جون أوثرز
أين تتشكل الفقاعة التالية؟ وهل ستُلحق الضرر عندما تنفجر؟ بعد فقاعات العقدين الماضيين كافة، من المغري أن تحاول العثور عليها في كل مكان. لكن حتى لو بولغ بتسعير الأسهم، من الصعب اعتبارها فقاعة. إن أسعار الفائدة المنخفضة تدفع المستثمرين نحو الأسهم، غير أن الحماس الكبير الذي رافق الفقاعات الكلاسيكية عبر التاريخ لا وجود له.
لكن يبدو بالفعل أن الفقاعات التالية تتشكل في الائتمان. فئة الأصول التي قادت الأزمة المالية عام 2008، تضخمت مرة أخرى، من خلال المزيج العنيف نفسه من المكونات.
الآثار الثانوية على الاقتصاد يفترض أن تكون أقل صرامة بكثير مما كانت عليه بعد انفجار فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة، لكن الاتجاه لا يزال يُنذر بالخطر.
المكان الأكثر إثارة للقلق الذي ينبغي لنا مراقبته هو قروض السيارات في الولايات المتحدة. هذا ما يقوله أمير صوفي، من جامعة شيكاجو، وهو المؤلف المشارك لكتاب “بيت الديون” – المنشور هذا العام. لقد أظهر أن الركود العظيم في عامي 2008 و2009 كان بسبب انخفاض أسعار المنازل في الولايات المتحدة الذي أدى إلى خسائر مدعومة بالرفع المالي، وليس بسبب الأزمة المصرفية اللاحقة.
تلك الخسائر المدعومة بالرفع المالي كانت بسبب الإقراض المفرط لمقترضين ذوي تاريخ ائتماني ضعيف ومن غير ذوي الملاءة، الذي بدوره كان بسبب تشجيع ارتفاع عمليات التوريق المالي والحاجة إلى تقديم منتجات ذات مخاطر منخفضة مع تحقيق عوائد مرتفعة.
يقول صوفي إن الخبر السار هو أنه لا يوجد تكرار لهذه الحالة المرضية في سوق الإسكان، حتى مع ارتفاع أسعار المنازل. إن الإنفاق على الأجهزة المنزلية والأثاث نما بشكل أقل بكثير من الإنفاق ككل على مدى الأعوام الخمسة الماضية. كما أن استخدام المنازل وكأنها “أجهزة صراف آلي” لسحب السيولة عن طريق قرض عقاري ثانٍٍ هو في حدّه الأدنى، حيث لا يتعدى خُمس المعدل الذي شهدناه قبل أزمة الائتمان. لذلك على عكس الطفرة في العقد الماضي، الارتفاع الأخير في أسعار المنازل لم يحفّز الائتمان المفرط.
مع ذلك، في سوق قروض السيارات، هذا يعني أن المُقرضين يقومون بتنظيم إعادة تشغيل أزمة الائتمان. لقد كانت مبيعات قروض السيارات لضعاف الملاءة في العام الماضي أعلى مما كانت في عام 2007، كذلك كانت مبيعات قروض السيارات الرئيسة.
لكن مبيعات السيارات فشلت تماماً في عام 2009، لتصل إلى مستوى أدنى مما شهدته قبل عقد من الزمن. كما أن انتعاشها اللاحق كان أساسياً للانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة.
لقد أظهر صوفي أن مبيعات الولايات المتحدة من السيارات الجديدة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام زادت بسرعة أكثر من ضعف سرعة زيادتها في المناطق ذات التاريخ الائتماني الأكثر ضعفاً مما هي في المناطق حيث الأشخاص يملكون أفضل تاريخ ائتماني. وتوجد أيضاً تقارير تفيد بأن التخلف عن الدفع في تزايد.
