IMLebanon

التوترات مع روسيا لا تحبط أسواق الأسهم

FinancialTimes
رالف أتكينز وإلين مور

ما الأمر الذي ينبغي أن يقلق المستثمرين أكثر حول رد فعل الأسواق المالية على التوترات المتصاعدة بين روسيا والغرب؟ الجواب هو أنه بالكاد يكون هناك أي قلق.
في حين انخفضت الأسهم بعد فرض عقوبات جديدة من قبل الولايات المتحدة، وإسقاط شركة الخطوط الجوية الماليزية MH17 إلا أنها قد انتعشت منذ ذلك الحين، حيث سجل المؤشر الأمريكي ستاندرد آند بورز 500 رقماً قياسياً جديداً.
ارتفعت عمليات بيع سندات الخزانة الأمريكية وسندات الخزانة الألمانية، التي تعتبر من أصول الملاذ الآمن، لكن الانخفاض في عائدات السندات الألمانية، والتي تتحرك عكسياً مع الأسعار، عكس أيضاً البيانات الأوروبية الضعيفة. حتى في روسيا، كان البيع المكثف قيد السيطرة نسبياً.
الهدوء لا يبعث بالضرورة على الاطمئنان. بدلاً من ذلك فهو علامة على القبضة الساحرة للمصارف المركزية على الأسواق. مع تصاعد الأحداث فيما يتعلق بأوكرانيا – بالتزامن مع النزاع في غزة وانزلاق العراق نحو الفوضى – قد تتغاضى الأسواق عن تحولات قوية في الجغرافيا السياسية.
تقول تينا فوردهام، كبيرة المحللين السياسيين العالميين في “سيتي جروب”: “لقد عرّفت الأسواق كل هذه الأحداث على أنها أحداث شاذة، واعتبرتها محلية، ولكن حين تنظر إلى جميع البيانات معاً، سيبدو الأمر وكأنه اتجاه عام”.
سبب واحد لعدم وجود أي رد فعل كبير هو صعوبة تسعير مخاطر الأحداث السياسية التي قد تخرج – أو لا تخرج – عن نطاق السيطرة. يقول نيك نيلسون، استراتيجي الأسهم في “يو بي إس”: “من الصعب للغاية بالنسبة للأسواق تسعير هذه الأحداث لمعرفة ردة الفعل وردة الفعل على ردة الفعل، لكي يتمكنوا من العمل على الآثار المترتبة بالنسبة للاقتصادات وفي نهاية المطاف، أرباح الشركات”.
كتب جيم رايد، استراتيجي الائتمان في “دويتشه بانك” في مدونة: “في رأيي، فإن السوق لا تسعى إلى تعيين احتمال كبير بما فيه الكفاية لهذا الوضع المتصاعد إلى مستويات غير مريحة، ولكن الواقع هو أن النتيجة الأكثر ترجيحاً ستكون أنها لن تفعل ذلك.هنا تكمن معضلة الاستثمار. هل تعاملك من أجل نتيجة أكثر ترجيحاً جنباً إلى جنب مع الجماهير، أو هل تقف وحدك أكثر وتضع تعاملاتك في الاحتمال المتدني، ولكن مقابل نتيجة ذات تأثير أعلى”.
التفسير الآخر هو أن الأحداث لم تؤد حتى الآن إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة – في الطريقة التي تنتقل فيها الصدمات الجيوسياسية في الماضي – إلى الاقتصاديات الحقيقية والأسواق الأوسع نطاقاً.
مع ذلك، يتفق المحللون على أن السبب الأكبر لذلك هو تأثير سياسات المصارف المركزية النقدية المغرقة في تساهلها، من حيث كبح تقلبات السوق. يقول أندرو جولدبيرج، استراتيجي الأسواق العالمية في مصرف جي بي مورجان لإدارة الأصول، إن إجراء المصرف المركزي “مثل مخدر عملاق”. وأضاف: “إذا كانت المصارف المركزية بشكل نظري غير ملتزمة حتى بحرارة لتعزيز الانتعاش، في ظل خطر التضخم، فإن كل هذا القدر من عدم اليقين الجيوسياسي، قد يهز الأسواق”.
في روسيا، قفز العائد المرجعي على السندات لأجل 10 سنوات يوم الخميس الماضي بعد أنباء عن فرض عقوبات أمريكية جديدة، ولكنها لا تزال دون ذروة منتصف آذار مارس التي بلغت 9.77 في المائة.
العوائد على سندات الشركات الصادرة عن الشركات المتضررة بشكل مباشر من العقوبات، لم تصل حتى الآن إلى الارتفاعات التي وصلتها في آذار (مارس)، عندما ضمت روسيا القرم.
هناك علامات على هروب رأس المال، فقد سحب المستثمرون أكثر من 70 مليار دولار من روسيا، في صافي تدفقات رأس المال في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، أي أكثر من المبلغ الإجمالي الذي تم سحبه في عام 2013، وذلك وفقاً للمصرف المركزي الروسي.
انخفض أيضا إصدار السندات من قبل الحكومة الروسية والشركات، فقد ألغت روسيا المزاد التاسع من السندات المحلية هذا العام، ولكن الإطلاقات الأخيرة من السندات المقومة باليورو من قبل “سبير بانك” و”جازبروم بانك”، وهما من أكبر المصارف في روسيا، أظهرت شهية المستثمرين لسندات الشركات الروسية في حقبة من انخفاض أسعار الفائدة العالمية.
وكما يقول تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في “رينيسانس كابيتال”: “يتم تقويض جهود الغرب لفرض عقوبات على روسيا بسبب سياسة مصرف الاحتياطي الفيدرالي”. وأضاف: “قد تدفع روسيا سعر أعلى للاقتراض، لكنها لا تزال منخفضة على المقياس التاريخي”.
في جميع أنحاء أوروبا الغربية، كان هناك القليل من الأدلة على هروب واسع النطاق نحو طلب الجودة في أسواق رأس المال، كما يقول ريتشارد ماجواير، رئيس استراتيجية الأسعار في “رابو بنك”.
وإذا كانت هناك أدلة، فإن السندات من تلك الحكومات التي تضررت بشدة من أزمة منطقة اليورو، هي صورة موازية لعمليات البيع المكثف في روسيا. ويقول ماجواير :”لقد تم نزع حساسية الأسواق تجاه المخاوف الجيوسياسية”.
كلوديا كاليتش، مديرة السندات في “إم آند جي” تقول إن المستثمرين ينظرون إلى الوضع على أنه تم احتواؤه: “لقد تم كتم صوت التداعيات من روسيا وأوكرانيا، وأن من المرجح أن يستمر ذلك، ما لم نر روسيا تأخذ نوعاً من الإجراء المشدد. على سبيل المثال، لقد بدأت في تعطيل صادرات النفط والغاز، عندها سوف نبدأ في رؤية عمليات بيع أوسع نطاقا”.
وحيث إن الحكومات الأوروبية كانت تبحث في اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً ضد روسيا، فإن خطر الاستياء والاضطرابات يمكن أن يزداد. تضيف فوردهام، من “سيتي جروب” قائلة: “هذه الفكرة حول تطوير عقوبات تستهدف الأفراد المقربين من بوتين دون استثارة ردة فعل، وفي الوقت نفسه تسوير الطاقة بصورة أو بأخرى، ستكون حساسة للغاية. إنها وضع لم تتم تجربته من قبل. ويمكن أن تكون له عواقب غير مقصودة”.