أصبح من المؤكّد أنّ كرة السلّة اللبنانيّة أمام معضلة جديدة، وهذه المرّة ليست مشكلة سياسيّة إنّما أقتصاديّة.
فبطولة لبنان لكرة السلّة لموسم 2013-2014، كادت مباراتها النهائيّة أن تدخل كتاب غينيس للأرقام القياسيّة من حيث أنّها احتاجت لأسابيع ثلاث لكي تحسم أمرها، ويعرف إسم بطلها وهو نادي الرياضي، وذلك بعد شحن للنفوس في الملاعب، استدرج المدرّجات، فاللاعبين. فكان أن توقّفت مراراً، حتّى رست من دون جمهور و مع قرارات توقيف و تغريم بالجملة… فولد للعبة بطل وتنفّس الجميع الصعداء، واجتازت الرياضة اللبنانيّة قطوعاً كاد أن يودي بها. ذيول مشاكل كرة السلّة وما رافقها الموسم الماضي والموسم الذي سبقه، عندما توقّفت البطولة وتجمّدت مشاركات لبنان في الخارج، أضف إليها المشاكل الاقتصاديّة المتزايدة، جاءت تردّداتها، ليلوح في الأفق ما كان مراقبو السلّة يخشوه في السنوات الأخيرة، ويظهر اليوم علناً أنّ إدارات الأندية لم يعد بإمكانها تأمين أو حتّى تسكير الميزانيّات لبناء فرق الدرجة الأولى.
فالبطولة الأخيرة كسرت كلّ الأرقام القياسيّة في ميزانيّات فرق الدرجة الأولى، حيث وصلت وبمعلومات خاصّة لموقعنا، ميزانيّة الحكمة إلى مليونين و ثمانماية ألف دولار أميركيّ والرياضي إلى نحو مليونين وثلاثماية ألف دولار أميركيّ. وقد جاء المتّحد في المركز الثالث بميزانيّة وصلت إلى نحو مليون وستّماية ألف دولار أميركيّ، وكذلك نادي عمشيت. ولحقتهم فرق التضامن، بيبلوس والشانفيل، التي فاقت ميزانيّاتها المليون دولار، وبدرجة أقلّ نادي الهومنتمن، لتكون كرة السلّة وأنديتها ذهبت إلى مسافة أبعد بكثير من الواقع على الأرض. فكان أن بدأ المستثمرون والداعمون يصلون إلى حدّ إعادة الحسابات ووضع الأمور في نصابها الحقيقيّ، حيث توصّلوا إلى الاقتناع بأنّ ما يضعوه في خدمة كرة السلّة هو أكثر بكثير من الواقع، وممّا يجب أن تكون عليه الأمور.
واليوم، وقبل نحو شهرين على انطلاق بطولة الـ2014-2015، يبدو أنّ مستقبل اللعبة غير واضح المعالك، فالأندية أخذت قرارها في شكل تلقائي بتخفيض كبير في ميزانيّاتها عبر إجراء تقييم جديد لرواتب اللاعبين التي وصلت في البطولة الأخيرة إلى أرقام خياليّة بالنسبة إلى الأندية، فكان ذلك واضحاً في الاجتماع الذي عقده رؤساء الأندية ومطالبتهم بلاعب أجنبيّ ثالث على أرض الملعب (9 رؤساء من أصل عشرة أندية في الدرجة الأولى مع تحفّظ الرياضي على الصيغة المقترحة)، وذلك للتخفيف من رواتب اللاعبين المحلّيين عبر تقليص دورهم على أرض الملعب لإعادة التوازن إلى مكانه.
بدأ اللاعبون المحلّيون في أوساطهم حملة ضدّ اتّجاه الأندية، محمّلين إداراتها ومدرّبيها مسؤوليّة قبولهم سابقاً بهذه الأرقام، وذلك في صراع الأندية بينها، ممّا أدّى وحسب اللاعبين إلى هذا الارتفاع. وبهذه الأجواء الملبّدة واتّخاذ الأندية بلجانها قراراً بتخفيض ميزانيّاتها، كالمتّحد والشانفيل والتضامن وعمشيت، وكذلك نادي الحكمة، تبدو الصورة الإداريّة غير واضحة مع عدم حماس داعمي الأندية للاستمرار في تقديم الدعم المالي، أو حتّى في أفضل التقديرارت، سيضطرون الى وضع سقف لما يلتزمون به وخصوصا بعد التجارب في السنوات الماضية.
هذا هو غيض من فيض واقع كرة السلّة حاليّاً، حيث أنّه إذا لم يتمّ إيجاد ضوابط ثابتة تلتزم بها الأندية وكذلك اللاعبون، فإنّ الجميع سيكون خاسراً حتماً.