IMLebanon

التنزيلات تستخدم على نطاق واسع لتشجيع الناس على الشراء…الصرافات الآلية تنعش الأسواق بعد فكِّ أسرٍ الرواتب

AlMustakbal

ضخّت الصرافات الآلية للمصارف، معاشات ورواتب الموظفين في القطاع العام، وشوهد إزدحام كبيرٌ أمامها، ما سينعكس إزدحاماً مماثلاً في الأسواق المحلية عشية عيد الفطر السعيد، بعد التعطيل القسري وكبح النفقات للأسر، مع القلق الذي ترافق مع امكان التأخير بدفع الرواتب وايجاد مخرجٍ لها…
التجار تنفسوا الصعداء رغم الضائقة المعيشية وتراجع القدرة المعيشية للمواطنين، لكنّ أي متجول في السوق يلاحظ الحسومات والتنزيلات الكبيرة التي لجأ اليها التجار لتشجيع الناس على الشراء لتدارك الكارثة في هذا الموسم المهم من السنة، وهو ما بدد هواجس الفقراء وأصحاب الدخل المحدود. وانطلاقا من هذه الاجواء يمكن الحديث عن تحرك جزئي للسوق، مع حركة فعلية بدأت تشهدها اعتبارا من صباح أمس، وتركزت في محال الالبسة الحلويات والشوكولا والمفروشات.

في موازاة ذلك، شهدت الأسواق الشعبية حركة قوية، مستفيدة من اقبال النازحين السوريين عليها لقدراتهم الشرائية المتواضعة، فهم رغم «أنفِ المأساة» يرفضون أن يمر العيد مرور الكرام، «نكتفي بشراء قطعة واحدة من الألبسة أو لعبة متواضعة بقيمة زهيدة كي نخفف عن ابنائنا عذاب النزوح ومرارته».

كيف بدت صورة الأسواق اللبنانية في راشيا وحاصبيا وجبيل عشية العيد؟

راشيا: اغراءات بخفض الأسعار

وأنت تدخل سوق ضهر الأحمر الأسبوعي (عارف مغامس)، التي باتت تعرف منذ عشرات السنين بـ«سوق الأربعاء»، تطالعك أصوات الباعة التي يسابق بعضها بعضا، ويعلو بعضها على بعض، بمشهدية تجسد طبيعة الحياة في القرى، حيث يسعى كل بائع الى جذب المتسوقين إليه، في وقت يدأب المواطن الى انتهاز فرصة التنافس بين الباعة ليوفر القليل من المال عله يضيف شراء سلعة لم تكن في الحسبان، فيما ينتهزها آخرون لتحسين نوعية السلع خضرا كانت ام فاكهة ام البسة واحذية وما شابه ذلك.

سوق الأربعاء قبيل ايام قليلة من عيد رمضان المبارك، شكلت محجة لمئات العائلات التي قصدتها من مختلف قرى راشيا والبقاع الغربي وحاصبيا، ناهيك عن مئات العائلات السورية والفلسطينية النازحة، حيث يبدو مشهد التدفق البشري اشبه بمظاهرة اقتصادية يسعى فيها كل فرد الى تأمين حاجته والتسوق للعودة الى المنزل قبل اشتداد الحر، فيما تفضل بعض العائلات الفقيرة الانتظار الى فترة ما بعد الظهر حيث تهبط الاسعار بنسبة تتجاوز احيانا الـ 60 في المئة، وفق ما عبر عنه بعض رواد السوق، سيما وأن الباعة يحبذون العودة الى منازلهم وسياراتهم خاوية مقابل امتلاء جيوبهم، فلا خسارة في الرخص مقابل ان يتلف بعضهم ما تبقى من خضار او فاكهة في اليوم التالي.

