقاً الى (سوريا) ونهري الوزاني والحاصباني جنوباً الى (فلسطين).
ويؤكد الخبراء ان رصد ابرز اسباب العمليات الاسرائيلية في لبنان على مر السنين ناتج عن الاطماع بالمياه اللبنانية.
هيام ملاط
ويشير الدكتور هيام ملاط في كتابه «المياه والامتيازات في الشرع اللبناني» الى ان قضية المياه في لبنان شكلت احدى ابرز التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لاسباب ثلاثة لاهمية دور المياه في حياة الامم، خصوصاً في الشرق الاوسط، ولخطورة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة حالياً، ولاهمية التحديات الفنية والتكنولوجية والمالية والادارية لتلبية حاجات المجتمع اللبناني.
ويلفت ملاط الى ان قضية المياه في لبنان تتعدى حدود البلد لتشمل منطقة الشرق الاوسط ككل، فاذا كان الاهتمام اللبناني بها واقع في محله، فلا شك ان على لبنان ترقب التطورات الحاصلة في المحيط العام لكي لا يفاجأ يوماً باتفاقيات او قرارات ذي شأن دون ان يكون له الرأي المناسب والحاسم فيها، خصوصاً وان المداخلات البارزة لبعض المفكرين الصهاينة ابرزت الرغبة بتحديد حدود فلسطين ولبنان على اساس نهر الليطاني».
فرج الله
اما الدكتور نديم فرج الله المتخصص في علم المياه: «صحيح ان اي اشغال نقوم بها على الانهر في الجنوب قد تتذرع بها اسرائيل للرد، لكن ان لم نتحرك قد يأتي يوم يقال لنا ان حقنا سقط في مياه لم نستخدمها منذ استقلالنا».
ويشدد فرج الله «على ايجاد خطة تشارك فيها كل القطاعات للمحافظة على الثروة المائية المتبقية».
النمو السكاني
ويشكل النمو السكاني اليوم مع وجود اللاجئين السوريين عامل ضغط على مسألة الطلب على المياه، وحدها الصهاريج اليوم تتنقل من شارع الى آخر في بيروت، ومن منطقة الى اخرى في الجبال تحمل المياه الى المواطنين.
هذا المنظر يذكرنا بالحمير التي كانت وسيلة نقل وحيدة في الايام الغابرة للمياه من «العين» الى منازل القرية فهل ستستمر هذه الصورة الى ما شاء الله.
التوعية
ولتخطي هذا الواقع نحتاج الى التوعية ومشوارها لا يزال في بداياته ويحتاج الى وعي لنرى المسؤولين، لان ما ينقصنا فقط لتعود المياه الى شبكات المياه ولاستعادة قدرتنا المائية هو الارادة السياسية على تنفيذ المشاريع المقترحة بعيداً عن المناكفات والنكايات وليس عبر استيراد المياه من الخارج.
وكما يقول الدكتور قمير «السياسيون عندنا لا يهتمون بغير السياسة ولا يعيرون اهتماماً لثقافة التنمية المستدامة».