رنا بو سعدى
عيد بأي حال عدت يا عيد… هذه هي حال القطاع التجاري، الذي يعاني من أعوام غياب الاستقرار الأمني والسياسي وتداعيات الأزمة السورية. فالقطاع، الذي كان يعوّل على فترة عيد الفطر لتعويض ما فاته من خسائر متراكمة، اصطدم بغياب شبه تام للسياح واللبنانيين المغتربين بفعل التفجيرات الارهابية التي استهدفت لبنان أخيراً.
فما هو وضع الاسواق عشية العيد؟ وهل ستستطيع حنكة التجار أن تتغلب على أشباح الأخطار الأمنية؟ يكفي أن تتجول في أحد الأسواق لتلاحظ شبه الغياب التام للزبائن.
فمن الطبيعي أن ينصرف المواطنون إلى هموم بعيدة عن التسوق، في ظل الفراغ الرئاسي والاوضاع الاقتصادية والامنية التي أثرت كذلك على قدوم السياح.
على غير عادتها بدت الحركة في شارع الحمراء خجولة، وعزا رئيس لجنة تجار الحمراء زهير عيتاني في حديث إلى “النهار” ضعف حركة السوق الى غياب الزبائن العرب رغم التنزيلات التي تقوم بها معظم المحال، معتبراً أن ذلك يعود بالمرتبة الأولى إلى الوضع الأمني. وأشار إلى تخوّف التجار من عدم تمكنهم من تصريف بضاعتهم، وأمل في تحسن الوضع بعد عيد الفطر.
من الحمراء الى فرن الشباك… الحال واحدة، إذ أكد مدير مكتب جمعية تجار فرن الشباك، جوزيف الغفري، الوضع المأساوي وتأزمه مقارنة بالعام الماضي، موضحاً أن المهرجان الذي أقيم أخيرا وخفوض الأسعار الحالية، والتي وصلت الى 70%، لم تنجح في إعادة بث الحياة في سوق فرن الشباك. وكما عيتاني اعاد الغفري إنعدام الحركة التجارية الى الوضع السياسي – الاقتصادي، جازماً بأن الحركة لن تتحسن ما دامت كرسي الرئاسة فارغة، وسلسلة الرتب والرواتب غير مقرة ورواتب موظفي القطاع العام مهددة. الى ذلك، بيّن الغفري أن ثمة حركة للنازحين السوريين، غير أنهم يكتفون بشراء حاجاتهم الأساسية ولا يقومون تاليا بمساهمة ملحوظة على الصعيد التجاري.
الحال في سوق معوض ليست أفضل، ويبدو أن التفجيرات التي حصلت في منطقة الضاحية الجنويية أثرت على حركة الزبائن. فقد أوضح رئيس لجنة تجار معوض، عصام عبدالله، أن المحلات تعاني تراجعاً كبيراً في مبيعاتها، ورأى أن الوضع الأمني لا الاقتصادي هو المسؤول الأول عن هذا التراجع. ومع أنه يعي انعكاسات الهم المعيشي والضيق الاقتصادي على الوضع التجاري، اعتبر عبدالله أن غياب الاستقرار الأمني في منطقة معوض هو ما يخيف الزبائن ويبعدهم عن اسواقها. ولاحظ غياب المغتربين اللبنانيين والسيّاح العرب عن الحركة في السوق، رغم محاولات إعادة احياء الشارع من خلال تزيينه واقامة المهرجانات والعروض، لافتاً الى انه تم تزيين السوق بالتعاون مع بلدية الشياح، وأُنير بأجمل الألوان “عله يستقطب المزيد من الزوار”. وتخوف في الختام من الأسوأ، معتقداً أن حال أسواق لبنان مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالوضع الامني في المنطقة.
الا أن رئيس لجنة تجار فردان زياد دكروب، وعلى عكس سائر التجار، بدا متفائلا، فرغم إقراره بحركة السوق الخفيفة بسبب غياب السياح هذه السنة، يأمل خيراً بعودة المغتربين إلى وطنهم خلال عيد الفطر، متوقعاً أن يسهم هذا العيد بتنشيط حركة الأسواق التجارية. وأشاد بالدور الإيجابي الذي يلعبه المغتربون في الوضع الاقتصادي، لافتا الى نسبة حجوزاتهم المرتفعة في الفنادق والشقق المفروشة. كما أوضح أن تنزيلات الأسعار التي وصلت إلى 50% نجحت في تشجيع المواطنين على التسوق. وإذ شدد على ضرورة التفاؤل في ظل هذه الأوضاع، اعتبر أن لبنان مر بظروف أصعب ونجح في التغلب عليها.
تعددت الأسواق وركود الحالة التجارية واحدٌ، ما عدا قلة منها. فمن الحمراء إلى فرن الشباك ومعوض، تقبع بضاعة المحال وحيدةً، منتظرة من يلتفت إليها. فهل سيحمل عيد الفطر خلاصاً لها أم أن غبار الرفوف سيكسوها فيخنق أنفاس تجارها؟!