كتبت صحيفة “الراي” الكويتية أنّ لبنان يمضي في تبريد ملفاته السياسية والامنية والاجتماعية، مهما اشتدت حماوتها، تجنباً لانضمامه الى كرة النار المشتعلة في محيطه الاقليمي من سوريا الى غزة مروراً بالعراق، وبدا ان اطراف الصراع الاساسية فيه حريصة على الانتظام تحت سقف “التسوية” القائمة على ربط نزاع، والتي كانت عكستها حكومة الرئيس تمام سلام التي تضطلع بصلاحيات رئيس الجمهورية الذي تعذر انتخابه منذ شهرين بالتمام والكمال.
واثبتت هذه التسوية الاضطرارية الاشبه بـ”المساكنة بالاكراه” بين القوى المتصارعة في الداخل، جدواها رغم حاجتها لـ”صيانة” دائمة يمليها زنار النار الذي يحوط لبنان من الشمال والشرق والجنوب، خصوصاً في ظل المخاوف من تسرب الجماعات الارهابية الى الداخل على غرار ما حدث غير مرة على شكل سيارات مفخخة وانتحاريين وما شابه.
ورأت اوساط واسعة الاطلاع في بيروت ان الحصانة النسبية التي يتمتع بها الواقع السياسي والامني في لبنان لا تعني بالضرورة توقع حصول اختراقات جوهرية من النوع الذي يعكس تفاهمات فعلية، بل ان الامر المهم يقتصر على حماية الستاتيكو الحالي الاكثر ميلاً الى مهادنات لامرار مرحلة انتظار ما سيرسو عليه الزلزال الاقليمي المتعدد الساحة وارتداداته القاسية على المنطقة برمتها.
ورغم ان الدوائر المراقبة استبعدت كسر المأزق السياسي – الدستوري في وقت قريب عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فانها توقعت ان تحمل مرحلة ما بعد عيد الفطر افكاراً لمقاربات جديدة لسبل الخروج من الفراغ الرئاسي، تستند جميعها الى الحاجة لاقناع العماد ميشال عون بالتراجع عن اعتباره المرشح الاوحد للرئاسة والتحول الى احد الناخبين الاساسيين، الامر الذي من شأنه فتح الباب امام امكان التوافق على رئيس تسوية.
واللافت في هذا السياق ان “حزب الله” الذي يعتبر الشريك الاساسي لعون يتجنب مكاشفته باستحالة وصوله الى الرئاسة لعدم توافر النصاب السياسي في البلاد لانتخابه، رغم اقتناع الحزب بأنّ لا رئيس جديد للجمهورية من دون توافق قاطرتي “8 و14 آذار”، اي تيار “المستقبل” و”حزب الله”، وهي الثابتة التي لم تنضج ظروفها بعد لاعتبارات تتصل بموقف عون.