IMLebanon

الاتجاهات الرئيسة لصناعة الطاقة العالمية في 2013

OilWorld

نعمت أبو الصوف

تنشر شركة بريتيش بتروليوم في شهر حزيران (يونيو) من كل عام، منذ سنة 1952، استعراضا إحصائيا عن اتجاهات الطاقة العالمية من عرض، طلب، تجارة، احتياطيات وغيرها. وتراجع هذه الخلاصة الوافية من البيانات بانتباه شديد ليس فقط من قبل المختصين في الطاقة، بل تقرأ أيضا من قبل شريحة واسعة من الناس خصوصا صناع القرار، حيث إن نوعية وشمولية المعلومات التي تحتويها مكنتها من الانتشار على مر السنين.
مما لا شك فيه أن عملية جمع إحصائيات صناعة الطاقة العالمية ليس بالأمر اليسير، فمن الواضح أن نوعية البيانات متفاوتة جدا وأن الأرقام المختارة عرضة للنقد. لكن هذه هي طبيعة العملية، إن دقة المعلومات المتوافرة هي ضمن نسبة الخطأ المقبولة. في هذا المقال سأستعرض أهم الاتجاهات الرئيسة لصناعة الطاقة العالمية التي تضمنتها نشرة هذا العام.
من ناحية الطلب على الطاقة تبين الأرقام أن الدول الناشئة كانت مسؤولة عن نحو 80 في المائة من النمو في الطلب العالمي على الطاقة في عام 2013، وتقريبا عن 100 في المائة من الارتفاع على مدى السنوات العشر الماضية. كانت الصين والولايات المتحدة وحدهما مسؤولتين عن أكثر من 72 في المائة من النمو في الاستهلاك العالمي للطاقة في عام 2013، حيث ارتفع الاستهلاك بنسبة 4.7 في المائة في الصين وبنسبة 2.9 في المائة في الولايات المتحدة.
تشير الإحصائيات إلى استمرار تراجع حصة استهلاك النفط في مزيج الطاقة العالمي، حيث انخفضت إلى نحو 33 في المائة في عام 2013. تراجعت أيضا حصة الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة، عندما انخفض إلى 23.7 في المائة، لكن هذا الاتجاه ليس طويل الأجل. من ناحية أخرى، واصلت حصة الفحم الحجري في الارتفاع لتمثل نحو 30.1 في المائة من مزيج الطاقة العالمي في عام 2013، وتجدر الإشارة هنا إلى أن نصيب الفحم في إجمالي استهلاك الطاقة العالمي قد ارتفع بشكل مستمر منذ عام 2002.
وشكلت مصادر الطاقة الجديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والمقصود هنا تلك المصادر التي لم تكن جزءا من مزيج الطاقة العالمي قبل عشر سنوات، نحو 81 في المائة من النمو في الإنتاج العالمي للطاقة الأولية في عام 2013. تشمل هذه المصادر بصورة رئيسة الموارد الهيدروكربونية غير التقليدية (مثل السجيل الغازي، الصخر الزيتي، الرمال النفطية وغيرها) ومصادر الطاقة المتجددة.
من ناحية الاحتياطيات البترولية، ارتفعت احتياطيات النفط والغاز الطبيعي المؤكدة في العالم بنسبة 27 و19 في المائة على التوالي خلال السنوات العشر الماضية، على الرغم من ارتفاع حجم الإنتاج من هذه المصادر بنسبة 11 و29 في المائة على التوالي خلال الفترة نفسها.
بخصوص الطلب على النفط، نما الاستهلاك العالمي على النفط بمقدار 1.4 مليون برميل في اليوم في عام 2013. وبلغت حصة الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (non-OECD) في استهلاك النفط العالمي 51 في المائة في عام 2013، هذه هي السنة الأولى التي تتفوق فيها على الدول الأعضاء (OECD) وتعتبر نقطة تحول مهمة ورئيسة في اتجاهات استهلاك النفط. ارتفع استهلاك النفط في الولايات المتحدة بنحو 400 ألف برميل في اليوم في العام الماضي، الذي كان أكبر قليلا من الزيادة في استهلاك الصين التي بلغت 390 ألف برميل في اليوم، وهي أصغر زيادة لها منذ عام 2002. هذه هي المرة الأولى التي يحدث هذا منذ عام 1999.
أخيرا وليس آخرا من ناحية العرض، تشير النشرة إلى استمرار الولايات المتحدة بتحقيق معدلات نمو عالية في إنتاج النفط بلغت 1.1 مليون برميل في اليوم في العام الماضي. هذا وارتفع الإنتاج العالمي للنفط بنحو 560 ألف برميل في اليوم في عام 2013، مع ارتفاع الإمدادات من المنتجين من خارج أوبك بنحو 1.2 مليون برميل في اليوم. كما هو واضح شكلت الولايات المتحدة الجزء الأكبر من هذه الزيادة، كما أسهمت كندا وروسيا في هذا النمو، حيث ارتفع إنتاجهما بنحو 210 و150 ألف برميل في اليوم على التوالي. من داخل أوبك، رفعت دولة الإمارات العربية المتحدة إنتاجها بنحو 250 ألف برميل في اليوم.
تشير أرقام النشرة إلى أن إنتاج النفط والسوائل الهيدروكاربونية الأخرى في الولايات المتحدة وصل أكثر من عشرة ملايين برميل في اليوم في عام 2013، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1986، كانت هذه هي السنة الثانية على التوالي التي يحقق فيها الإنتاج الأمريكي معدل نمو يتجاوز واحد مليون برميل في اليوم. ويرتبط هذا الاتجاه ارتباطا وثيقا بارتفاع إنتاج الصخر الزيتي من تشكيل باكن في حوض ويليستون في شمال داكوتا والنسر فورد في جنوب تكساس. لقد أسهمت هذه الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة في التعويض عن الانقطاعات غير المبرمجة الناجمة عن الاضطرابات في العديد من الدول المنتجة خاصة في ليبيا، سورية، اليمن، إيران والسودان/جنوب السودان. هذا الاتجاه في نمو الإمدادات من الولايات المتحدة من المتوقع أن يستمر هذا العام أيضا، حيث إن ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي منذ بداية عام 2013 كان أكبر مما كان عليه في عام 2013.
بالإضافة إلى ذلك تشير أرقام النشرة إلى أن حجم الزيادة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة في عام 2013 كان واحدا من أكبر الزيادات التي لم تسجل في السابق من قبل أي منتج للنفط، ما عدا المملكة العربية السعودية التي قامت على نحو أفضل من ذلك في تسع مناسبات في السابق، كان آخرها في عام 2003.