والسوق في ضهر الاحمر ليس فقط ملاذا للفقراء وذوي الدخل المحدود، فقد تجد في جنباته وبين بسطاته وخيمه عشرات الميسورين وحتى الاغنياء احيانا، ممن يجد متعة في عجقة السوق وتنوعه وتداخل اصوات باعته ورواده، كل يبحث عن حاجاته مما لذ وطاب في سوق مثالية لا يضل فيه قاصده الطريق، ولا يعود منه فقير مكدر الخاطر أو قاطب جبين.

في سوق الخضر والفواكه يتدافع المئات على بسطات، لا ينقصها الا ما ندر وجوده في موسم الصيف الاسعار كما يقول بعض المواطنين متفاوتة، لكنها تناسب مدخول الفقراء حيث لكل بسطة زبائنها بحسب أبو محمد علي نجم، الذي اعتبر ان غلاء الخضر في رمضان لا يتحمله الفقراء لكن في الاسواق الشعبية يستطيع رب العائلة ان يؤمن حاجة الاسبوع بتكلفة معقولة مقارنة مع ما يمكن دفعه في المحلات، وكذلك في السلع الاخرى من البسة واحذية والعاب وهدايا.

النازح السوري أبو جود المحمد، اعتبر انه يقصد السوق بشكل دائم منذ نزوحه الى بلدة البيرة في قضاء راشيا قبل عامين، وهو يرى فيه ملاذا امنا من الغلاء ويؤمن حاجات اسرته المؤلفة من خمسة اولاد اضافة الى زوجته ووالدته، وهو يعمل في مهنة الغلف لانه لا يريد ان يبقى دون عمل. في حين لفت أبو علم مجيد إلى أن السوق في ضهر الاحمر محطة اسبوعية للبيع وللمواعيد وملجأ ذوي الدخل المحدود خاصة في الاعياد والمناسبات وهو «أبو الفقراء» وقبلة انظار المحتاجين.

العرقوب: مقاومة الركود
عيد مثقل بالهموم والقلق وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين في مناطق العرقوب وحاصبيا ومرجعيون (عمر يحيى)، من جراء الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يعانونها، في ظل غياب شبه تام للمغتربين والسياح، وتزاحم النازحون السوريون في هذه المناطق زاد الطين بلة مع غياب لفرص العمل، ناهيك عن الصواريخ العشوائية التي تنطلق بين والحين والآخر لتسقط داخل الأراضي اللبنانية جنوب الليطاني، ما حدّ من اقبال الناس على الشراء وحفظ القرش الأبيض الى يوم عسى ألاّ يكون أسودَ.
هوذا حال ابناء هذه المناطق من تجار ومستهلكين على حد سواء، اذ يشكو وجيه ابو همين من الهبارية، صاحب محل البسة واكسسوار في ابل السقي، ويقول «السوق معطّلة هذه الأيام لأسباب عدة، عدا ان تجارتنا تعتمد بشكل اساسي على قوات اليونيفيل وأبناء المنطقة من المغتربين الذين لم يفدوا اليها بعد نتيجة ما يجري من أحداث وأزمات في اكثر من بلد عربي وربما بسبب الصواريخ التي تنطلق من وقت لآخر وتسقط داخل الأراضي اللبنانية، ما يشل الحركة الإقتصادية»، مضيفا، «نحن لا نألو جهدا في سبيل خفض الأسعار تشجيعا للناس وتحريكا للدورة الإقتصادية، ولكن الوضع الإقتصادي وتفرعاته اصعب من الجميع».
«الوضع ليس كما كنا نتوقع ، وربما السبب ان الكثير من الموظفين لم يحصلوا بعد على رواتبهم»، هكذا يصف الحال اسماعيل القادري صاحب محل البسة من كفرشوبا، مضيفا، «الوضع الإقتصادي عامة والأمني خاصة يزيد الوضع سوءا وتراجع القدرة الشرائية لأكثر من 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي»، ويتابع، «رغم وجود آلاف النازحين السوريين في هذه المنطقة إلا انهم يعانون النزوح والظروف المادية الصعبة، التي لا تسمح لهم بشراء الألبسة ومتطلبات العيد».
«بالنسبة لنا ما في عيد»، هكذا تبدأ كلامها ام زياد، النازحة السورية من ريف دمشق والتي فقدت زوجها منذ رمضان الفائت ولديها ثلاثة أبناء، وتضيف، «وضعي يشبه الكثير من العائلات السورية النازحة وكل منها لها مأساتها اضافة الى بعدنا عن وطننا واهلنا وبيئتنا، وقدرتنا الشرائية صعبة ونكتفي بشراء قطعة واحدة من الألبسة أو لعبة متواضعة بقيمة زهيدة كي نخفف عن ابنائنا عذاب النزوح ومرارته».

