جوزيف فرح
تتفاعل قضية مصرف BNP Paribas على خلفية اتهامه بعمليات تخالف الحظر الأميركي المفروض على السودان وإيران وكوبا. وقد أرخت هذه القضية بظلالها الثقيلة على المصارف العربية واللبنانية خصوصا مع ما طرأ بعدها منذ أيام لجهة إقرار صيغة معدلة لمشروع القانون الأميركي المسمى “مكافحة النشاط المالي الدولي لحزب الله”، مرورا بفرض عقوبات على شركة Stars Group Holding اللبنانية للاتصالات، وصولا إلى تداعيات اتهام مصرف FBME في قبرص وما قد يطرأ لحين استئناف المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني بعد أشهر.
عن هذه القضايا القانونية، أجابنا الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت والذي يرأس اللجنة المصرفية في نقابة المحامين المحامي الدكتور بول مرقص، بالقول: “النظام القانوني الأميركي هو الأشهر والأقدر عالميا على فرض قوانينه خارج الإقليم الوطني بموجب ما يعرف بال Power Grab، مثال قانون فاتكا FATCA الذي استحدث أخيرا لمكافحة تهرب المكلفين بالضريبة الأميركية من دفعها أنى وجدوا. في قضية BNP Paribas، تعتبر السلطات الأميركية بأن العمليات التي تتم بالدولار الأميركي (80 % من العمليات في العالم) وإن بين دولتين أجنبيتين، تقع تحت سلطتها كون تسوية هذه العمليات تتم عن طريق المقاصة من خلال النظام الأميركي ما يجعل القانون الأميركي واجب التطبيق، وأن لها الحق تاليا في أن تعرف من هو المستفيد النهائي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، مستفيدة من قدراتها المعلوماتية. فيما اعتبر BNP Paribas أنه لم يرتكب أي خطأ كونه احترم القوانين الفرنسية والسويسرية”.
وعن مشروع قانون حظر النشاط المالي الدولي ل”حزب الله”، قال: “بتاريخ 8/6/2010، تقدم عضوا لجنة الشؤون الخارجية المعنية بشؤون الشرق الأوسط في الكونغرس مارك ميدوز وبراد شنايدر بمشروع قانون يتيح للسلطات الأميركية ملاحقة المصارف التي تتعامل مع حزب الله أو أشخاص مرتبطين به. وبعد إجراء بعض التعديلات على مشروع القانون، وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي بالإجماع بتاريخ 27/6/2014 على صيغة معدلة للقانون الذي يرمي إلى تحديد الجهات الداعمة لقناة المنار، وإلى تصنيف حزب الله منظمة “اتجار بالمخدرات” وكمنظمة “إجرامية” عابرة للحدود”.
وأبدى ارتياحه “لدراية تعامل حاكم مصرف لبنان المعهودة ويقظة المصارف اللبنانية في هذا الخصوص”.
وعن التاريخ المرتقب لصدور القانون، أجاب: “يجب أن ينال مشروع القانون موافقة مجلسي النواب والشيوخ كي يصبح نافذا. وقد وافق مجلس النواب بالإجماع على صيغة معدلة للقانون. وبالتالي، يبقى على مجلس الشيوخ الموافقة على صيغة المشروع عينها كي يصبح قانونا. مجلس الشيوخ سيكون في إستراحة خلال شهر آب ويستأنف أعماله في أيلول وتشرين الأول قبل بدء الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني 2014”.
أما عن جدوى القانون فقال: “أموال المنظمات المحظورة أميركيا تكون مودعة عادة بأسماء مستعارة ومن الصعب ضبطها من قبل المصارف الخاصة عملا بالقوانين الأميركية. لكن واضعي مشروع القانون الحاضر ابتدعوا طريق مواربة تقضي بالضغط على البنوك المركزية كي تضغط بدورها على المصارف. وهذه هي الخصوصية المستجدة في مشروع القانون”.
وختم مرقص: “يحظى القانون بتأييد واهتمام مجلسي النواب والشيوخ خاصة بعد الحرب على غزة، إذ أن كثرا من أعضاء هذين المجلسين يعتبرون أن حماس ترتبط مع حزب الله بصلة قربى وفق التعبير الأميركي “cousin”.