Site icon IMLebanon

أسواق طرابلس تنشط برغم الخروق

Safir

عمر ابراهيم

تشهد أسواق طرابلس إقبالا لافتا للانتباه عشية عيد الفطر، في مشهد يعول عليه المواطنون من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، لإعادة الحياة ولو في حدودها الدنيا إلى المدينة التي عاشت أزمات متتالية وما زالت، أدت إلى ضرب عصب الحياة فيها وتشويه صورتها وإفقادها دورها كعاصمة ثانية وحاضنة شمالية. وقد تسبب هذا الوضع بخسائر كبيرة على الصعد كافة، وأبرزها خسارة طرابلس محيطها الذي عزل نفسه عنها قسرا، قبل أن يعود مع استتباب الأمن نسبيا إلى التفاعل معها مجددا، وان كان تدريجيا.
تكشف جولة «السفير» على أسواق طرابلس الحديثة منها والقديمة، عودة ملحوظة للحركة بعد جمود كانت قد شهدته مع بداية شهر رمضان بسبب الأوضاع الاقتصادية من جهة، ووقوع بعض الحوادث الأمنية والتحركات الشعبية من جهة ثانية، وهو ما أصاب التجّار بحالة من اليأس قبل أن يتبدل المشهد في الأسبوع الأخير وتنشط الحركة بالرغم من استمرار التحركات، في مشهد يعيد إلى تلك الأسواق أمجادها السابقة، خصوصا مع تدفق الزبائن من مختلف مناطق الشمال، ومن كل أحياء طرابلس، ولا سيما جبل محسن بعد انقطاع دام سنوات عن زيارة المدينة.

حركة سياحية

يُسجل مع عودة الحركة إلى الأسواق، نشاط على الصعيد السياحي، حيث تشهد مقاهي المدينة ومطاعمها في منطقة الضم والفرز إقبالا لافتا، كذلك تلك الواقعة في عمق المدينة القديمة والأثرية، حيث عادت تؤدي دورها في استقطاب الزوار، في تقليد اعتادت عليه تلك المناطق، التي كانت تصل ليلها بنهارها، وهي اليوم تعود لتمارس ذلك النشاط الذي له فوائد إيجابية على الحركة الاقتصادية في الدرجة الأولى نظرا لانتشار العربات والبسطات المعدة لبيع الكعك والحلويات الشعبية والعصائر.
يمكن القول ان أبناء طرابلس الذين تأقلموا مع واقعهم الأمني، يعيشون حالة تحدٍ بكل ما للكلمة من معنى، ما ساهم في استعادة هذه الاسواق لحركتها، حيث لم تعرقل اندفاعتهم لاستعادة دورة الحياة تظاهرات الاحتجاج شبه المتواصلة، أو بعض الخروقات الأمنية التي تحصل من وقت لآخر، وكان آخرها حادثة المجمع بعد مقتل مطلوب بتهمة تزويد انتحاريي أحد فنادق الروشة بالأحزمة الناسفة، ويتجسد ذلك التحدي، بعودة الحركة في اليوم التالي الذي سبق العملية الأمنية الى محيط المجمع وسوقه، فضلا عن أسواق المدينة كافة.
ما كان يمكنه أن يؤدي إلى عرقلة عودة الحركة، إضافة إلى التظاهرات والخروقات، هي الشائعات التي تغزو المدينة، لا سيما مع ما يتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا ان ذلك لم ينل من عزيمة الطرابلسيين ولا الوافدين الى المدينة من أقضية الشمال، الذين في سبيل زيارة المدينة والتبضع منها وتمضية الوقت في مرافقها السياحية، يتحملون في بعض الأحيان عبء أعمال التحركات الاحتجاجية على التوقيفات الأمنية، والضغط النفسي الناتج من الشائعات.
تتركز الحركة في أسواق طرابلس القديمة لجهة بركة الملاحة مرورا بالسوق العريض ومتفرعاته، وصولا الى شارع عزمي ومحيطه ومنه الى الميناء، حيث تشهد تلك الاسواق زحمة سير خانقة وأرتالا من المتسوقين داخل المحال، وسط إجماع معظم التجار على ان الحركة انقلبت رأسا على عقب في الاسبوع الاخير، ونسبة الزبائن تضاعفت عما كانت عليه في العام الماضي في هذه الأيام نفسها، وهم يراهنون على الايام المقبلة، إذ من المتوقع أن تشهد المزيد من الإقبال، خصوصا مع قبض الموظفين رواتبهم.
لكن يبقى عند تجار المدينة وأبنائها، ما ينغص عليهم فرحتهم بهذه الحركة، لجهة عدم وجود إنارة دائمة في الطرق العامة، وغياب الزينة التي كان من شأنها أن تضيف مشهدا جماليا، فضلا عن انعدام النظافة في العديد من الطرق وانتشار الحجارة والعوائق على الأرصفة في الأسواق الرئيسية التي تركتها وراءها الشركات الملتزمة تأهيل الأرصفة، ولم ترفعها البلدية.
يضاف إلى هذا المشهد ظاهرة الدراجات النارية المنتشرة بكثافة وهي تجوب الأسواق في وقت ذروة وجود الزبائن، من دون أن تضع حداً لها القوى الامنية، خصوصا أن أصحابها يتجولون بها على الأرصفة وفي عكس السير، ما يتسبب بوقوع إشكالات مع المارة، فضلا عن المخاطر التي قد يتسببون بها على سلامة المواطنين من أطفال ونساء وشيوخ.