أوصى حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، المصارف بضرورة زيادة الحرص والتشدد في مراقبة حركة الأموال لديها، حتى بالنسبة للمبالغ البسيطة، نظراً لما قد ترتبه من غرامات كبيرة جداً، على النحو الذي يحدث حالياً مع المصارف العالمية التي ضُبطت مخالفتها للعقوبات.
ونوّه بضرورة التواصل المستمر مع المصارف المراسلة ومسؤولي التحقق لديها من الامتثال (Compliance) بدلاً من أن يتفاجأ لبنان بقرارات مؤذية.
وبحسب المداولات التي جرت في الاجتماع الشهري الذي ترأسه الحاكم مع مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، أكد الحاكم أنه لمس من الاجتماعات التي حضرها أخيراً أن منحى التشدد في التعامل والعقوبات مستمر عالمياً وسيزداد في المرحلة المقبلة، ما يفرض على المصارف في لبنان أن تتخذ كل التدابير وأن تقوي أنظمتها الداخلية تقنياً وبالعناصر البشرية خاصة عند فتح حسابات جديدة لئلا يمر من خلالها عمليات تبييض أموال وتمويل إرهاب فتفرض عليها غرامات يصعب تحملها.
ونبّه إلى ضرورة عدم التنافس على هذا الصعيد وعدم قبول زبائن جدد رفضتهم مصارف اُخرى. فقواعد العمل والنظم يجب أن تكون عند الجميع حتى لا يكون تفاوت في عمل المصارف.
التطورات النقدية
في مستهل الاجتماع، رأى الحاكم بالاستناد إلى معطيات حزيران، تحسناً في حركة الودائع بما فيها لغير المقيمين وتوقع على ضوئه معدل نمو سنويا للودائع بين 5 في المئة و6. ويدعم هكذا نمو الاستقرار في سوق القطع وكذلك الاستقرار في سوق الفوائد.
ورأى أن عملية تمويل الخزينة تجرى من دون تدخل مصرف لبنان وذلك أن حسابات الخزينة لديه دائنة بمبالغ كبيرة وكافية لتأمين حاجات الدولة التمويلية. يضاف إلى ذلك أن المجلس المركزي كان قد اتخذ قراراً بتوفير العملات الأجنبية للدولة لسداد ديونها بالعملات ودفع الفوائد المستحقة وتغطية اعتمادات النفط.
ورأى أن تمويل الدولة بالعملات لا يُضعف ميزانية مصرف لبنان، ذلك أن المجلس المركزي قرر في المقابل زيادة إصدارات شهادات الإيداع بالعملات وزيادة قبول الودائع بالعملات رغم تكلفتها بانتظار عودة المؤسسات الدستورية في البلد إلى عملها الطبيعي.
وتوقف الحاكم عند قضية مصرف «FBME« المملوك من مجموعة صعب المالية، مؤكداً أنه مصرف قبرصي ولا علاقة للبنان به، وأن مصرف «فدرال بنك لبنان« العائد لذات المجموعة هو مصرف مستقل وقد التزم بكل ما طالبته به السلطات النقدية والرقابية. ولو كانت عليه اي مآخذ لكانت أعلنت عنه الإدارة الأميركية.
وأعلم الحاكم المشاركين أن مصرف لبنان يدرس صيغة لحماية المستفيدين من القروض الاستهلاكية، باستثناء القروض السكنية، وذلك ربما من خلال احتياطي إضافي. وهذا التوجه استباقي إذ لا شيء يشغل البال حالياً.
ونبّه أخيراً إلى مخاطر التوظيفات في الدول الناشئة على ضوء ما يجري في روسيا على سبيل المثال، حيث يتم تسييل التوظيفات ونقلها إلى أسواق أخرى. المطلوب التدقيق في حجم التوظيف في هذه الأسواق وفي درجة تقويم (Rating) الأوراق المستثمر بها.
المؤسسة العامة للإسكان
في جانب آخر، أدرجت جمعية المصارف بقرار من مجلس الإدارة هذا البند على جدول أعمال اللقاء الشهري على ضوء الوضع المستجد والمتمثل بالعجز المالي للمؤسسة وعدم الإيفاء خلال عامي 2013 و2014 الجاري بكامل الفوائد المستحقة للمصارف جراء القروض السكنية الممنوحة للمستفيدين بموجب البروتوكول الموقع مع الجمعية واتفاقات القروض مع المصارف. ويمكن للعجز المالي المشار إليه أن يتفاقم خلال السنوات المقبلة.
وتمنت الجمعية على مصرف لبنان المشاركة في حل المشكلة الناشئة من خلال دعم شراء المصارف لديون المؤسسة على الزبائن إما باستعمال الاحتياطي الإلزامي بنسبة 100 في المئة إذا توفر أو الحصول على قروض ميسرة بفائدة 1 في المئة ويُخفف دعم مصرف لبنان من خسائر المؤسسة إذا تمّ خصم سندات الدين على المقترضين بفوائد السوق.
وجاء في رد الحاكم أن مصرف لبنان ليس طرفاً في الاتفاقية بين المؤسسة والجمعية والتي هي في النهاية ذات طابع تجاري، ورفض طلب إقرار دعم إضافي إلى ما هو قائم. ورأى أن تعاميم مصرف لبنان المتعلقة بالدعم السكني واضحة وعلى المصارف الالتزام بها. وفي حال تعثر أو تخلف أي طرف متعاقد عن الإيفاء بالتزاماته يتوجب تسجيل المبالغ بمثابة فوائد غير محققة (Unearned I.R).
وأوضح جانب الجمعية أن المؤسسة ليست زبوناً تجارياً عادياً بل مؤسسة عامة. ولا يجوز لها الاقتراض إلا بإجازة من الحكومة، وفي المقابل يكفل القانون سداد ديونها من قبل الخزينة (القانون رقم 719/98) لكونها بمثابة ديون على الدولة. وعليه لا يمكن اعتبار ديونها مشكوكاً بتحصيلها وتكوين مؤونات لها. ما يتطلب تعاون الجميع على حل المشكلة الطارئة واستدراكها قبل تفاقمها.
وشدّد الحاكم على موقف مصرف لبنان القاضي بعدم خلق سيولة جديدة في السوق علماً أن برامج التحفيز على التسليف السابقة بمعدل 1 في المئة تم اعتمادها كونها لا تؤثر في حينه على الاستقرار النقدي.
وفي الختام، تم التوافق على أن تسعى الجمعية لتعديل البروتوكول جذرياً مع المؤسسة وتالياً إعادة النظر باتفاقات القروض مع المؤسسة والزبائن بحيث يسدد المستفيدون مباشرة للمصرف الأصل والفوائد ضمن جدولة جديدة لكامل مدة القرض. ويمكن عندها للمصرف المركزي أن يبحث استمرار المصرف المعني الاستفادة من آلية الدعم القائمة أساساً للفترة الممددة.
ويُستنتج من هذا النقاش ضرورة أن تتريث المصارف المعنية كيلا نقول أن تتوقف حالياً عن منح القروض السكنية ضمن بروتوكول التعاون بين الجمعية والمؤسسة ريثما تتوضح الصورة وتتم المعالجة.
قبارصة في بيروت
وفي ما يتعلق بدعوة وزير مالية وحاكم المصرف المركزي القبرصي لزيارة بيروت في أيلول، تم التوافق مع مصرف لبنان على توجيه الدعوة المشار إليها، على أن يحدد موعد الزيارة بالتنسيق لكي لا تتعارض مع اجتماعات رسمية أخرى مقررة خلال أيلول في الخارج إقليمياً أو دولياً.