كذلك ام محمد القادري، من كفرشوبا وام لخمسة أولاد، تشير الى ان «العمل في هذه المنطقة قليل جدا وقد لا يكفي متطلبات العائلة من مأكل وتأمين مستلزمات الدراسة، ما يضطرنا الى التقنين في كل شيء حتى شراء الألبسة، حتى وان كنا على ابواب عيد الفطر السعيد»، آملة ان يعود بافضل حال عما هو عليه اليوم».

جبيل: خجل.. والشراء للمأكولات

تبدو الحركة، وقبل أيام قليلة من عيد الفطر، عادية في اسواق مدينة جبيل التجارية (ماغي كرم)، وينتظر تجار المدينة واصحاب المحال فيها الأيام المقبلة التي تسبق العيد كي تنشط الحركة الشرائية مع تدفق الزبائن والمتسوقين في الساعات الأخيرة لشراء حاجات العيد.
حتى اليوم وقبل أيام معدودة الحركة لا تزال خجولة في اسواق جبيل والمجمعات التجارية، وقد سجل إقبال خفيف على محلات بيع الألبسة والأحذية التي أعلنت عن تنزيلات وتخفيضات لتشجيع الزبائن على الشراء والتسوق لاسيما في ظل القلق الأمني.
وقد تكون محلات الالبسة الولادية الأكثر إقبالا كما تبين من خلال جولة في سوق جبيل، فالأولوية تبدو للأطفال الذين ينتظرون العيد ليشعروا بفرحة الثياب الجديدة والألعاب والهدايا. ولكن هناك إجماع من التجار على تراجع الحركة الشرائية وتريث المواطنين في النزول الى الأسواق، والطلب يقتصر على المأكولات والمشروبات. كما يقول وجدي زعرور صاحب محل أحذية في السوق العام في المدينة ويسأل «عن أي حركة نتكلم؟ لم نشعر بحركة إقبال والعيد على الأبواب، والحركة طبيعية وعادية كما في كل أيام السنة، الا إذا تبدلت الأوضاع في اليومين الأخيرين».
وفي الشارع المقابل، تنزيلات وتخفيضات في الأسعار على واجهات المحلات دون أي محاولة لاستغلال فترة الاعياد لتحقيق الأرباح. تقول إحدى البائعات في محل ألبسة رجالية ونسائية: «لا شيء تغير، حركة شرائية أكثر من عادية، وهذا أمر طبيعي فالمواطنون يفضلون أن يؤمنوا لقمة الخبز وقطعة الحلوى لعيالهم واولادهم قبل اللباس».
اما في محلات الحلويات، فالأمر يختلف قليلا حيث بدأت عملية حجز الحلوى والسكاكر للعيد وأصحاب محلات بيع الحلوى في جهوزية تامة لتلبية طلبات المواطنين كما يقول روني جرتيني مدير محل قصر الحلو في فرع جبيل ويشير الى أن «شهر رمضان سجل حركة مقبولة، وها نحن اليوم نتلقى طلبات لحجز الحلويات والسكاكر قبل ايام من العيد. نحن قمنا بكل التحضيرات اللازمة لتوفير كميات تلبي طلبات المواطنين».