حتى نكون واضحين، أقول إن طفرة قروض السيارات لضعاف الملاءة لا يمكن أن تسبب الكثير من الضرر بقدر طفرة القروض العقارية لضعاف الملاءة. المبالغ المعنية أصغر بكثير، والأشخاص لا يتوقعون أن تزداد قيمة سياراتهم كما أن السيارات يمكن استعادتها بسهولة. لكن لا يوجد ما يُعادل حالات الدراما المكلفة التي تشتمل على استرداد البيوت من أصحابها الذين عجزوا عن السداد.
بعض النمو قد يكون جيداً بشكل غير متوقع – أساطيل السيارات تصبح قديمة، والعديد من عمليات شراء السيارات المؤجلة تكون خلال فترة الركود، وبالتالي قد يكون هذا إلى حد ما لحاقاً جيداً بالركب. لكننا سنعرف قريباً؛ كلما استمر النمو في قروض السيارات لمدة أطول، أصبح من الصعب أكثر اعتباره أي شيء آخر غير أنه فقاعة.
لكن لا يزال هناك سبب للخوف من أن فقاعة سيارات منفجرة ستكون لها عواقب اقتصادية خطرة. باستثناء الإنفاق على السيارات، ربما كان نمو المبيعات الحقيقة في الولايات المتحدة سلبياً في النصف الأول من هذا العام. والانتعاش في قطاع السيارات ربما لقي دعماً من التمويل الرخيص المتوافر – الذي يعني أن فقاعة منفجرة في القطاع سوف تسبب الأذى.
مشكلات الائتمان لا تقتصر على قروض السيارات. “جان لويز” وهو كبير اقتصاديي السوق في “جيه بي مورجان”، يشير إلى أن الفقاعات المستقبلية غالباً ما تظهر في فئات الأصول الأسرع توسعاً.
على هذا الأساس، توسّعت ديون الشركات في الأسواق الناشئة أكثر بكثير من أي فئة أصول أخرى منذ نهاية عام 2008؛ زادت نحو خمسة أضعاف. والسندات الأمريكية ذات العائد المرتفع أو “الخطرة” وسندات حكومات الأسواق الناشئة هي التالية على القائمة.
لقد توسّعت جميع الفئات أسرع بكثير من السلع الاستهلاكية أو الأسهم. ومثل الأسهم، سعر فئات الأصول هذه ساعدته المعدلات المنخفضة المتوافرة في السندات “الخالية من المخاطر”، الأمر الذي جعل المستثمرين على استعداد أكثر للمجازفة والبحث في أماكن أخرى.
هناك مجال واسع لنمو سندات الشركات في الأسواق الناشئة. ذلك أن الشركات تحتاج للمزيد من التمويل، كما أن اقتصاداتها تنمو بسرعة أكبر مما هي في العالم المتقدم. لكن هذه هي تماماً الظروف التي يمكن أن تشكّل الفقاعات. لقد قادت الإنترنت الكثير من النمو الحقيقي، لكنها مع ذلك أدت إلى إيجاد واحدة من أكبر الفقاعات في التاريخ لأن الأشخاص تحمسوا وبالغوا في تقدير ذلك النمو.
هناك سبب آخر للقلق بشأن الديون. عندما ارتفعت أقساط القروض في عام 2007، كان الائتمان بمثابة أداة غالباً ما استخدمتها المؤسسات. الآن، بفضل صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة، أصبح الائتمان متوافراً بسعر منخفض للمستثمرين الأفراد.
ومع أن سندات الشركات في الأسواق الناشئة تميل لأن تكون أقل سيولة بكثير من الأسهم، إلا أنها متوافرة من خلال صناديق الاستثمار المتداولة، التي تتعهد بأن تكون سائلة بسهولة مثلها مثل أي سهم. ما الذي يحدث إذا حاول عدد كبير من المستثمرين الخروج في وقت واحد؟
لا يزال الائتمان بعيداً جداً عن التوسّع المفرط المجنون الذي وصل إليه عام 2007، لكن بعض زوايا سوق الائتمان تتفاقم وذلك ينبغي أن يُثير القلق.